*نسيم بو سمرا
بالفعل أثبتت اsرا.ئيل انها "أوهن من بيت العنكبوت"، فهي و بعد اسبوعين فقط من شنها حربا على ايران، بهدف القضاء على قواها النووية، وبدء ميل دفة الحرب لصالح ايران وعجز اسرائيل عن تحقيق اهدافها، بفعل صواريخ متطورة بالستية وفرط صوتية أصابت أهدافا استراتيجية عسكرية وأمنية وبحثية حيوية في عمق الكيان الغاصب، ها هي تحصل على الدعم والمساعدة من ترامب، بضرب مفاعل فوردو وموقعي أصفهان ونطنز النوويين، بقاذفات B2 أطلقت خلالها 14 قنبلة خارقة للتحصينات ومهدت لها باطلاق أكثر من 20 صاروخ توماهوك ضد منشآت إيران النووية، وقد اطلق الجيش الأميركي على عملية إيران اسم "مطرقة منتصف الليل" .
فبعد ممارسة الخداع نفسه الذي قامت به اsرا.ئيل تجاه ايران بالهجوم الاول واغتيال علماء نوويين، قام بواسطته ترامب باعطاء مهلة اسبوعين لاsرا..ئيل لتنفيذ المهمة (علم ترامب مسبقا ان اsر..ئيل عاجزة عن تحقيق اهدافها ضد ايران) فاختصرها بأيام معدودة وورط نفسه والولايات المتحدة بحرب طويلة سترتد عليه وعلى الغرب بحرب عالمية، مع العلم ان حملة ترامب للوصول الى البيت الابيض قامت على انتقاد بايدن لتوريطه الولايات المتحدة بحروب لا تنتهي حول العالم، واصفا نفسه برجل السلام، وهذا العامل راهن عليه الاميركيون لتفضيلهم خيار الدبلوماسية لا بل اكثر من ذلك عوّلوا على انسحاب الولايات المتحدة عسكريا من الشرق الاوسط، ولكن كعادته المتهورة تسرّع ترامب وأعلن الحرب على ايران بدل انهائها، ليفاقم منسوب توسع الحرب ويزيد التوترات في المنطقة، معلنا النصر، بقوله ان موقع فوردو النووي انتهى وانه تم القضاء على برنامج ايران النووي؛ لكن بما أن إيران شيّدت هذه المنشأة تحت جبل، فسيكون من الصعب تقييم حجم الضرر دون وجود مفتشين على الأرض والتأكيد ان البرنامج النووي الايراني تم تدميره.
غير ان الضربة الاميركية اليوم ضد ايران يمكن ان تتحول بسهولة إلى حرب عالمية على غرار حرب العراق، وهي حرب يعارضها الأمريكيون على نطاق واسع من اليسار واليمين، في وقت ليس كل ما يعلن هو الحقيقة، لان كسب الرأي العام هو مهم جدا للشعوب الغربية، وادعاء اقتراب ايران من بناء قنبلة نووية هو شماعة فقط، للقضاء على برنامج ايران النووي السلمي، فليس مسموحا بالنسبة للعقل التلمودي ومن ورائه الاميركي ان تدخل ايران نادي الدول النووية، لانه حينئذ سيصبح اخضاعها صعبا، والسيطرة على مواردها الغنية غير ممكن، والتحكم بمستقبل شعبها مستحيلا. .
هي مدرسة الاجرام نفسها، التي تجمع دولتين مارقتين، بنتا مجديهما على الابادة الجماعية للهنود الحمر والفلسطينيين، تأخذان العالم الى كوارث نووية ودمار حتمي، في حال لم تضع روسيا والصين والبريكس، حدا لجنونهما.
في استعادة للتاريخ، يكرر اليوم ترامب أخطاء جورج بوش في الشرق الأوسط، عندما غزى العراق في العام ٢٠٠٣.
في حملة ترامب الرئاسية عام 2016، تجاوز فيها خصومه في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري - وعلى رأسهم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، مستفيدا من عبرة حروب بلاده بعد 11 سبتمبر ليصفها بأنها "كارثة"، وهذا ما كرر فعله في العام 2020، جو بايدن معارضا حروب الشرق الأوسط الأبدية وفاز بأغلبية وطنية ليتم انتخابه رئيسًا، وعلى الاساس نفسه، انه سيوقف هذه الحروب، ليعود ترامب منتصرا العام الماضي، مستفيدا من عدم تنفيذ بايدن وعوده في هذا الاطار ، حيث تعهد برنامج الحزب الجمهوري "بمنع الحرب العالمية الثالثة"، ومع ذلك، انجر او اختار دونالد ترامب اليوم الآن الانضمام إلى صراع نتنياهو المتهور مع إيران، معطلا بذلك برنامجه الذي وعد به الأميركيين ليعطل بالتالي المفاوضاته الدبلوماسية التي أطلقها هو مع ايران، والتي أثبتت أنها مثمرة، فالناخبون الاميركيون الذين أيدوا بأكثريتهم ترامب هم من الطبقة العاملة ط، سعياً وراء نهضة محلية اقتصادية ولصد موجات المهاجرين، لا ليخوض مغامرات خارجية، ويزج بأبنائهم في الجيش، في أتون الصراعات الدولية.
أظهر استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة يوجوف أن 16% فقط من الأمريكيين يعتقدون أن الجيش الأمريكي يجب أن يتدخل في الصراع بين إسرائيل وإيران؛ بينما يرى 60% أنه لا ينبغي له ذلك. وتعارض أغلبية الديمقراطيين (65%) والمستقلين (61%) والجمهوريين (53%) التدخل الأمريكي. وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة بروكينجز في ايار الفائت أن أغلبية كبيرة من الأمريكيين - وأغلبية ساحقة من الديمقراطيين والمستقلين على حد سواء - تؤيد الدبلوماسية على الحرب كوسيلة لمعالجة البرنامج النووي الإيراني.
لطالما حذّر الاستراتيجيون العسكريون من أن الرهان على حملة جوية فقط للانتصار في الحرب هو مجرد وهم. وها هي القاذفات الأمريكية B2 هاجمت منشأة فوردو بقنابل مصممة للحفر عميقًا تحت الأرض، بانتظار رد الفعل الايراني والذي استمر في قصف تل ابيب والمدن الاسرائيلية، ومن يعلم، فقد تشعر القيادة الإيرانية المحاصرة والتي تحظى بتأييد كبير في المحور الشرقي والتفاف كثير من الشعوب حولها نظرا للمظلومية التي تتعرض لها راهنا، قد تستخدم أوراقها المتبقية العسكرية منها (ضرب مصالح الولايات المتحدة في المنطقة كما استهداف مفاعل ديمونا الاسرائيلي في صحراء النقب وهذه الهجمات على القواعد الأمريكية ستجبر الولايات المتحدة الرد بالمثل، ما قد يطلق حربا شاملة وسط إرهاق الرأي العام الأمريكي من تورط واشنطن بحروب في المنطقة.) وكذلك الاستراتيجية (اغلاق مضيق هرمزالذي يمر عبره حوالي 20% من إمدادات النفط العالمية، واستهداف القواعد الأمريكية المعرضة للخطر في جميع أنحاء الشرق الأوسط بترسانة من الصواريخ المتطورة قصيرة ومتوسطة المدى التي لم تتأثر بعد بالغارات الجوية الإسرائيلية.)
بالمحصلة، ربما لم يقفل باب الدبلوماسية والمفاوضات، بشكل تام، ولكن بالتأكيد انه وبعد انفضاح النوايا الاميركية تجاه ايران، لن تقبل الاخيرة بما كانت ستقبل به قبل شن هذه الحرب الشعواء ضدها، وبالتالي سيبقى التصعيد سيد الموقف لفترة زمنية، قبل ان تتضح الصورة، ويقتنع الاسرائيلي ومعلمه الاميركي انه من حق ايران الطبيعي ان تتطور وتتقدم، ما يعني حتمية الاستمرار في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، مع العلم انه من حق ايران اليوم لحماية نفسها من الاخطار، ان تسعى لامتلاك قنبلة نووية، لا فقط تقنية النووي السلمي، بهدف الدفاع عن نفسها وردع الأعداء من الاعتداء على سيادتها.
*باحث وصحافي
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :