إلى أين يتّجه الوضع في الشرق؟

إلى أين يتّجه الوضع في الشرق؟

 

Telegram

 

 

كتابة : *اورنيلا سكر 

 

المنطقة تتّجه اليوم نحو استعمارٍ جديد يتخفّى تحت مسمّى "التطبيع"، يُعرّيها أمنيًّا، ويفتح الأبواب على مصراعيها لانفلاتٍ أخلاقيٍّ غير مسبوق، يتجلّى في الترويج الممنهج للمثلية، وتفكيك القيم، وطمس الخصوصيات الثقافية والدينية.

 

نحن أمام إطلاق رصاصة الرحمة الأخيرة في نعش هذا الشرق؛ من خلال تفكيك الأسرة، وتدمير الجيوش الوطنية، وتفريغ المرأة من سياقها الإنساني والثقافي، في مشهد يُعيد تشكيل الواقع بعيدًا عن جذوره الحضارية. إنه انقلاب ناعم على تاريخٍ طالما مجّد المقاومة، ورفع راية الكرامة والسيادة في وجه المستعمر.

 

نشهد اليوم تحوّلًا خطيرًا في المناهج التربوية والتعليمية، يُعيد صياغتها بما يخدم مصالح القوى الكبرى، ويُعيد إنتاج المجتمعات العربية كدويلات طائفية متصارعة، مستنزَفة داخليًا في صراعات دينية ومذهبية، فيما تُوجّه مشاريع التنمية نحو الاستهلاك العقيم، والعقارات، والسياحة المُفرغة من القيم، والدعارة المُقنّنة تحت شعارات الحداثة والتقدّم. تُروَّج هذه المنظومة عبر إنتاج سينمائي ومسلسلات عربية تُشرعن الابتذال والانحلال وتسخّف الوعي.

 

إنّنا اليوم أمام نظام عبودية حديث، يُعيد تشكيل الواقع برؤية رأسمالية متوحشة، لا تؤمن بالأخلاق، وتقدّس الفردانية المتطرفة، والإباحية، والخيانة، كقيم جديدة تحت لافتة العولمة.

 

أما القضية الفلسطينية، فقد بات التعاطف معها جريمة تُقابَل بالعزل، والسجن، والتعذيب، فيما يُفرَض القمع على أيّ إنتاجٍ فنيّ أو إعلاميّ يُحاول استعادة صورة المقاومة، أو الدفاع عن الهوية، أو التعبير عن خصوصية الشعوب وأصالتها.

 

أضِف إلى ذلك اغتيال العلماء والمفكرين في وضح النهار، ضمن مخطط محكم للقضاء على أي إمكانٍ للنهوض أو الاستنهاض، بهدف تدمير المجتمعات من الداخل، وتحويلها إلى فريسة سهلة في يد المستعمر، تمكينًا لهيمنته وسطوته، وتفكيكًا للإرادة الجمعية، وجعل الإنسان العربي خاضعًا مذلولًا، منزوع الإرادة، فاقدًا للقدرة على تقرير مصيره أو مقاومة غاصبيه.

 

نحن أمام خروقات ممنهجة، واستباحات أمنية، وتجسّس مكشوف، وشبكات من العمالة الناعمة التي تعمل على تفتيت الأوطان من داخلها.

 

نعم، المشهد بهذه السوداوية!

 

فمباركٌ لكم "التطبيع"... عذرًا، إنه الاستعمار الجديد.

 

*صحفية متخصصة في الدراسات الاستشراقية

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram