في قلب الشرق الأوسط، وتحت أعين العالم المتربصة، تخصّب إيران اليورانيوم. ليس الأمر مجرّد مشروع نووي، بل مواجهة مفتوحة بين طموح إقليمي وقلق دولي، بين من يسعى لفرض سيادته وبين من يخشى زوال نفوذه. تخصيب اليورانيوم أصبح كناية عن تحدٍ سياسي واستراتيجي قد يغيّر وجه الشرق الأوسط إلى الأبد.
إيران لم تعد تهدد ورفعت نسبة التخصيب إلى حدود تلامس الخطوط الحمراء الموضوعة دوليًا، وأكدت قدرتها على تطوير برنامج نووي متكامل في زمن قياسي. هذا التطور لا يُقلق الغرب فقط، بل يهزّ عمق إسرائيل، التي ترى في امتلاك إيران لقوة نووية تهديدًا وجوديًا يُسقط تفوّقها العسكري، ويقوّض موازين الردع التي طالما اعتمدت عليها وضعها في مرمى الخطر..
فهل يمكن أن تمحو إيران إسرائيل كما تخشى ؟ وهل يمكن رمي اسراىيل في البحر!!! الواقع أن الردع النووي لا يعني بالضرورة إطلاق قنبلة، بل يكفي أن يكون التهديد قائمًا لتتبدل المعادلات. وجود قوة نووية في طهران يُضعف هامش المناورة لدى تل أبيب، ويجعل أي عدوان محتمل مكلفًا، بل مستحيلًا. وهكذا، قد لا تحتاج إيران لإطلاق رصاصة كي تغيّر خريطة الشرق الأوسط... يكفي أنها باتت تملك ورقة نووية على طاولة اللعب.
وهذا له انعكاسات تتجاوز تقنية تخصيب اليورانيوم وتأثيرهم على المنطقة او قامت استراتيجية إسرائيل على نظرية التفوق بالسلاح وحده ما يعني ان موازين الردع تُعاد صياغتها لحظة تحول ايران دولة نووية امتلك التقنية وليس بالضرورة السلاح
وها هو الغد الايراني يوشك أن يعلن ثورته
فالسماء لم تعد تحمي الغطرسة وإذا سقطت طائرات الشبح، فقد ترتجف معها عروش التفوق الغربي على الشرق ويُولد عالم جديد بموازين القوة لا تُكتب بالحبر فقط، بل بالكرامة والنار يدخل المنطقة حالة فيها دول الخليج تترقّب، تركيا توازن، وروسيا تلوّح. أما أميركا تتخبط بين عقوبات لا تُجدي وتهديدات لا تُنفّذ. وفي هذه الزحمة، تبدأ خريطة الشرق بالاهتزاز: تحالفات تتبدل، توازنات تنهار، وشعوب تترقب ما إذا كانت الشمس ستشرق على شرقٍ جديد خالٍ من الغطرسة والغدر في عالمٍ تعتم فيه السياسة وتتصادم فيه الأطماع يفرض تخصيب اليورانيوم واقع أكثر من مسألة تقنية ليتحول ورقة مصير، قد تُحدث انفجارًا لا في المفاعلات، بل في خرائط العالم ومعادلات النفوذ.
إيران اليوم لا تخصّب فقط ذرات اليورانيوم، بل تخصّب أيضًا المعادلات السياسية، وتعيد صياغة مفهوم الردع والهيمنة.وإن كانت إسرائيل تظن أن الغلبة للسلاح وحده، فإن معادلة الشرق تتبدّل، وأصوات الشعوب المقهورة بدأت تتعالى من بين الركام، تنادي بالكرامة لا بالقنابل، بالسيادة لا بالاحتلال.
وختامًا، يبقى قوله تعالى وعدًا لا يُخلف:
"إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا... إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ..."* (القصص: 4-5)
فإذا سقطت موازين الطغيان فلا بد أن تشرق شمس العدل من جديد، ولو بعد حين
د.محمد هزيمة كاتب سياسي وخبير استراتيجي مستشار في العلاقات الدولية
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :