افتتاحية صحيفة النهار
حرب اختراقية تزعزع إيران وتفتح عصراً إقليمياً جديداً
لقد بات واضحاً أن التفوّق الاستراتيجي الإسرائيلي سجل في الضربات المذهلة داخل إيران.
سيكون ما بعد 13 حزيران 2025 غير ما قبله تماماً في كل منطقة الشرق الأوسط بكل ما يعنيه ذلك من تغييرات استراتيجية ستتوج التسونامي الحربي الذي انفجر بين إسرائيل وأذرع ايران في فلسطين ولبنان واليمن بعد طوفان الأقصى وبلغ ذروة الذروات أمس في عمليات حربية إسرائيلية مذهلة في قلب إيران لا يزال العالم يجهل الكثير عن أسرارها.
لقد بات واضحاً أن التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي سجل في الضربات المذهلة داخل إيران، على مواقع التخصيب النووي ومواقع الصواريخ الباليستية والمسيرات، وعبر اغتيال أكثر من عشرين من رؤوس الحرس الثوري والجيش والعلماء النوويين، ومن خلال الكشف عن إدخال فرق استخباراتية للموساد وفرق كوماندوس وإقامة قواعد هجومية قرب مواقع صاروخية إيرانية، عملية حربية لا سابق لها بغطاء أميركي كامل أكده مراراً الرئيس دونالد ترامب الأمر الذي يعتبر أضخم عملية اختراق بعد عمليات اغتيال السيد نصرالله وعشرات نخب قادة وكوادر “الحزب” في لبنان وعملية تفجير ألوف أجهزة البايجر في عناصر الحزب.
ولكن ضرب إيران بهذا الشكل وعدم تلقي الرد الإيراني المرتقب والمتناسب مع حجم الحرب التي تعرّضت لها للمرة الأولى بهذا الاختراق والحجم منذ نشوء الجمهورية الإسلامية إياها، رسم سيناريو انقلابي لا سابق له في منطقة الشرق الأوسط سيكون التدقيق في معالمه هو الاستحقاق الأول بعد أن تظهر الساعات المقبلة أين وكيف وحدود نهاية الحرب على إيران وكيف وبأي وسيلة وحجم يمكن بعد توقع رد إيراني. وكل ذلك سيقود إلى السؤال الكبير عمّا إذا كانت المنطقة ستقبل على مزيد من المفاجآت بما يشكّل حرباً إقليمية وهل صار مصير النظام الإيراني نفسه مطروحاً بقوة بعد هذا الزلزال الذي ضرب إيران وجعلها في أسوأ منقلب منذ قيام الثورة الإيرانية؟
بإزاء هذا الحدث المذهل وجد لبنان نفسه في قلب الحدث من حيث حبس الأنفاس وترقّب التطوّرات لحظة بلحظة وبمنتهى الحذر حيال أي تورّط محتمل جديد لـ”الحزب” في إطلاق صواريخ أو مسيّرات في اتجاه إسرائيل بما يعيد الخطأ القاتل الذي ارتكب في تورط مساندة غزة. ولكن الأمور بدت مقبلة على تجنّب هذا القطوع سواء صحّت أم تصح تقارير إعلامية تحدّثت عن إبلاغ الدولة اللبنانية “الحزب” تنبيهاً إلى تجنّب أي توريط للبنان.
وستبقى الأنظار مسمّرة على تطوّرات الحدث الحربي في الساعات المقبلة وما يمكن أن تشهده على صعيد الرد الإيراني لكي يجري تبين الحسابات والخلاصات الدقيقة عبر هذا التطور الحربي الضخم.
********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
إسرائيل تفجّر النووي.. وإيران: سنجعلها تندم… مخاوف من التداعيات واتصالات لتجنّب أي مخاطرة
كلّ العالم على خطّ القلق من منزلقات مجهول مداها ومساحة تداعياتها وامتداداتها، والعين على منطقة الشرق الأوسط التي أشبه ما تكون بنقطة بركانيّة آخذة بالتحرّك والاحتقان، بعد الهزّة العنيفة التي أحدثها اشتعال حرب قاسية بين إسرائيل وإيران، أعطاها الجانبان بُعداً وجودياً، وتؤشّر مجرياتها إلى أنّها مفتوحة على احتمالات وتغيّرات وتحوّلات وسيناريوهات صعبة.
دمار شامل
وفي خضم هذه النار المشتعلة، والتهديدات المتصاعدة والإستعدادات الحربيّة من الجانبين، لا صوت يعلو على صوت الآلات العسكرية والحربية، وتنعدم اللغة الديبلوماسية وينعدم الحديث عن ضوابط كابحة لهذا الاشتعال، وخصوصاً أنّ هذه الحرب، سلكت من اللحظة الأولى لاشتعالها، مسار الدمار والتدمير الشامل تبعاً لخريطة الإغتيالات الإسرائيلية التي طالت مسؤولين وقادة عسكريّين إيرانيين كباراً، ولكثافة الاستهدافات الجوية الإسرائيليّة للمنشآت النووية في العديد من المدن والمناطق الإيرانية، وأخطر ما فيها التحذيرات التي أُطلقت من احتمالات شبه مؤكّدة من مخاطر تسرّب الإشعاعات النووية وتحديداً في المناطق والمدن القريبة من المنشآت النووية المستهدفة.
إلى أين؟
السؤال الأساس الذي يطرح نفسه إزاء هذا الحدث، يركّز على تلمّس الوجهة التي ستسلكها المنطقة بعد الضربة الإسرائيلية الواسعة لإيران فجر 13 حزيران؛ إسرائيل أعلنت على لسان مستوياتها السياسية والعسكرية انّها أعدّت نفسها لمواجهة كبيرة وأطلقت على حربها على إيران اسم «قوة الاسد»، معلنة انّها لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها بتدمير البرنامج النووي الإيراني، وبعد هذه العملية لن يكون هناك تهديد نووي.
واما إيران التي تلقّت ما بدت انّها ضربة كبرى في قيادتها العسكرية، حيث تمّ الإعلان عن مقتل كل من قائد الحرس الثوري اللواء حسن سلامي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، قائد مقر خاتم الأنبياء العسكري اللواء غلام علي رشيد، استاذ الهندسة النووية احمد رضا ذو الفقاري، العالم النووي مهدي طهرانجي، العالم النووي فريدون عباسي. وسارعت طهران إلى تعيين بدائل عن القادة العسكريين، فعُيّن اللواء عبد الرحين موسوي رئيساً للأركان العامة للقوات المسلحة خلفاً للواء محمد باقري، والعميد محمد باكبور قائداً للحرس الثوري خلفاً للواء حسن سلامي. كما انّ إيران التي مُنيت في المقابل بأضرار كبرى في منشآت وفق ما تؤكّده الوكالات والقنوات الإخبارية التي تجمع على عنف الإستهدافات وشموليتها وعلى مساحات واسعة من الدمار، تهدّد بردّ قاس ومدمّر وصفته بأنّه سيجعل الأعداء يندمون.
الموقف الأميركي
والبارز في موازاة هذا التطور، نأي الولايات المتحدة الأميركية بنفسها عن العملية الإسرائيلية، وتأكيدها على لسان كبار المسؤولين الأميركيين وفي مقدمهم الرئيس دونالد ترامب، أنّها ليست شريكة فيها، مع التأكيد على اتخاذ إدارة الرئيس ترامب جميع الخطوات اللازمة لحماية القوات الأميركية في المنطقة، والتوجّه بتحذيرات مباشرة الى إيران من مغبة استهدافها للقواعد والمصالح الأميركية، وحثها على العودة إلى طاولة المفاوضات تحت سقف انّ إيران لا يمكن لها امتلاك قنبلة نووية.
الاّ انّ اللافت في هذا السياق إعلان الرئيس الأميركي انّ الضربات التي نُفّذت على إيران هجوم ناجح للغاية، وقال لشبكة «سي ان ان»، إنّه «يدعم إسرائيل بشكل لا مثيل له. ونحن بالطبع ندعم اسرائيل وبشكل واضح ودعمناها كما لم يدعمها أحدٌ من قبل».
وفي حديث مع شبكة «اي بي سي»، قال ترامب، انّ الإيرانيين حصلوا على فرصة لكنهم لم يستغلوها، مضيفاً «انّهم تلقّوا ضربة قاسية جداً»، مشيرا إلى انّ «هناك المزيد في المستقبل». ووصف الهجوم الإسرائيلي بالممتاز، ولكن عند سؤاله عن اي دور أميركي في الهجوم قال: «لا اريد الردّ على ذلك». وقال ايضاً: «قبل شهرين منحتُ إيران مهلة 60 يوماً للتوصل إلى اتفاق، وكان عليهم إبرام الصفقة، واليوم هو الـ61، وأخبرت الإيرانيين بما يجب عليهم فعله، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، والآن قد تتاح لهم فرصة ثانية وسنرى».
ورداً على سؤال عن رغبة إيران بالتوصل إلى صفقة بعد الهجوم الإسرائيلي، قال: «الإيرانيون يتواصلون معي».
وعن هوية المتصل الإيراني قال «إنّهم اشخاص عملنا معهم سابقاً، وكثيرٌ منهم ماتوا الآن». وأشار ترامب إلى انّ الاتصالات جارية لعقد جولة المفاوضات الأحد مع الايرانيين، الّا انّ إمكان عقده ليس مؤكّداً، واستبعد رداً على سؤال اندلاع حرب إقليمية بسبب الهجوم الاسرائيلي.
وافادت صحيفة «فايننشال تايمز» نقلاً عن مصدر إسرائيلي «انّ اسرائيل اتخذت قرار بدء التحضيرات النهائية لتنفيذ هجوم على إيران يوم الاثنين الماضي، وانّ إدارة الرئيس ترامب كانت على علم بهذه الاستعدادات، ولم تعترض على خطط رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو».
وقال نتنياهو انّ اسرائيل حدّدت نهاية نيسان الماضي موعداً للضربة العسكرية على إيران، ولكن تمّ تأجيلها لاسباب مختلفة. واضاف: «انّ إيران سرّعت في تطوير برنامجها النووي وتصنيع مئات الصواريخ البالستية بعد كسر محور الشر واغتيال نصرالله». واشار إلى انّ واشنطن كانت على علم مسبق بالهجوم على إيران، لافتاً إلى انّ الردّ الإيراني والمتوقع سيكون موجات عنيفة وانّه قادم لا محالة.
الإعلان الإسرائيلي
وكانت إسرائيل قد أطلقت فجر الخميس – الجمعة عملية هجومية واسعة على المواقع العسكرية والمدنية والمنشآت النووية الإيرانية، وتواصلت على دفعات متتالية يوم امس. واعلن الجيش الإسرائيلي انّ عملية «قوة الاسد» تمّ إطلاقها لتدمير البرنامج النووي للنظام الإيراني وقدراته على إطلاق الصواريخ بعيدة المدى. هُوجمت أهداف قيادية عسكرية، وقادة، وأهداف عسكرية، ومقرات قيادة، ومواقع نووية. ووفقًا لأفضل التقديرات، كانت الضربة الافتتاحية في إيران مفاجئة للغاية، من حيث نطاقها وفي أماكن لم يتوقعها الإيرانيون. ويستعد جيش الدفاع الإسرائيلي لعملية تستمر لعدة أيام على الأقل، مع توقّع قصف إيراني كثيف، ونجري حواراً شاملاً مع الجيش الأميركي».
وقال: «نحن أمام فرصة استراتيجية، لقد وصلنا إلى نقطة اللاعودة، ولا خيار أمامنا سوى التحرك الآن، والإيرانيون وضعوا خطة لتدمير دولة إسرائيل، باستخدام نيران واسعة النطاق ودقيقة من المحور الإيراني بأكمله (من ضمنه «الحزب» و«حركة ح »)، وغزو بري باستخدام شاحنات «بيك آب» من جميع الحدود، وتقويض النظامين في الأردن ومصر».
وأعلن رئيس الأركان الإسرائيلي «اننا سنواصل العمل بوتيرة قوية حتى تحقيق الأهداف التي حدّدناها». وفي الموازاة قال رئيس مجلس الامن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي انّه «لا يمكننا تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل عبر عملية عسكرية». مشيراً إلى انّ هدفنا هو إحباط البرنامج النووي عبر طرق ديبلوماسية، كما نهدف إلى ان يفهم الإيرانيون انّ عليهم وقف برنامجهم النووي».
الموقف الإيراني
وأعلن قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي انّ على الكيان الإسرائيلي ان ينتظر عقاباً شديداً. وقال الرئيس الايراني مسعود بزكشيان، انّ بلاده ستردّ بشكل عاجل وصارم على العدوان الإسرائيلي، مشدّداً على انّ «الردّ المشروع والساحق سيدفع الكيان الإسرائيلي للندم على فعلته الغبية». ودعا الشعب الإيراني إلى» الثقة في قيادته والوقوف إلى جانبها»، مطمئناً إلى «انّ البلاد ستخرج من الأزمة مرفوعة الرأس».
وأعلنت الحكومة الإيرانية «انّ الإجراءات اللازمة لردع إسرائيل غير الشرعية بدأت»، مشيرةً إلى «اننا لم نكن البادئين بالحرب، لكن نهاية هذه القصة ستُكتب بيد إيران». وقالت: «لا حديث مع كيان مفترس كهذا إلّا بلغة القوة. واليوم يفهم العالم بشكل أوضح إصرار إيران على حقها في التخصيب النووي وامتلاك التكنولوجيا النووية والقدرات الصاروخية». واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية سفيرة سويسرا راعية المصالح الأميركية في طهران، وأبلغتها غضب طهران الشديد إزاء العدوان الإسرائيلي ودعم الولايات المتحدة له. وقد تمّ التشديد على مسؤولية واشنطن الكاملة عن العواقب الخطيرة المترتبة على مغامرة إسرائيل.
وفي رسالة وجّهها إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أعلن القائد العام الجديد للحرس الثوري الإيراني العميد محمد باكبور، «أنّنا سنقود الكيان الصهيوني الإجرامي واللاشرعي إلى مصير مؤلم ومظلم، بعواقب جسيمة ومدمّرة».
وقال باكبور: «أتعهد، مع إخوتي المجاهدين، بالوفاء بدماء الشهداء الطاهرة، والدفاع عن الثورة الإسلامية والشعب الإيراني الأبي»، مضيفًا: «الجريمة التي ارتكبها اليوم الكيان الصهيوني الإرهابي، من خلال الاعتداء على الأمن القومي والسلامة الإقليمية للجمهورية الإسلامية، لن تبقى من دون ردّ». ولفت باكبور إلى أنّه «بالتوكل والاستعانة بالله تعالى، من أجل تحقيق وعد الإمام وقائدنا العزيز، والاقتصاص لدماء القادة والعلماء وأبناء شعبنا الذين نزفوا دماً، فإنّ أبواب جهنم ستُفتح قريباً على هذا الكيان قاتل الأطفال».
وفي السياق ذاته، اشارت وسائل اعلام ايرانية إلى أنّ «العالم سيشهد مذهلة في الساعات المقبلة». وتحدثت «إيران انترناشيول» عن هجوم إيراني وشيك على إسرائيل.
الرد الايراني
واعتباراَ من التاسعة مساء، أطلقت إيران دفعات كبيرة من الصواريخ في اتجاه إسرائيل، وقد سجلت وسائل الإعلام سقوط عدد من الصواريخ في تل أبيب وحيفا والقدس. وقد اطلق 150 صاروخا من اصفهان. وذكرت معلومات إسرائيلية عن تصاعد اللهب قرب الكرياه في تل أبيب. وكذلك اندلع حريق قرب وزارة الامن. وسقوط صواريخ في مطار بن غوريون. ودوت انفجارات هائلة في مكان وصفه الاعلام الإسرائيلي بأنه «حساس جدا».
وترافق ذلك مع اعلان مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي بأن الكيان الصهيوني هو من بدأ هذه الحرب، ولن نسمح له ان يفلت سالما من هذه الجريمة الكبرى التي ارتكبوها.
على قمة القلق
وفيما توالت ردود الفعل الدولية على اشتعال الحرب، وتوزعت بين متضامن مع إيران وفق ما عكسته مواقف بعض الدول العربية والخليجية تحديداً، وبين متضامن مع إسرائيل ومؤكّداً حقها في الدفاع عن نفسها، كما قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. فيما يتربّع لبنان في موازاة هذه الحرب، على قمّة القلق من التداعيات، والحذر ممتد من أدناه إلى أقصاه، ويقرأ بوضوح على وجوه المواطنين، وعززه الإعلان بعد ظهر أمس عن إطلاق صفارات الإنذار الإسرائيلية في مستوطنة كريات شمونة قرب الحدود مع لبنان، وكذلك مسارعة بعض الدول إلى الإعلان عن وقف رحلاتها إلى لبنان. ولاحقاً، أعلنت مديرية الطيران المدني إغلاق المجال الجوي اللبناني أمام حركة الطيران.
واما الدولة فمستنفرة بكل مستوياتها لتجنيب البلد تداعياتها واحتمالاتها الصعبة. ووفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ حركة اتصالات مكثفة سياسية وأمنية جرت في الساعات الأخيرة في أكثر من اتجاه داخلي سياسي وحزبي، لتغليب التعقل والحكمة ومحاذرة السّقوط في أيّ منزلقات سواء تحت عنوان دعم او إسناد، من شأنها ان تهدّد البلد بأمنه واستقراره بصورة عامة.
وأُفيد في هذا السياق عن إبقاء الاتصالات مفتوحة بين الرئاسات الثلاث، فيما تولّت جهات أمنية لبنانية الاتصال المباشر مع «الحزب». وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» عن ورود نصائح متتالية عبر قنوات ديبلوماسيّة خارجية متعدّدة، فحواها عدم فتح مجالات الخطر امام لبنان، وتجنّب عواقب جرّ الجبهة الجنوبية إلى مخاطرة قد يلجأ إليها أيّ فصيل لبناني أو غير لبناني.
الزمن مفتوح
وفيما لوحظت في الساعات الاخيرة كثافة في الإجراءات الأمنية في العديد من المناطق اللبنانية، عبّر مرجع كبير عن مخاوف جدّية من انّ المنطقة برمتها باتت في دائرة الخطر، حيث يخشى بروز تطورات دراماتيكية في الآتي من الايام، على اكثر من ساحة، وخصوصاً انّ زمن الحرب مفتوح وتنذر بالأسوأ. وهو ما اكّد عليه ايضاً مسؤول أممي بقوله رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «منطقة الشرق الأوسط تمرّ في أخطر أوقاتها، ولا مصلحة لأي طرف في الاستمرار في حرب تهدّد الامن والسلام الاقليميين».
***********************************************
افتتاحية صحيفة الديار
الحرب التدميرية على إيران هدفها تغيير وجه المنطقة
الغارات «الاسرائيلية» طالت القيادات والمنشات الصاروخية والنووية والمطارات
إيران تدك العمق «الاسرائيلي» ودمار غير مسبوق في تل أبيب – رضوان الذيب
المنطقة دخلت في نفق مظلم وحروب كبيرة وصغيرة لعشرات السنوات في ظل القرار الاميركي الاسرائيلي بإسقاط النظام الاسلامي الإيراني او جره الى المفاوضات بشروط استسلامية وما عليه إلا التوقيع والرضوخ لكافة المطالب الاميركية، لكن طهران أكدت أنها لن تحضر مفاوضات الاحد مع الأميركيين بشأن برنامجها النووي.
الغارات الجوية الاسرائيلية استهدفت القيادات العسكرية العليا الايرانية والمنشات النووية والصاروخية والاحياء المدنية والمطارات والبنى التحتية، بالإضافة إلى دور كبير للموساد من داخل ايران في اطلاق المسيرات وتنفيذ اغتيالات، وشاركت في العمليات الجوية 300 طائرة من مختلف الاحجام وادت الى سقوط مئات القتلى والجرحى بالاضافة الى الدمار الهائل، وواكب العمليات العسكرية تهويل اعلامي عن هشاشة النظام الايراني وابراز ضعفه ومدى الخروقات الامنية بين الجنرالات الكبار.
غير ان الرد الايراني لم يتاخر، اذ اطلقت طهران بعد ساعات من الهجوم الاسرائيلي، مئات المسيرات والصواريخ البالستية على دفعات مستهدفة مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة، من تل ابيب الى حيفا والجليل، ملحقة اضرارا كبيرة، ملزمة الملايين على البقاء في الملاجئ والمناطق الآمنة، وفقا لتعليمات الجبهة الداخلية، وسط تشديد للرقابة العسكرية على عمليات النشر، مع توقع تل ابيب ان تشهد الايام والاسابيع القادمة اوقاتا صعبة.
الاسئلة كبيرة ومتشعبة والانظار موجهة نحو ايران وكيف سيكون الرد على عملية الاسد الصاعد الاسرائيلية، في ظل تاكيد المسؤولين الإيرانيين بان الرد حتمي؟ والسؤال الكبير ايضا، هل الهدف اسقاط النظام الايراني او دفعه الى المفاوضات بشروط الآخرين؟ كم ستستمر العملية الاسرائيلية؟ هل تتدحرج الامور الى الحرب الشاملة؟ .
وحسب مرجع سياسي، فان الحروب والتوترات بين الادارات الاميركية الجمهورية والديموقراطية وايران تعود الى اليوم الاول لاستلام الامام الخميني مقاليد السلطة، ورغم كل الحصارات تحولت ايران الى لاعب اقليمي بارز في المنطقة وامتد نفوذها الى لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن والعالمين العربي والاسلامي وتقدمت في كل الساحات حتى عملية طوفان الاقصى العجائبية وما خلفته على الكيان الاسرائيلي ووجوده، ونجحت اسرائيل من خلال الدعم المطلق من اميركا والدول الاوروبية والعربية بشن هجوم مضاد، وتمكنت من تدمير غزة واضعاف حركة ح والجهاد الاسلامي،وشنت اعنف حرب بالتاريخ على الحزب وتمكنت من توجيه ضربات قاسية لكنها ليست قاتلة، وبعد الحرب على لبنان جاء سقوط النظام السوري، وبقي الحوثيون وحدهم في الميدان يشنون الغارات بالطائرات المسيرة على تل ابيب وشل الحياة فيها وارغام السكان على النزول الى الملاجئ يوميا، بالمقابل، استوعبت ايران الضربات التي وجهت لحلفائها في المنطقة، واعادت ترميم بنية الحزب وافشلت المخطط الاسرائيلي باقامة السلام بين لبنان وإسرائيل، وبعدها انصب الجهد الاسرائيلي الاميركي للتطبيع مع سوريا، لكن الامر يحتاج الى وقت طويل جراء التعقيدات الداخلية، عندها حاولت واشنطن استيعاب طهران بالمفاوضات ودفعها الى التخلي
عن برنامجها النووي وهذا ما رفضته طهران، عندها صدر القرار الاميركي الاسرائيلي باسقاط ايران وكل ما تبقى من محور المقاومة، وهنا تختلف الاراء بين مراقبين يؤكدون ان القرار باسقاط النظام الايراني لا تراجع عنه واخرون يجزمون ان الهدف دفع ايران الى التفاوض بسقوف متدنية في ظل إصرار المبعوث الاميركي الى المنطقة بعقد جولة المفاوضات الاميركية الإيرانية الأحد في مسقط.
وفي المعلومات التي عممها قريبون من ايران في بيروت، ان الرد الايراني حتمي ولا مفاوضات مع الجانب الاميركي الذي يتحمل مسؤولية الهجوم من خلال التغطية الكاملة للحرب وهذا ما ذكرته وسائل الإعلام الإيرانية التي اعلنت ان طهران ستدافع عن نفسها ولن تتراجع وتملك كل عناصر القوة، وتمكنت من استيعاب الضربة الأولى رغم حجم الخسائر على مستوى القيادات العسكرية والعلماء النوويين، لكنه لم يبلغ عن أي تسرب نووي مما يؤشرالى سلامة المواقع النووية حتى الان.
إنذار اميركي الى لبنان
كشفت معلومات بان السفيرة الاميركية في بيروت نقلت الى المسؤولين اللبنانيين انذارا واضحا، بان اسرائيل سترد بشكل عنيف وتدميري اذا اطلق اي صاروخ من جنوب لبنان باتجاه اسرائيل، وكشفت معلومات عن اتصالات بين الجيش اللبناني والحزب الذي اكد للجيش،ان الحزب لن يطلق اي صاروخ.
الملفات اللبنانية
من الطبيعي ان تؤجل الحرب الاسرائيلية على ايران الملفات الداخلية المتفجرة من التعينات المالية والقضائية وفتح دورة استثنائية لمجلس النواب الى قانون الانتخابات وغيرها، واكد مرجع سياسي ان موضوع التعينات المالية سيعالج في الاخير على الطريقة اللبنانية «لا غالب ولا مغلوب».
التشكيلات القضائية
اما على صعيد التشكيلات القضائية فان الرئيس بري مصر على تعيين القاضي زاهر حمادة مدعيا عاما ماليا وهذا ما يرفضه وزير العدل عادل نصار الذي زار الرئيس بري وقدم له 3 اسماء ليختار من بينهم مدعيا عاما ماليا، والاسماء الثلاثة من المقربين جدا لبري، لكنه اصر على زاهر حمادة لان رئيس المجلس يعتقد ان الحملة على حمادة لها خلفية واحدة تتعلق برفضه الافراج عن هنيبعل القذافي رغم الضغوط الهائلة محليا واقليميا ودوليا للافراج عنه، علما ان القاضي حمادة هو المكلف بالتحقيق في قضية إخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه، وتتزامن الحملة على حمادة هذه الايام مع التسريبات عن اعلان هنيبعل القذافي الاضراب عن الطعام وتقديم عائلته مذكرة الى مجلس الامن والامم المتحدة للافراج عنه.
فتح دورة استثنائية لمجلس النواب
نفت مصادر نيابية كل ما روج عن ربط فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بالتحقيق مع النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، واكدت، ان فتح الدورة تم بعد اتصالات بين رئيسي الجمهورية والحكومة وبالاحرى بين بري والرئيس الفرنسي ماكرون لاقرار البنود الإصلاحية المتعلقة بالفجوة المالية المقدرة بـ68 مليار دولار وهيكلة المصارف، وهذا ما تطرق له الرئيس بري مع المبعوث الفرنسي لودريان.
وتشير المصادر الى ان النائب غازي زعيتر لن يمثل امام القاضي طارق البيطار، في ظل قرار الرئيس بري عدم مثول اي نائب امام قاضي التحقيق في مرفأ بيروت طارق البيطار، واذا تخلف زعيتر عن الحضور فان القاضي البيطارسيصدر مذكرة توقيف بحق زعيتر، سيكون مصيرها مماثلا للمذكرة التي صدرت بحق النائب علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس.
اما في موضوع التجديد لقوات الطوارئ الدولية فان نائبا تغييريا كشف خلال زيارة اجتماعية، ان الرئيس ترامب سيوعز للكونغرس وقف المساهمة المالية في تمويل اليونيفيل في جنوب لبنان والمقدرة بـ250 مليون دولار، وقال النائب التغييري، أنه سمع هذا الكلام من دبلوماسي كبير، وان الرئيس الاميركي سيوعز بوقف تمويل قوات الامم المتحدة في كل العالم، وتشير المعلومات، الى ان اصوات المعارضة الاميركية للتجديد لقوات الطوارئ سترتفع مع وصول السفيرة الاميركية الجديدة الى بيروت والاصرار على توسيع مهام لجنة وقف اطلاق النار كبديل عن عمل الدولية واعطائها صلاحيات مطلقة تحت الفصل السابع، وهذا ما تعارضه فرنسا والرياض اللتان تقودان الحملة للتجديد للطوارئ، واكد السفير المصري علاء موسى انه سمع من السفير السعودي كل كلام ايجابي عن مساعدة لبنان في كافة المجالات، وعلم، ان اتصالات تجري لمعاودة اجتماعات سفراء الخماسية،
وكان لافتا ما أكده النائب محمد رعد للموفد الفرنسي لودريان عن تمسك الحزب ببقاء القوات الدولية وعن دعم الحزب لدورها والتجديد لها، ويبقى السؤال، من هي الجهة التي تصر على اشعال فتيل المشاكل بين الاهالي واليونيفيل؟.
*******************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
لبنان يدين العدوان الإسرائيلي على إيران.. وينأى بنفسه عن الحرب
عون يعود الى بيروت وسلام يطلب من قائد الجيش حماية الإستقرار.. والرحلات مستمرة في المطار
منذ ساعات الفجر الأولى، تسمَّمت الأجواء في الشرق الأوسط: عدوان اسرائيلي واسع على ايران يستهدف قيادات الحرس الثوري وعلماء النووي، ومراكز تصنيع اليورانيوم وتخصيبه وصولاً الى مرابض وأماكن انتاج الصواريخ البالستية، وعاش المواطنون في لبنان وغيره من بلدان غرب آسيا في موكب المتابعة والتساؤلات عن الانعكاسات على لبنان وسائر دول الشرق الادنى، في ضوء حجم الاهداف والضربات، والاعلانات الايرانية عن رد صاعق وحاسم ومؤلم على اسرائيل.
وعاد الى بيروت مساء امس الرئيس جوزف عون آتياً من الفاتيكان، بعدما كان مقرراً ان يعود اليوم، ليكون على مقربة من التطورات المتسارعة بعد اعلان اسرائيل الحرب على ايران.
وحضرت الضربات الاسرائيلية في لقاءات الرئيس نواف سلام، الذي تابع تداعياتها مع وزراء الدفاع ميشال منسى والداخلية احمد الحجار، والخارجية يوسف رجي والاشغال فايز رسامني وقائد الجيش العماد رودولف هيكل.
وذكرت مصادر حكومية لـ«اللواء» ان الرئيس سلام طلب من قائد الجيش العماد رودولف هيكل «إبلاغ الحزب بأن لبنان على اعلى مستوياته الرسمية أدان العدوان الإسرائيلي على ايران، لكنه يدعو الى عدم الرد من لبنان ولن يسمح بإدخال البلاد في مواجهة او حرب جديدة مع اسرائيل. وأن الجيش اللبناني هو الذي يتواصل مع المعنيين لمنع اي عدوان على لبنان في اطار التمسك بالثوابت اللبنانية، والحكومة تؤكد أن قرار الحرب والسلم بيد الدولة».
وشدد الرئيس سلام على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات لضبط الاستقرار، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية الراهنة. كما جرى استعراض الخطط الطارئة الموضوعة من قبل الأجهزة الأمنية والوزارات المختصة للتعامل مع أي انعكاسات مباشرة أو غير مباشرة على الوضع الداخلي.
ويبدو ان الرئيس سلام لن يسافر الى نيويورك بعد الاعلان عن تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة، الذي كان من المقرر أن تستضيفه فرنسا والسعودية بهدف صياغة خارطة طريق «لحل الدولتين» بين الكيان المحتل والفلسطينيين، بعد أن شن الاحتلال الاسرائيلي هجوماً عسكرياً على إيران.
وأكد مصدر دبلوماسي غربي في الرياض أن المؤتمر سيؤجل بسبب الهجمات على إيران.وقال مصدر مطلع ثان إن بعض الوفود من الشرق الأوسط لن تحضر أو لم تتمكن من الحضور بسبب التطورات.
وأصدرت السفارة الأميركية في لبنان، أمس الجمعة، تحديثاً جديداً لتنبيه أمني وجاء في التنبيه: نظراً للتوتر الشديد في المنطقة، لا تزال البيئة الأمنية معقدة وقابلة للتغير بسرعة. نذكّر المواطنين الأميركيين في إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط عموماً بضرورة توخي الحذر باستمرار، ونشجعهم على متابعة الأخبار للاطلاع على آخر المستجدات.
وتحدث التنبيه عن إحتمال وقوع أعمال عدائية، وأضاف: ينبغي على المواطنين الأميركيين أن يعرفوا موقع أقرب ملجأ في حالة وقوع أعمال عدائية..
ودعا التنبيه العام الأميركيين إلى تجنب التجمعات الكبيرة والمناطق التي يوجد بها تواجد مكثف للشرطة، كما حثتهم على مراقبة وسائل الإعلام المحلية والاتصال بشركات الطيران التي يتعاملون معها للحصول على تفاصيل الرحلات في حال تأثرت بالأوضاع.
ولم تستبعد مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان تتناول جلسة مجلس الوزراء المقبلة التطورات الأخيرة بعد الاعتداء الإسرائيلي على إيران وأن يصدر موقف منسجم مع ما اطلقه رئيس الجمهورية والمسؤولين اللبنانيين في أعقاب هذه التطورات مع التشديد على أهمية الاستقرار في لبنان والإلتزام بالبيان الوزاري للحكومة.
وقالت هذه المصادر انه اذا ارتؤي تقديم موعد انعقاد الجلسة فإن لا شيء يحول دون ذلك، واشارت الى ان التعيينات قد تحضر في الجلسة واكتفى وزير التنمية الادارية فادي مكي بالقول لـ«اللواء»: «إن شاء الله»، وتردد ان ملف التشكيلات الديبلوماسية قد اعد لهذه الجلسة انما ينتظر بعض التفاصيل.
وكما افادت مصادر وزارية أن المجلس سيحاول طمأنة اللبنانيين بشأن إمكانات الدولة وحاجاتها في الملفات الاساسية لاسيما الغذائية وغيرها.
ويعقد مجلس الوزراء عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الاثنين الواقع فيه 16/06/2025 جلسة في القصر الجمهوري لبحث المواضيع المبينة في جدول الاعمال المتضمن 49 بنداً ابرزها: البند 26 تحت عنوان تعيينات مختلفة ما يعني تعيينات وتشكيلات دبلوماسية وربما غيرها. وعرض وزارة الاشغال العامة والنقل لمشروع قانون يرمي الى الاجازة للحكومة بواسطة الوزارة تصميم وانشاء وتأهيل وتطوير وتشغيل المطارات والمرافىء البحرية ومرافق النقل الجوي والبحري على اختلاف انواعها.بنظام عقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية «بي.او.تي»، او عقود التصميم التشييد والتشغيل ونقل الملكية «دي.بي.او.تي». ومرسوم تحديد تعويضات رؤساء واعضاء مجلس الانماء والاعمار والهيئة الناظمة للطيران المدني والهيئة الناظمة للكهرباء.
ومن البنود تعيينات في هيئة القضايا في وزارة العدل وهيئات الضمان ومصرف الاسكان. وإجراء مباراة لملء الشواغر في هيئة الشراء العام.واتفاقات ومذكرات تفاهم مع عدد من الدول، وقبول هبات، ونقل واستخدام موظفين، ومعالجة مواد قابلة للإشتعال ومواد كيماوية. وقضايا تربوية واعلامية..
الانشغال بالعدوان
انشغل لبنان كما كل العالم امس، بالعدوان الاسرائيلي الواسع والتدميري على مدن ايران الكبرى، مستهدفا ما وصفته اسرائيل مواقع تخصيب اليورانيوم ومنصات الصواريخ بعيدة المدى ومصانع الطائرات المسيَّرة، ووصلت اصداء الهجوم الى جنوب لبنان مع اعتراض الصواريخ الاسرائيلية لمسيَّرات فوق مستعمرات الحدود المتاخمة.
ونقلت قناة «العربية– الحدث» عن مصدر مقرب من «الحزب»: ان ما يحصل بين إسرائيل وإيران شأن دولي ولن نتدخل. إذا تعرض لبنان لأي هجوم فالدولة مسؤولة.
كما نقل عن مسؤول في الحزب قوله: اننا لن نبادر لمهاجمة إسرائيل ردا على ضرب إيران.
ولاقى العدوان الاسرائيلي على ايران ادانة لبنانية رسمية وسياسية، لا سيما من الرؤساء جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام ووزارة الخارجية والحزب ومرجعيات دينية شيعية، الذين اعتبروا ان اسرائيل بتفلتها وعدوانيتها تهدد الاستقرار الاقليمي وتدفع بالمنطقة نحو الحرب.
وفي المواقف ادان الرئيس عون الاعتداءات الاسرائيلية التي حصلت فجر امس على الجمهورية الاسلامية الايرانية ولم تستهدف الشعب الايراني وحسب بل استهدفت كل الجهود الدولية التي تبذل للمحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة وتفادي التصعيد فيها، معتبراً ان مثل هذه الاعتداءات ترمي إلى تقويض كل المبادرات والوساطات القائمة حالياً لمنع تدهور الأوضاع والتي كانت قطعت شوطاً متقدماً بهدف الوصول إلى حلول واقعية وعادلة تبعد خطر الحرب عن دول المنطقة وشعوبها.ودعا الرئيس عون المجتمع الدولي إلى التحرك الفاعل والسريع لعدم تمكين إسرائيل من تحقيق أهدافها التي لم تعد خافية على احد والتي تنذر، في حال استمرت، باخطر العواقب.
ودعا الرئيس نبيه بري «المجتمع الدولي الى موقف جاد وصريح وقبل فوات الأوان يلجم ويوقف العدوانية الإسرائيلية التي لا تغتال فقط الإنسان والطفولة والأمن والاستقرار والقوانين والقرارات الدولية، إنما هي تغتال قبل أي شيء آخر كل مسعى أو جهد يبذل من أجل إرساء قواعد السلام العادل والشامل في العالم وفي منطقه الشرق الاوسط».
كما دان الرئيس سلام بشدة، بشدة، العدوان الاسرائيلي الخطير على ايران.وقال: العدوان يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولسيادة ايران وتداعياته تهدد استقرار المنطقة بأشملها لا بل السلم العالمي».
وقبل عودته الى بيروت، التقى الرئيس عون البابا ليون الرابع عشر في الفاتيكان، وقال بعد الاجتماع: اكدت للاب الأقدس ان العلاقة بين لبنان والكرسي الرسولي هي علاقة تاريخية متجذّرة، تقوم على أسس متينة من القيم الإنسانية والروحية المشتركة. وجددت لقداسة البابا تمسك لبنان برسالته الفريدة في هذا الشرق المضطرب، كأرض حوار وتلاق بين الحضارات، وواحة للحرية الدينية والتعددية الثقافية.
اضاف: ان لبنان هذا الوطن الصغير بمساحته، الكبير برسالته، ما زال ينهض برغم الجراح، ليؤدي دوره الطبيعي في محيطه والعالم، كجسر بين الشرق والغرب، وكموقع حوار بين الأديان والثقافات، وهو ما أكده مرارا البابا القديس يوحنا بولس الثاني بقوله: «لبنان ليس مجرد بلد، بل هو رسالة».
وقال الرئيس عون: سمعتُ من قداسة البابا ما يطمئنني بأن الحبر الأعظم سيكون دائماً إلى جانب لبنان وأهله إلى أي طائفة ينتمون، وسيعمل من اجل ما يحقق تطلعات اللبنانيين في وطن آمن ومستقر وواحة امل وفرح وسلام.
ووجَّه الرئيس عون دعوة رسمية للبابا لزيارة لبنان، واكد ان «اللبنانيين يتطلعون إلى زيارته للبنان بشوق عارم لأن حضوره المبارك سيكون رسالة سلام وأمل للمنطقة، ونوراً يضيء طريق الخروج من الأزمات. وقد لمست من قداسته كل تجاوب ومحبة.
وختم قائلاً: أخرج من لقائي مع الاب الأقدس بروح من الأمل المتجدد، وبإيمان راسخ بعمق العلاقة التي تجمع لبنان بكرسي القديس بطرس، حاملين معنا بركة قداسة البابا، وعهداً على مواصلة العمل من أجل وطن يليق بتاريخه، ويعبّر عن رسالته، ويؤدي دوره كاملاً في خدمة الإنسان وقيم العدالة والسلام.
ولاحقاً إلتقى البابا ليون الرابع عشر رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى وأفراد العائلة في الفاتيكان، في تقليد متّبع مع الرؤساء.
كما التقى عون امين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين. وعرض معه اوضاع لبنان والمنطقة.
العدوان
وكان جيش الاحتلال قد ذكر في وقت سابق أنه حضّر خطة هجومية، في حال تم إطلاق نار من لبنان، وذكر إعلام إسرائيلي: ان الجيش استدعى الاحتياط لتعزيز قواته على الحدود الشمالية.
وسُمعت عصر امس اصوات انفجارات في مستوطنات الجليل الاعلى الاسرائيلية قبالة الحدود اللبنانية لا سيما في كريات شمونة حيث دوت صفارات الانذار، واعلنت القناة 12 الإسرائيلية انها نتيجة اعتراض مسيّرتين عند الحدود اللبنانية.وافيد عن انفجار ثلاثة صواريخ اعتراضية فوق مستعمرة المطلة المحاذية للحدود مع لبنان، وسقوط صاروخ اعتراضي على نهر الحاصباني.
وذكرت بعض المعلومات ان المسيَّرات كانت قادمة من جهة الشرق نحو عمق الكيان الاسرائيلي.
وفي هذا المجال، حذّرت قيادة الجيش المواطنين من سقوط بقايا صواريخ اعتراضية، وتدعوهم إلى عدم الاقتراب منها حفاظًا على سلامتهم. وقالت: تعمل الوحدات العسكرية المختصة على نقل هذه البقايا وإجراء اللازم بشأنها.
وادى اقفال المجالات الجوية في عدد من الدول العربية واسرائيل وايران الى الغاء واعادة جدولة عدد كبير من الرحلات الى مطار بيروت. والغت شركة طيران الشرق الأوسط رحلاتها إلى الدول التي أقفلت مجالها الجوي كالأردن والعراق وتعمد إلى تغيير مسار طائراتها وفقًا للمسارات الآمنة.
وجرى اقفال المجال الجوي اللبناني حتى السادسة صباحا.
**************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
إيران تستوعب الضربة... وتبدأ ردّها: نحو أيام قتالية صعبة
إيران تستوعب الضربة الإسرائيلية وتبدأ ردّها، بعدما أكّد المرشد الأعلی الإیراني، آية الله علي خامنئي أن «على العدو الإسرائيلي أن ينتظر عقاباً قاسياً».
طهران | مع انتهاء مهلة الشهرين التي حدّدها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإيران، لقبول الاتفاق الذي وضعته الولايات المتحدة علی الطاولة بهدف تعطیل برنامج طهران النووي، ورفضته الأخيرة، بدأت إسرائيل، وبضوء أخضر أميرکي، عملية واسعة ومعقّدة طاولت العديد من المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية، وشملت اغتيال العشرات من كبار القادة العسكريين والشخصيات المؤثّرة في البرنامج النووي الإیراني.
وشرعت إسرائیل، فجر الجمعة، في عدوان واسع على إيران استهدف العاصمة طهران ومحافظات أخرى، فيما ترجّح التقديرات الأولية أن تتواصل الهجمات على مدى أيّام أو أسابيع، بحسب مسؤولين إسرائيليين. وتمّ تنفيذ الهجوم على مرحلتَين متزامنتَين: أولاً، اغتيال عدد من كبار القادة العسكريين والشخصيات المؤثّرة في البرنامج النووي للبلاد؛ وثانياً، محاولة تدمیر المنشآت والقدرات الدفاعية في مدن مختلفة، فضلاً عن المنشآت النووية الإيرانية.
ومن بين الذين اغتالتهم إسرائيل، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، والقائد العام لـ»الحرس الثوري» حسين سلامي، وقائد القوة الجوية الفضائية في «الحرس» أمير علي حاجي زاده، وست شخصيات مؤثّرة في البرنامج النووي الإيراني، بمن في ذلك الرئيس السابق لـ»منظمة الطاقة الذرية» فريدون عباسي. كما تعرّض مستشار المرشد الإيراني، علي شمخاني، الذي ترأّس اللجنة المشرفة على أداء فريق التفاوض الإيراني مع الولايات المتحدة، لمحاولة اغتيال في منزله، ما أدى إلى إصابته بجروح بليغة.
ومن بين المواقع العسكرية والنووية التي استهدفتها الضربات، منشأة تخصيب اليورانيوم في مدينة نطنز في وسط البلاد، والتي قالت إسرائيل إنها دمّرت الجزء الذي يقع فوق الأرض منها، ومطارات مهر آباد وبوشهر وتبريز، وقاعدة همدان.
ويُعدّ الهجوم الإسرائيلي الواسع على مناطق مختلفة في إيران مثالاً لعملية معقّدة ومتعدّدة الجوانب تهدف إلى القضاء على سلسلة القيادة العسكرية، وإضعاف القدرة العسكرية الإيرانية. وحمل الهجوم، الذي بدأت موجة جديدة منه منتصف الليل، مزيجاً من المعلومات الاستخبارية الدقيقة، والقدرة على تحديد الأهداف الرئيسية، وتنفيذ عمليات منسّقة بدقة عالية؛ إذ يشير الحجم الهائل للمواقع المُستهدفة إلى أن إسرائيل نفّذت العملية بناءً على خطّة مفصّلة ومجهّزة مسبقاً.
وجعل اغتيال العديد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، فضلاً عن تضرر العديد من منشآت إطلاق الصواريخ، الردّ الإيراني أكثر صعوبة. ومع ذلك، تمكّنت الجمهورية الإسلامية، مساء أمس، من تنفيذ ضربات صاروخية طاولت قلب عاصمة الكيان الإسرائيلي في رمات غان، حيث قالت وسائل إعلام إن الضربات الإيرانية دمّرت 9 مبانٍ بشكل كامل، وأدّت إلى تضرر مئات أخرى. ويُعدّ هذا الردّ هو الثالث من نوعه، بعد هجومين في نيسان 2024، ردّاً على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، وآخر في تشرين الأول من العام الماضي ردّاً على اغتيال القيادي في «حماس» إسماعيل هنية في العاصمة طهران، والأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله.
وأُطلق على عملية أمس، «الوعد الصادق 3»، التي قال «الحرس الثوري» إنها «جزء من ردّ الجمهورية الإسلامية على دماء الأبرياء المسفوكة»، فيما استهدفت، وفق البيان الصادر عنه، «المراكز الصناعية العسكرية التي استخدمها العدو لإنتاج الصواريخ وغيرها من الأسلحة لارتكاب الجرائم ضدّ الشعودب المقاومة في المنطقة». كذلك، أعلنت وكالة «تسنيم» أن عدد الأهداف الجوية التي أسقطتها إيران، بلغ 8، من بينها طائرتا «إف - 35»، متحدّثة عن أسر طيار واحد، وهو ما نفته إسرائيل في وقت لاحق.
«هم مَن بدؤوا وهم مَن أشعلوا الحرب، ولن نسمح لهم بأن يفلتوا سالمين من هذه الجريمة»
وفي أول ردّ فعل علی العدوان الإسرائیلي، أكّد المرشد الأعلی الإیراني، آية الله علي خامنئي، صباح أمس الجمعة، أن «على العدو الإسرائيلي أن ينتظر عقاباً قاسياً»، كردّ على عدوانه. وقال، في رسالة إلى الشعب الإيراني، إنّ «الكيان الصهيوني ارتكب فجر اليوم جريمةً قذرةً وداميةً في الأراضي الإيرانية، عبر استهدافه مناطق سكنية»، مشيراً إلى أنّ «هذا العدوان يكشف طبيعة هذا الكيان الإجرامية أكثر من أي وقت مضى». وخاطب خامنئي الشعب الإيراني، قائلاً إنّ «العدو الإسرائيلي أعدّ لنفسه مصيراً مريراً ومؤلماً وسوف يناله حتماً».
كما أصدر المرشد قراراً بتعيين اللواء عبد الرحيم موسوي رئيساً للأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، والعميد محمد باكبور قائداً لـ»حرس الثورة الإسلامية»، والعميد علي شادماني قائداً لمقرّ «خاتم الأنبياء» العسکري المركزي، واللواء أمير حاتمي قائداً للجيش الإيراني خلفاً للواء عبد الرحمت موسوي. ومساء، أكّد خامنئي، في كلمة متلفزة، أنه «لا بدّ من التصرّف بحزم، ولن نتساهل»، لأنهم «هم مَن بدؤوا وهم مَن أشعلوا الحرب، ولن نسمح لهم بأن يفلتوا سالمين من هذه الجريمة».
وقال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بدوره، في كلمة متلفزة، إن «الشعب الإيراني، ومسؤولي البلاد، لن يلتزموا الصمت أبداً، أمام هذا العدوان الغاشم»، مؤكداً أن «العدو سيتلقّى الردّ المشروع، والقوي، والحاسم، الذي سيجعله يندم على فعلته الحمقاء». وأشار بزشكيان إلى أن بلاده «بذلت الكثير من المساعي لتعزيز السلام والأمن الإقليميَّين، وكانت جاهزة للتفاوض والحوار، لكنها اليوم مستعدّة وحاسمة في الرد على الاعتداء على أرضها».
من جهته، أكّد الناطق باسم هيئة الأركان الإيرانية أنّ العدوان الإسرائيلي على إيران، «حصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة»، متوعّداً واشنطن وتل أبيب بأنهما «ستدفعان ثمناً باهظاً». وشدّد على أنّ الرد الإيراني على العدوان «حتمي، وسيكون متناسباً»، مشيراً إلى أنّ الاحتلال استهدف مناطق سكنية. وبعث وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، من جانبه، رسالة إلى المدير العام لـ»الوكالة الدولية للطاقة الذرية» عقب الهجوم الإسرائیلي على المنشآت النووية الإيرانية، داعياً إيّاه إلى إدانة صريحة لهذا العدوان. وفي هذه الرسالة، تحدّث عراقجي عن قرار إيران اتخاذ تدابير خاصة لحماية المعدات والمواد النووية، وذكر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستردّ ردّاً حاسماً على هذا العدوان.
ويأتي العدوان الإسرائيلي في الوقت الذي كان من المُقرّر أن تُعقد فيه الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية - الأميركية، غداً، في العاصمة العُمانية مسقط؛ إلا أن بعض التقارير تشير إلى أن إيران لن تقبل التفاوض في ظلّ مثل هذه الظروف، فیما حثّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس، طهران على إبرام اتفاق في شأن برنامجها النووي. وكتب، في منشور عبر منصّة «تروث سوشيال»، أن «الوقت لا يزال متاحاً أمام طهران لمنع مزيد من الصراع مع إسرائيل. وقع بالفعل موت ودمار واسعان، لكن لا يزال الوقت متاحاً لوقف هذه المذبحة بالنظر إلى وجود خطة للهجمات المقبلة بالفعل، وستكون أكثر وحشية».
****************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
قرار لبناني حاسم بتحييد البلاد… وعلى «الحزب» الالتزام
إدانات للهجوم على إيران ودعوة المجتمع الدولي للتحرك
بيروت: كارولين عاكوم
أجمعت مواقف المسؤولين اللبنانيين على إدانة الضربات الإسرائيلية لإيران، في وقت نشطت به الاتصالات على أكثر من مستوى، لتحييد لبنان وتجنيبه أي تداعيات سلبية. وكان لافتاً موقف «الحزب»؛ إذ اعتبر أن تل أبيب تجاوزت الخطوط الحمراء، لكنّ بيان الإدانة الذي أصدره الحزب خلا من أي تهديد بالردّ أو الإشارة إلى أي تدخّل من جانبه.
وتكثفت الاتصالات من قبل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة منذ ساعات الصباح الأولى يوم الجمعة، داخلياً وخارجياً، للتأكيد على عدم جر لبنان إلى مخاطرة جديدة، فيما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في «الحزب» قوله إن الجماعة لن «تبادر» لمهاجمة إسرائيل رداً على الضربات على إيران. وأعلنت الرئاسة اللبنانية بعد ظهر الجمعة أن الرئيس جوزيف عون قطع زيارته إلى الفاتيكان التي وصلها صباحاً، وألغى مواعيده المقررة، عائداً إلى بيروت لمتابعة التطورات الراهنة.
و أبلغت رئاسة الحكومة اللبنانية «الحزب»، عبر قيادة الجيش، بقرار «حازم وحاسم» بأنه لا حاجة لتوريط لبنان، ولا حاجة للردّ أو الانخراط في المستجدات الأخيرة، وذلك حفاظاً على الاستقرار في البلاد، وفق ما أكدت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط». وأضافت المصادر أن «الدولة اللبنانية تدين الهجوم لكنها في الوقت عينه ترفض توريط لبنان وهو ما تمّ إبلاغه بشكل مباشر عبر الجيش، لقيادة الحزب»، لافتة إلى أن «المؤشرات حتى الآن تعكس التزاماً من الحزب بهذا القرار». وأعلن مصدر مقرب من «الحزب» أنه «إذا تعرض لبنان لأي هجوم فالدولة مسؤولة، وما يحصل بين إسرائيل وإيران شأن دولي ولن نتدخل فيه».
إدانات لبنانية
من جانبه، اعتبر رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، أن «الاعتداءات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية استهدفت كل الجهود الدولية التي تُبذَل للمحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة وتفادي التصعيد فيها». وأشار إلى أن «مثل هذه الاعتداءات ترمي إلى تقويض كل المبادرات والوساطات القائمة حالياً لمنع تدهور الأوضاع، التي كانت قطعت شوطاً متقدماً بهدف الوصول إلى حلول واقعية وعادلة تبعد خطر الحرب عن دول المنطقة وشعوبها.
ودعا الرئيس اللبناني «المجتمع الدولي إلى التحرّك الفاعل والسريع لعدم تمكين إسرائيل من تحقيق أهدافها التي لم تعد خافية على أحد، والتي تنذر، في حال استمرت، بأخطر العواقب».
نواف سلام
كذلك، دان رئيس الحكومة نواف سلام بشدة، العدوان الإسرائيلي الخطير على إيران، وقال: «العدوان يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولسيادة إيران وتداعياته تهدد استقرار المنطقة بأشملها لا بل السلم العالمي».
وشدد سلام خلال اجتماعه مع وزراء الدفاع ميشال منسى والداخلية أحمد الحجار والخارجية يوسف رجي، والأشغال العامة والنقل فايز رسامني، بالإضافة إلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل على «ضرورة اتخاذ كل الإجراءات لضبط الاستقرار، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية الراهنة»، كما جرى استعراض الخطط الطارئة الموضوعة من قبل الأجهزة الأمنية والوزارات المختصة للتعامل مع أي انعكاسات مباشرة أو غير مباشرة على الوضع الداخلي.
من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية أن الاعتداء الإسرائيلي على إيران يشكل خرقاً فاضحاً للسيادة الوطنية والقانون الدولي، ويخالف ميثاق الأمم المتحدة، وحذرت في بيان «من عواقب هذا التصعيد الخطير على الأمن والسلم الإقليمي والدولي»، مؤكدة أنها «تتابع اتصالاتها لتجنيب لبنان أي تداعيات سلبية لهذا العدوان».
نبيه بري
بدوره، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية يُعَد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولسيادة الدول المستقلة واستقرار جوارها الإقليمي، وهو فعل مدان بكل المقاييس، وهو أيضاً، وبالدليل القاطع، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن هذا الكيان من خلال حروبه العدوانية المتواصلة في قطاع غزة ولبنان، واليوم ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن خلال سلوك مستوياته السياسية والعسكرية والأمنية يمثل تهديداً عابراً لحدود الدول المستقلة وللأمن والاستقرار الدوليين».
ودعا بري في بيان «المجتمع الدولي إلى موقف جاد وصريح قبل فوات الأوان يلجم ويوقف العدوانية الإسرائيلية التي لا تغتال فقط الإنسان والطفولة والأمن والاستقرار والقوانين والقرارات الدولية، إنما هي تغتال قبل أي شيء آخر كل مسعى أو جهد يبذل من أجل إرساء قواعد السلام العادل والشامل في العالم وفي منطقه الشرق الأوسط».
«الحزب»: تهديد المنطقة
وفي وقت تتجه فيه الأنظار إلى ما سيكون عليه رد فعل «الحزب» وما إذا كان سيلتزم بقرارات الدولة اللبنانية، بعدما كان قد اتخذ قراره منفرداً في «حرب إسناد غزة» التي تحوّلت إلى حرب مدمرة للبنان ونتجت عنها خسارة كبيرة بالنسبة له، اكتفى الحزب هذه المرة بإصدار بيان إدانة خلا من التهديد والوعيد، مع تأكيده أن الضربات الإسرائيلية تهدد بإشعال المنطقة.
واعتبر «الحزب» في بيان أن تلك الضربات تشكّل «تصعيداً خطيراً في مسار التفلّت الصهيوني من كل الضوابط والقواعد بغطاء ورعاية أميركيتين كاملتين». وأضاف أن الهجمات تؤكّد أن «هذا العدو لا يلتزم أي منطق أو قوانين، وبات يجنح إلى ارتكاب حماقات ويقوم بمغامرات تنذر بإشعال المنطقة برمّتها، خدمة لأهدافه العدوانية، ولإنقاذ نفسه من أزماته الداخلية».
وتابع البيان: «تخطى العدو الإسرائيلي كل الخطوط الحمراء ظنّاً أنه بذلك يغيّر المعادلات، لكنه سيكتشف أن الشعب الإيراني العظيم سيزداد تمسكاً بحقوقه الطبيعية المشروعة وسيدافع عن حريته وعزته واستقلاله بقوة».
وفي بيان منفصل، استنكر الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، الضربات الإسرائيلية على إيران، معتبراً أنه «لا يوجد أي مبرِّر لهذا العدوان الإسرائيلي، سوى إسكات صوت الحق الداعم والمساند للشعب الفلسطيني في غزة». وقال إن «هذا العدوان سيترك آثاره الكبيرة على استقرار المنطقة؛ فهو لن يمر من دون رد وعقاب»، مضيفاً أن الحزب يؤيد إيران «في حقوقها وموقفها، وفي كل ما تتخذه من خطوات وإجراءات للدفاع عن نفسها وخياراتها».
*********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
ثالث عملية بعد «البيجر » واغتيال نصرالله إسرائيل تقصف النووي الإيراني
اعلنت إيران مقتل العشرات -بينهم مجموعة من قادة الصف الأول العسكريين والخبراء النوويين- في غارات واسعة النطاق نفذتها طائرات إسرائيلية على مناطق مختلفة الجمعة، وكشفت مصادر إسرائيلية كواليس الهجوم الذي قالت حكومة بنيامين نتنياهو إنه بداية عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي.
وذكرت وكالة “أنباء فارس” أن الهجمات الإسرائيلية أسفرت عن 78 قتيلا و329 مصابا في المناطق السكنية بمحافظة طهران وحدها.
وقال مدير دائرة الأزمات في مدينة تبريز غربي إيران إن 8 أشخاص قتلوا في هجوم إسرائيلي على المدينة. وأفادت وسائل إعلام إيرانية وشهود بوقوع انفجارات في مواقع مختلفة، من بينها منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم.
وقال الجيش الإسرائيلي إن عشرات المقاتلات نفذت ضمن عملية أطلق عليها اسم “الأسد الصاعد” ما وصفها بـ”الضربة الافتتاحية” في قلب إيران، تلتها هجمات وضربات أخرى.
وأضاف الجيش -في بيان – أن 200 مقاتلة شاركت في الهجوم على إيران وضربت نحو 100 هدف في مناطق إيرانية مختلفة، كذلك استُخدمت 300 قنبلة في إطار تنفيذ تلك الهجمات.
وأشار إلى أن الطائرات الحربية “تواصل مهاجمة” منشآت نووية في إيران.
وأكدت وكالة “أنباء مهر” الإيرانية تسجيل دوي انفجارات في مدينة تبريز غربي البلاد للمرة الثالثة وتصدي الدفاعات الجوية لمسيّرة، وأفادت بسماع أصوات انفجارات من أطراف قاعدة نوجة الجوية قرب مدينة همدان، إضافة إلى دوي انفجار قوي في محيط قاعدة جوية بهمدان.
شرقا، أكدت وكالة “مهر” أن مقاتلات إيرانية تحلق في أجواء مدينة مشهد، ورصدت وسائل إعلام إيرانية انفجارات غرب العاصمة الإيرانية.
ولاحقا، أعلنت مصادر إسرائيلية شن موجة جديدة من الهجمات استهدفت مطاري مهر آباد وبوشهر حيث تتمركز مقاتلات إيرانية، وأكدت تدمير عشرات منصات إطلاق الصواريخ ومواقع تخزينها في إيران.
ومع مرور الوقت تتكشف تفاصيل العملية العسكرية الإسرائيلية، وأعلن الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو استكمل سلسلة غارات على منظومة صواريخ أرض أرض التابعة للنظام الإيراني، وتدمير عشرات منصات إطلاق الصواريخ ومواقع تخزين صواريخ أرض أرض ومواقع عسكرية أخرى.
ونقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن جهاز الموساد أنشأ داخل إيران قاعدة لإطلاق المسيّرات المتفجرة، وتم تفعيل المسيّرات خلال هجوم اليوم لاستهداف منصات إطلاق صواريخ قرب طهران.
وبرر مسؤولون إسرائيليون -تحدثوا لصحيفة “فايننشال تايمز”- الهجوم باقتراب إيران من تطوير قنبلة نووية، وأكدوا أن الضربة الإسرائيلية لإيران خُطط لها على مدى سنوات، وتم تنفيذها بعد جمع معلومات عن المواقع النووية ومسؤولين عسكريين وعلماء، وقالوا إن نجاح العملية تطلّب معلومات مفصلة بشأن تحركات المسؤولين والعلماء الإيرانيين.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن كبار المسؤولين في الجيش قولهم “بدأنا بخطوة قوية لكنها مجرد بداية، إذا شنت إيران هجوما فلدينا أهداف إضافية”.
وتحدث مسؤول أمني إسرائيلي لفوكس نيوز عن تحقيق نجاح عبر خداع كبار قادة القوات الجوية الإيرانية وجعلهم يجتمعون في مكان واحد قبل استهدافهم، وقال إن الضربات “كانت أكثر نجاحا مما توقعنا”.
وأعلن المرشد الإيراني علي خامنئي مقتل عدد من القادة والعلماء في الهجوم الإسرائيلي، وقال إن على “الكيان الصهيوني أن ينتظر عقابا شديدا”.
ومن بين القادة الذي أعلن عن مقتلهم قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي وعدد من زملائه وحراسه، ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، وقائد “فيلق القدس” اسماعيل قاآني.
وأفادت مصادر إيرانية بأن الهجمات الإسرائيلية أدت إلى مقتل 6 علماء نوويين إيرانيين، بينهم أحمد رضا ذو الفقاري وفريدون عباسي دواني ومحمد مهدي طهرانجي.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي في وقت سابق أن إيران أطلقت نحو 100 مسيّرة ردا على الهجوم الذي استهدفها، وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتراض مسيّرات في جنوب سوريا وقبالة سواحل لبنان تم إطلاقها من إيران، كما اعترضت منظومة القبة الحديدية البحرية 3 مسيّرات فوق البحر الأحمر.
وأعلنت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن صفارات الإنذار دوت في كريات شمونة وبلدات عدة بمحيطها عند الحدود مع لبنان.
في المقابل، نقلت وكالة “أنباء فارس” عن مصدر مطلع قوله إن طهران لم تنفذ بعد هجوما بالمسيّرات، مؤكدا أن “الانتقام الحقيقي سيكون قريبا”.
وتعهد أحمد وحيدي القائد الجديد للحرس الثوري الإيراني بأن بلاده “ستفتح أبواب جهنم قريبا على العدو الصهيوني القاتل”.
وقال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة لبلومبيرغ “قادرون الآن على الوصول إلى أي هدف في إيران، هدفنا ليس تغيير النظام في إيران، ونتمنى لو كان لدى شعبها نظام مختلف”، وأكد أن إسرائيل تستعد “لهجمات خطيرة ومكثفة من إيران في الأيام القليلة المقبلة”.
وعقب الهجوم على إيران أُغلق مطار بن غوريون في تل أبيب حتى إشعار آخر، ووضعت وحدات الدفاع الجوي الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى تحسبا لرد إيراني.
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مصادر قولها إن المستشفيات الإسرائيلية وضعت في حالة تأهب قصوى، وتم نقل المرضى إلى أماكن تحت الأرض. وأعلن الجيش الإسرائيلي تجنيد جنود احتياط من وحدات عدة لمختلف قطاعات القتال في جميع أنحاء إسرائيل.
إيران تعتبر الهجوم الإٍسرائيلي “إعلان حرب”
وتتوعد برد قوي وتدعو مجلس الأمن إلى التحرك
قالت إيران الجمعة، إن إسرائيل “ستندم على عدوانها”، ووصفت الهجمات الإسرائيلية على منشآتها العسكرية والنووية بأنها “إعلان حرب”، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى التحرك.
وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في خطاب للأمة إن “رد إيران المشروع والقوي سيجعل إسرائيل تندم على فعلتها الحمقاء”، وحث الإيرانيين على الثقة في قيادتهم والوقوف إلى جانبها.
من جهته وصف وزير الخارجية عباس عراقجي الهجوم الإسرائيلي بأنه “إعلان حرب”، ودعا في رسالة إلى الأمم المتحدة “مجلس الأمن إلى التحرك فورا”.
كما قالت وزارة الخارجية الإيرانية، إن عراقجي أرسل رسالة إلى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يطالبه بإدانة عدوان الكيان الصهيوني، مؤكدا عزم طهران على اتخاذ تدابير خاصة لحماية المعدات والمواد النووية.
كما دعا عراقجي إلى تحرك عاجل من غروسي لعقد اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة لبحث هذا الوضع.
يأتي ذلك في وقت أكدت وكالة الأنباء الإيرانية، أن الحكومة الإيرانية تعقد اجتماعا طارئا عقب الهجوم الإسرائيلي.
وفي وقت سابق أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي مقتل عدد من القادة والعلماء في الهجوم الإسرائيلي فجر الجمعة على إيران، وأكد أن خلفاءهم وزملاءهم سيستأنفون مهامهم فورا.
وتوعد خامنئي إسرائيل بعقاب شديد، “أعد الكيان الصهيوني لنفسه بهذه الجريمة مصيرا مريرا ومؤلما وسوف يناله لا محالة”.
وفي السياق، قال المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، إن الولايات المتحدة وإسرائيل ستدفعان الثمن.
وتوعد المتحدث العسكري الإيراني برد قاس على الاعتداءات الإسرائيلية.
“هآرتس”: الموساد يفعّل مسيّرات مفخخة خزنها سابقاً داخل إيران
أكدت صحيفة “هآرتس” الجمعة، أن مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة كشفت عن أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) كان قد أنشأ قاعدة عسكرية داخل إيران قبل الضربات الجوية التي نُفذت فجر الجمعة، حيث تم تخزين مسيّرات مفخخة هُربت إلى الداخل الإيراني منذ أمد، وقد استُخدمت هذه الطائرات في الهجوم على منشآت عسكرية ونووية إيرانية.
وأضافت المصادر، أن الموساد عمل سنوات جنبا إلى جنب مع الجيش الإسرائيلي على جمع معلومات استخبارية دقيقة، تمهيدا لتنفيذ هذه الضربة الواسعة التي وصفت بـ”المدمّرة”، مشيرة إلى أن الهجوم انطلق مع تفعيل أنظمة داخلية كانت جاهزة مسبقا داخل إيران.
وقالت المصادر، إن فرق كوماندوز تابعة للموساد عملت في وسط إيران ونشرت أنظمة تشغيلية للأسلحة الموجهة بدقة في مناطق مفتوحة، على مقربة من أنظمة الصواريخ الإيرانية أرض-جو، بهدف تحييدها كاملا قبل وصول الطائرات الحربية.
ونقلت “هآرتس” عن المصادر تأكيدها تجهيز مركبات داخل إيران بأنظمة هجومية وتقنيات متطورة، استخدمت لتفكيك قدرات الدفاع الجوي الإيرانية، ما مكّن الطائرات الإسرائيلية من تنفيذ مهمتها دون مقاومة فعالة.
وأشار التقرير إلى أن هذه العملية لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت بتخطيط طويل الأمد، وجمع معلومات استمر سنوات، شمل ملفات دقيقة عن شخصيات بارزة في المؤسسة الدفاعية الإيرانية وعلماء نوويين، إضافة إلى البنية التحتية الصاروخية الإستراتيجية لطهران.
*************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“الخماسية” لجدولة تسليم السلاح
الجيش اللبناني لـ “الحزب”: اقعدوا عاقلين
انهمرت أمس الأسئلة في لبنان بالتزامن مع انهمار صواريخ إسرائيل على إيران، عما سيفعله “الحزب” في أسوأ يوم مرّ بإيران منذ تأسيسها عام 1979. وترافقت هذه الأسئلة مع معلومات مصادر مطلعة أفادت أن “الحزب” تلقى نصائح مباشرة وتحذيرات واضحة من مستويات لبنانية رسمية وأمنية بارزة، شددت على ضرورة ضبط النفس وعدم القيام بأي تحرك عسكري من الأراضي اللبنانية، لما لذلك من تداعيات كارثية على لبنان في حال قررت إسرائيل الرد المباشر.
رسمياً، تابع رئيس مجلس الوزراء نواف سلام تداعيات الضربات الإسرائيلية على إيران مع وزراء الدفاع ميشال منسى الداخلية أحمد الحجار، الخارجية يوسف رجي والأشغال العامة والنقل فايز رسامني، بالإضافة إلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل. وشدد الرئيس سلام على “ضرورة اتخاذ كل الإجراءات لضبط الاستقرار، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية الراهنة”. كما جرى استعراض الخطط الطارئة الموضوعة من قبل الأجهزة الأمنية والوزارات المختصة للتعامل مع أي انعكاسات مباشرة أو غير مباشرة على الوضع الداخلي”.
وفي سياق متصل، أكدت المصادر المطلعة أن التحذيرات التي تلقاها لبنان لم تقتصر على “الحزب” فقط، بل طالت أيضاً الفصائل الفلسطينية الحليفة له، ولا سيما حركتي “حركة ح” و”الجهاد الإسلامي”، حيث تم إبلاغ قياداتهما بعبارات لا تحتمل التأويل أن أي تحرك عسكري من الجنوب اللبناني، سواء عبر الصواريخ أو أي تحرك ذي طابع عسكري، سيُواجَه بموقف لبناني صارم جداً وغير مسبوق، يتضمن اتخاذ قرارات سياسية وأمنية غير متوقعة على الإطلاق.
وتكشف المعطيات أن هذه الرسائل نُقلت بأكثر من قناة، أبرزها كما أكدت مصادر سياسية متابعة لـ “نداء الوطن” قائد الجيش العماد رودولف هيكل الذي تواصل مع “الحزب”، بعد الضربة الإسرائيلية على إيران، وأبلغه بضرورة تحييد لبنان وعدم الانجرار إلى مواجهة جديدة، لأن هذه الحرب ليست حربنا، داعياً إياه إلى الالتزام بالقرار الرسمي الذي يؤكد أنّ قرار الحرب والسلم بيد الدولة.
جدول تسليم سلاح “الحزب”
وقد علمت “نداء الوطن” أن اللجنة الخماسية التي تشرف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، نصحت لبنان بوضع جدول زمني لتسليم السلاح لتفادي الأسوأ، وأبلغته أن المجتمع الدولي لن يغض النظر عن هذا الموضوع، فباتخاذ لبنان خطوات عملية مطلوبة منه يستطيع إبعاد شبح الحرب لأن إسرائيل مصرة على إنهاء كل تهديد يطالها، في حين أن أحد شروط المجتمع الدولي لمساعدة لبنان، هو بسط سلطة الدولة وجمع كل السلاح غير الشرعي.
وأوضحت مصادر رسمية لـ “نداء الوطن” أن لبنان أجرى اتصالات بجهات خارجية من أجل إبعاد شبح الحرب، وتركزت مع واشنطن وباريس، وتم الاتفاق على حياد لبنان. من جهة ثانية أعطت السلطة السياسية الضوء الأخضر للقوى العسكرية وخصوصاً في الجنوب، وتم رفع التأهب إلى الحالة القصوى تحسباً لأي رد من أذرع إيران في حين تم التواصل مع “الحزب” من أجل عدم دخوله المعركة وكان رده إيجابياً.
وأتت هذه الرسائل بإشراف مباشر من شخصيات رفيعة في الدولة، بالتوازي مع تنسيق دولي وإقليمي لضمان عدم انزلاق الجبهة اللبنانية إلى دوامة النار المفتوحة. ووفق المصادر، فإن لبنان الرسمي يعتبر أن الانخراط في هذه المواجهة الكبرى لا يُجدي سوى في إلحاق الضرر المباشر به، ما يجعل من التحييد واجباً وطنياً وليس خياراً سياسياً.
وسط هذا المشهد المعقّد، يبقى لبنان في سباق دائم بين نيران الإقليم المتفجّرة وسعيه المضني لحماية ما تبقى من استقراره الداخلي، في وقت يدرك فيه الجميع أن أي خطأ في الحسابات قد تكون كلفته باهظة للغاية.
الضربة الإسرائيلية في الميزان الأميركي
بالتزامن، وصَفت أوساط دبلوماسية لـ “نداء الوطن” صورة تطورات أمس على النحو الآتي:
1. الموقف الأميركي:
أوضحت التصريحات الأميركية بجلاء، أن الولايات المتحدة ليست معنية مباشرة في الردود الإيرانية طالما أنها لا تستهدف قواتها. الرئيس دونالد ترامب وصف الضربة على إيران بأنها “ممتازة وناجحة جداً”، مهدداً بالمزيد من الردود “الأكثر وحشية” إن لم تلتزم طهران. هذا الموقف يعكس انتقال واشنطن من التحذير إلى التنفيذ، ويبدو أن ترامب منح إسرائيل الغطاء الكامل للتحرك.
2. الدور الإسرائيلي:
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان في أزمة داخلية، وجاءت ضربة من هذا النوع لتعيد إليه الشعبية والمكانة داخلياً، وتظهره كرئيس قوي حسم معركتين: الأولى، مع “الحزب” والثانية مع إيران. ويُفهم من السياق أن إسرائيل “أوكل إليها” توجيه الرسالة العسكرية لإيران بالنيابة عن واشنطن.
3. الموقف الإيراني:
تواجه إيران مفترق طرق: إما العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط أميركية، أو دخول حرب مفتوحة قد تُسقط النظام. فالقيادة الإيرانية تعرضت لضربة موجعة على مستوى النخبة، وليس البنية النووية فقط، ما يمثل تغييراً استراتيجياً في الاستهداف.
4. “الحزب” ولبنان:
“الحزب” في موقف حرج:
– لا يملك القدرة على الرد العسكري حالياً.
– يدرك أن أي رد منه سيجرّ البلاد إلى حرب واسعة، والمجتمع اللبناني لم يعد يتحمل تبعاتها.
منطق “وحدة الساحات” الذي رفعه سابقاً سقط عملياً، إذ لم يحصل رد شامل بعد الضربة الكبرى على إيران.
5. وظيفة الضربة الأميركية:
ضربة مركّبة لها هدفان:
– إرضاء إسرائيل سياسياً وعسكرياً.
– جرّ إيران إلى طاولة المفاوضات بالقوة وتحت الضغط.
خلاصة المشهد:
الولايات المتحدة فصلت بين الساحات، وأعطت الضوء الأخضر لإسرائيل. “الحزب ” في حالة تراجع استراتيجي، وإيران في موقع هشّ. الضربة ليست فقط عسكرية، بل سياسية بامتياز، وتهدف إلى تغيير قواعد الاشتباك وفرض توازن جديد في المنطقة.
في الموازاة، قال مسؤول في “الحزب” لـ “رويترز” إن “الحزب” لن يبادر بالهجوم على إسرائيل رداً على غاراتها. وأصدر الأمين العام لـ “الحزب” الشيخ نعيم قاسم بياناً قال فيه “لا يوجد أي مبرر لهذا العدوان “الإسرائيلي” سوى إسكات صوت الحق الداعم والمساند للشعب الفلسطيني في غزّة الصمود والإباء وقضيته في تحرير فلسطين والقدس والمقاومة في لبنان والمنطقة”.
صواريخ اعتراضية تنفجر في مناطق جنوبية
ميدانياً، أفيد عن انفجار ثلاثة صواريخ اعتراضيه فوق منطقة المطلة المحاذية للحدود اللبنانية مع إسرائيل. كما أفيد عن سقوط صاروخ اعتراضي على نهر الحاصباني.
كما صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان جاء فيه: “تحذّر قيادة الجيش المواطنين من سقوط بقايا صواريخ اعتراضية، وتدعوهم إلى عدم الاقتراب منها حفاظاً على سلامتهم. كما تعمل الوحدات العسكرية المختصة على نقل هذه البقايا وإجراء اللازم بشأنها.
البابا يطمئن رئيس الجمهورية
وإلى بيروت، عاد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون واللبنانية الأولى السيدة نعمت عون والوفد المرافق مساء أمس، بعد أن قطع زيارته إلى الفاتيكان وألغى المواعيد التي كانت مقررة لفترة بعد الظهر، بسبب الأوضاع التي تشهدها المنطقة والتطورات المتسارعة بعد الاعتداء الإسرائيلي على إيران.
وكان الرئيس عون قد أعلن من الفاتيكان أنه سمع من الحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر خلال اللقاء الذي جمعهما، ما يطمئنه بأن البابا “سيكون دائماً إلى جانب لبنان وأهله إلى أي طائفة ينتمون وسيعمل من أجل ما يحقق تطلعات اللبنانيين في وطن آمن ومستقر وواحة أمل وفرح وسلام”.
وخلال اللقاء، وجه الرئيس عون دعوة رسمية للبابا لزيارة لبنان، مؤكداً أن “اللبنانيين يتطلعون إلى زيارته للبنان بشوق عارم لأن حضوره المبارك سيكون رسالة سلام وأمل للمنطقة ونوراً يضيء طريق الخروج من الأزمات”. أضاف، “لمست من قداسته كل تجاوب ومحبة”.
من جهته، أكد الأب الأقدس أنه يتابع التطورات في لبنان ويصلي دائماً من أجل إحلال السلام والاستقرار فيه، كما يولي الوضع في منطقة الشرق الأوسط متابعة دقيقة، لافتاً إلى أنه سيعمل ما في وسعه من أجل السلام في العالم.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :