قدم وليد جنبلاط أوراق اعتماده للأميركيين ليحجز دوره المستقبلي ويبدد قلقه والخشية التي يعيشها منذ مجازر سوريا التي ارتكبت بحق الدروز ولم يشفع تذلله على ابواب الجولاني ، وهذا ليس جديدًا، لا من حيث الموقف المتقلب ولا خوفه من سلاح المقاومة او النظرة للحزب. وما يحمل زعيم الجبل وبطل حربه من حقد دفين عجز طويلا عن إظهاره. فهو كعادته يذهب بعيدًا ويرفع السقف بطريقة تصاعدية تجمع بين عقدتين يعاني منهما:
- الاقلوية العددية
-والدونية بتركيبة النظام اللبناني فهو عجز ان يفرض نفسه شريكا رابعا في ترويكا الحكم، ما جعله ساعيًا لدور قيادي كدوره في ساحة الشهداء بدعم من جفري فيلتمان سفير أميركا السابق في بيروت (بدنا التار من لحود ومن بشار).
وهذا النمط يحرك الغرائز داخل مجتمعه المغلق والذي لا يقبل التعدد والتنوع بالزعامة الموروثة والتي اغدق عليها زعيم المختارة من خزينة الدولة ونعيم صناديقها وتقاسم مواردها بحصة كبيرة فرضها النفوذ السوري وقرار عبد الحليم خدام .ثبتت جنبلاط حاله وازنة لم يؤثر معها اعتماد وجوه جديده اعتبرت نافرة وطنيًا واجتماعيًا وسقطت أمام إقطاعية وليد بك المتجزرة ومن موروثات الاستعمار تحظى بدعم غربي فرضته على الأنظمة العربية وحكوماتها حالة لها خصوصية صرفها قائد مليشيا الجيش الشعبي بخدمة مشاريع الغرب الاميركي الراعي الحاضن والممول لتجمع سياسي يقوده جنبلاط بنفسه يجمع كل المناقصات يسعي فيه بطل حرب الجبل وقائد مجازرها ان يكون نواته ليحمي فساده ويطمس معالم ماضيه القذر وغدر تقلباته واهداف جنبلاط معروفة بمقدمها:
- الاستمرار بالسلطة بحجم متورم
- سحب سلاح المقاومة وشيطنة فريقها
- إنهاء حالة الثنائي الوطني وتقزيم حجمها
فكلمة جنبلاط بداية لتحركات أوسع وإعلان قيامة تجمع معارض يعادي المقاومة يحمل المطالب الاسرائيلية هدفه التطبيع بقناع الابراهمية بدات سمفونيتها تعزف على أنغام ظروف استثنائية لمن توهموا بوصول سفير أميركا "باراك " مبعوثًا خاصا للرئيس الاميركي حاملا مطالب اسرائيلية اميركية برسالة حازمة إلى لبنان اعتبرتها قوى الانقلاب الذين تحركهم أميركا او الغرائز انها لحظة مؤاتية لبداية هجومهم بناء لتعليمات اميركية ، خاصة أن التقييم كان "انتصارًا ساحقًا لأمريكا وإسرائيل" في الحرب على ايران تنعكس إيجابًا على مشروع استسلام لبنان بمقاومته واقع يرتد لصالح القوى المنضوية أساسًا ضمن فريق مقاول عند الاميركي او اداة يعمل أصالة أو وكالة عبر أنظمة الخليج بتأثيرها المذهبي ضمن عصبية تحكم بالتوازي مع عنصرية بيزنطية فينيقية كنعانية تعمل بواجهة إبراهيمية مصطلح الاستسلام والسير بالتطبيع. ظروف تعتبرها القوى التي تضم جنبلاط، جعجع، الجميل، السنيورة، مخزومي، أحزاب اليمين، وصولًا لقوى كانت سابقًا تعتبر وطنية عروبية ناصرية تعيش حاليا تحت خيمة العباءة السعودية التي سعت لضرب الثنائي الشيعي الوطني الاستعانة بسلطة الجولاني الإرهابية وتوسع سيطرتها لتشمل لبنان ما يقوي فريق المعادي للمقاومة والثنائي عسكريًا ولو اوصل لحرب داخلية في لبنان وهو ما يحتاجه نتنياهو لاستمراره بالسلطة، وبمفهوم السعودية وفريق الانقلاب في لبنان ان نتائج المعركة محسومة لعدة اسباب تكون ضربة قاضية ليس فقط للشيعة في لبنان بل تقطع الذراع الإيرانية عن المنطقة كلها......
ولم يغيب ان المشروع الأمريكي في المنطقة يهدف لتغيير وجهها، مشروع فرملته حاليا نتائج الحرب التي لم تحقق فيها أمريكا أهدافها بل كسرت التفوق الاسرائيلي وخلقت توازنات جديدة فرضت نفسها واقعًا يخيف الحكومات العربية من أي تسوية محتملة وهي حتمية لمن بعرف البراغماتية الاميركية وسياسة المصالح ليبقى السؤال الأهم:
- هل الأميركي أقوى مما كان عليه بالاجتياح عام 1982؟
- هل المقاومة أضعف أم أن ظروفها حاليا أفضل؟
- هل قوى اليمين ومن معها أقوى من الإسرائيلي؟
- هل يهتم الأميركي بمرتزقته في لبنان أكثر من إسرائيل ومستعد لخوض حرب الدفاع عنهم؟
- هل تظنون أن الأميركي لا يعرف الاحجام في لبنان؟
المنطقة كلها تحت النار ولبنان على مفترق طريق يحتاج الكثير من الوعي الحكمة والمسؤولية.
الدكتور : محمد هاني هزيمة
محلل سياسي وخبير استراتيجي
نسخ الرابط :