النوم يساهم ببناء الدماغ لخرائطه الذهنية ويحول التجارب إلى ذكريات
كشفت دراسة حديثة أجراها علماء الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عن آلية جديدة يبني من خلالها الدماغ خرائط ذهنية للمساحات المحيطة، وأظهرت الأبحاث التي أجريت على الفئران أن بعض الخلايا العصبية تشفر المواقع المحددة بسرعة، بينما يتطلب تكوين خريطة إدراكية متكاملة مجموعة أوسع من الخلايا العصبية وتكرار التجارب بالإضافة إلى النوم.
ونشرت الدراسة في مجلة "Cell Reports"، وأكدت أن الخرائط الإدراكية لا تعتمد فقط على "خلايا المكان" المتخصصة في الحصين، بل أيضا على خلايا عصبية أخرى تتفاعل في البداية بشكل ضعيف مع المواقع المحددة، ومع مرور الوقت تبدأ هذه الخلايا في التنسيق مع خلايا المكان، مشكلة أنماطا تعكس هيكل البيئة المحيطة.
كيف يتحول التعرف على الأماكن إلى خريطة ذهنية متكاملة
منذ سبعينيات القرن الماضي عرف العلماء أن بعض الخلايا العصبية في الحصين تنشط عندما يتواجد الحيوان في مكان معين، لكن بناء خريطة ذهنية يتطلب أكثر من مجرد نقاط منفصلة فهو يحتاج إلى شبكة تربط بينها، واقترح عالم النفس إدوارد تولمان فكرة "الخرائط الإدراكية" عام 1948، وبينما دعم اكتشاف خلايا المكان نظريته، ظلت آلية ربط الدماغ بين المواقع الفردية لإنشاء خريطة كاملة غير واضحة.
وفي هذه الدراسة استخدم الباحثون فئرانا استكشفت متاهات غير مألوفة على مدار عدة أيام دون مكافآت أو عقوبات، مما سمح بدراسة كيفية تعلم الدماغ للتخطيط المكاني دون تعزيز خارجي، وتم تتبع نشاط الدماغ باستخدام تقنية التصوير بالكالسيوم المتقدمة، حيث سجل الباحثون نشاط مئات الخلايا العصبية في الحصين أثناء استكشاف الفئران للمتاهات أو راحتها في أقفاصها.
دور النوم الحاسم في تكوين الذاكرة المكانية
واكتشف الباحثون أن تحول النشاط العصبي إلى خريطة ذهنية متماسكة يعتمد بشكل كبير على النوم، فعندما سمح لفئران بالنوم خلال فترات الراحة بين جلسات الاستكشاف، تحسنت دقة تمثيل نشاطها العصبي لهيكل المتاهة، وفي المقابل لم تظهر الفئران التي حرمت من النوم هذا التحسن.
كما وجد الباحثون أن الخلايا العصبية ذات الاستجابة الضعيفة للمكان تلعب دورا محوريا في تشكيل الخريطة الإدراكية، حيث تصبح أكثر تناسقا مع الشبكة العصبية الكلية، خاصة أثناء النوم وأظهرت النتائج أن هذه الخلايا، رغم ضعف استجابتها في البداية تساعد في بناء تمثيل مرن ومترابط للبيئة.
نتائج وتحديات البحث لفهم أعمق لدور النوم في الذاكرة
ومن أبرز النتائج التي توصل إليها الباحثون أن الخلايا العصبية الضعيفة الاستجابة للمكان تصبح أكثر تناسقا مع الشبكة العصبية خلال النوم، كما أن النوم يعزز إعادة تنظيم النشاط العصبي ليعكس هيكل البيئة المحيطة، وإعادة تنشيط الذكريات أثناء النوم (replay) يساعد الدماغ على تعزيز الروابط بين الأماكن المختلفة.
ورغم أهمية هذه النتائج فإن للدراسة بعض القيود، مثل الاعتماد على تصوير الكالسيوم الذي يوفر قراءات أبطأ وأقل دقة من التسجيلات الكهربائية المباشرة، كما اقتصرت التسجيلات على جزء من الحصين، دون تغطية مناطق أخرى قد تساهم في الذاكرة المكانية.
ويخطط الباحثون لمواصلة استكشاف الدوائر المحلية في الحصين وتفاعلاتها مع مناطق الدماغ الأخرى أثناء تكوين الذاكرة، مما قد يفتح آفاقا جديدة لفهم أعمق للآليات العصبية الكامنة وراء التعلم والذاكرة
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي