هدّدت إيران باستهداف المنشآت النووية السرية في إسرائيل، والتي حصلت على وثائق تتعلّق بها في عملية استخباراتية، إذا ما وجهت الأخيرة ضربة للمنشآت النووية الإيرانية.
طهران | هدّدت طهران بضرب المنشآت النووية السرية في إسرائيل، في حال أقدمت الأخيرة على توجيه ضربة إلى منشآتها النووية، وذلك بعد إعلانها أنها حصلت على «وثائق ومعلومات حساسة عن البرنامج النووي الإسرائيلي» في عملية استخباراتية، وهو ما أكده مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافاييل غروسي، الذي قال إن تلك الوثائق تتعلّق على ما يبدو بمركز الأبحاث النووية الإسرائيلي «سوريك».
وأعلن «المجلس الأعلى للأمن القومي» الإيراني الذي عقد اجتماعاً، أمس، أن «الإنجاز الاستخباراتي الكبير الذي حقّقته ايران، يُعد غنيمة ثمينة ونتيجة لجزء مهم من التخطيط الذكي والإجراءات الهادئة وغير الصاخبة التي يتبعها النظام الإسلامي المقدس في مواجهة صخب الأعداء». وأضاف، في بيان، أن «الوصول إلى هذه المعلومات، واستكمال الحلقة بين العمل الاستخباراتي والعملياتي، مكّن مجاهدي الإسلام من أن يردّوا فوراً على أي اعتداء محتمل من قبل الكيان الصهيوني على المنشآت النووية الإيرانية، من خلال استهداف منشآته النووية السرية. وسيتم الرد على أي عمل عدائي ضد البنى التحتية الاقتصادية أو العسكرية الإيرانية، بشكل دقيق ومتكافئ مع نوع الهجوم». وتابع أن «بنك أهداف الكيان الصهيوني بات على طاولة القوات المسلحة الإيرانية».
ومن جهته، أكد مدير الوكالة الدولية، رافاييل غروسي، أن طهران حصلت بالفعل على وثائق «تتعلّق على ما يبدو بمركز الأبحاث النووية الإسرائيلي سوريك»، في ما يمثّل أول اعتراف من خارج إيران بحصول الأخيرة على تلك الوثائق. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عنه تحذيره في مقابلة حصرية وأولى مع وسائل الإعلام العبرية «من عواقب الهجوم على إيران»، وتأكيده أن «الإيرانيين أخبروني أنه إذا هاجمت إسرائيل المنشآت النووية فسيتم إطلاق قنبلة ذرية». كما أشار غروسي إلى أن «البرنامج النووي (الإيراني) نطاقه واسع وعميق، وعندما أقول عميقاً فأنا أعي ما أقصده. العديد من هذه المنشآت محمية بشدة. ويتطلّب الأمر قوة مدمّرة للغاية لإحداث تأثير، ولكن قد يكون لها تأثير مختلف: أن تسعى إيران للحصول على أسلحة نووية أو تتخلّى عن معاهدة حظر الانتشار النووي».
وكانت أعلنت وكالة الأنباء التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية الإيرانية، السبت الماضي، نقلاً عن «مصادر مطّلعة في جهاز الاستخبارات»، أن إيران حصلت على «كمية هائلة من المعلومات والوثائق الاستراتيجية والحساسة» من إسرائيل، من بينها «آلاف الوثائق المتعلّقة بالمشاريع والمنشآت النووية الإسرائيلية». غير أن ضخامة حجم الشحنة وضرورة نقلها بشكل آمن إلى داخل البلاد، فرضتا التكتّم عليها حتى التأكد من وصولها كلّها إلى المواقع الآمنة المنشودة، بحسب المصادر التي أكّدت أن «حجم الوثائق كبير إلى حدّ أن مجرّد دراستها واستعراض الصور والمقاطع المصاحبة لها كل ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً».
غروسي يحذّر من ضرب المنشآت النووية الإيرانية «المحمية بشدة»
وتحدّث التقرير عن عملية اعتقال نفّذها «جهاز الأمن الداخلي» الإسرائيلي (الشاباك) والشرطة الإسرائيلية، في أيار الماضي، وطاولت شابين إسرائيليين يبلغان من العمر 24 عاماً بتهمة التجسّس لحساب إيران، موضحاً أن «اعتقال هذين الشخصين، إن كان مرتبطاً بالملف الأخير، فقد تمّ عقب خروج حمولة الوثائق من الأراضي المحتلة». ولم تعط الوكالة وسائر المصادر الخبرية في إيران، تفاصيل خاصة حول فحوى الوثائق؛ لكن بعد يوم واحد من إعلان الخبر، أكّد وزير الأمن الإيراني، إسماعيل خطيب، في تصريح صحافي، صحة التقارير بهذا الخصوص، وقال إن رجال الاستخبارات الإيرانيين استطاعوا الوصول إلى «كنز من المعلومات الاستراتيجية والعملانية والعلمية لإسرائيل».
وفي سياق متصل، أفاد المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أمس، بأن الوثائق التي حصلت عليها الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية كشفت عن دعم أوروبي مباشر للبرنامج النووي العسكري الإسرائيلي، «وهو ما سبق أن تحدّثت عنه أجهزتنا المختصّة، وسيتم الكشف عن تفاصيل إضافية في الفترة المقبلة». وتساءل بقائي، في تصريحات صحافية، عن ازدواجية المعايير الغربية، قائلاً: «الدول التي ترفع شعارات منع الانتشار النووي، وتهاجم البرنامج النووي الإيراني، هي ذاتها المتورّطة في تمكين إسرائيل من تطوير برنامج عسكري نووي». ومن جهتها، لم تعلّق إسرائيل رسمياً على تلك التسريبات، في حين لم يتضح ما إذا كانت للأمر صلة بعملية اختراق استهدفت مركزاً إسرائيلياً للأبحاث النووية، العام الماضي.
وتأتي هذه التطورات في وقت تزايدت فيه التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي يقع في صلب مناقشات الاجتماع الدوري لمجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، الذي انطلق أمس، في مقر الوكالة في فيينا. ويبدو أن ثمة احتمالاً كبيراً بأن يتبنّى المجلس مشروع قرار اقترحته الدول الغربية ضد إيران - في أعقاب التقرير الهجومي الذي نشره غروسي، حول هذا البرنامج -؛ وهو إجراء يمكن أن يواجَه بإجراء إيراني مضاد، ليرتفع بذلك مستوى التصعيد مجدّداً.
ويحصل هذا كله، بينما تواجه المحادثات بين إيران وأميركا للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، تحدياً خطيراً مرده إلى الخلافات حول تخصيب اليورانيوم في إيران. وسعت واشنطن دائماً للتظاهر بأن تنفيذ عمل عسكري ضد المنشآت النووية الايرانية مطروح على الطاولة في حالة فشل المفاوضات، في حين أن إسرائيل كانت المحفّز والمشجّع دائماً على ذلك. وفي هذا الخضمّ، يرى بعض المراقبين أن الإعلان عن حصول أجهزة الاستخبارات الإيرانية على وثائق نووية إسرائيلية، يشكّل استعراضاً لقوة إيران وجهوزيتها في مواجهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية، ويستهدف إرساء حالة ردع أمام هذه التهديدات.
وتحدّثت صحيفة «إيران» الحكومية عن «ضربة استخباراتية ماحقة إيرانية وُجهت إلى أجهزة استخبارات الكيان الصهيوني وأمنه»، مضيفة أنه «خلال المواجهة الدائرة لسنين بين طهران وتل أبيب، انتقل الأمر هذه المرة إلى ملعب الاستخبارات، ودقّت غرف التخطيط والأجهزة الأمنية الإسرائيلية في هذه الأيام مرة أخرى جرس الإنذار مع هذا الملف التجسّسي الجديد، مثلما اضطرت إلى الاعتراف بحقيقة مريرة تمثّلت في فتح ما لا يقل عن 20 ملفّاً تجسّسياً متعلّقاً بإيران داخل الأراضي المحتلة خلال الأشهر الـ12 الماضية، وأصدرت أكثر من 30 لائحة اتهام رسمية».
كذلك، نقلت صحيفة «جوان» القريبة من الحرس الثوري عن المختص بالشأن الإسرائيلي في إيران، علي عبدي، قوله إن «نشر هذه الوثائق سيؤثّر حتماً على التوازن النووي بين ملفّنا النووي والكيان الصهيوني في المنطقة، ويمكن له أن يوفّر الأرضية الشرعية والقانونية اللازمة إزاء الخطوات التالية والتغيّرات الجادّة والاستراتيجية للبلاد في القطاع النووي، ويُسهم في كسب تعاطف الرأي العام الداخلي والخارجي». ويبدو أن عبدي يقصد بذلك أن نشر هذه الوثائق يمكن أن يضفي شرعية على تحرّك إيران في اتجاه عسكرة برنامجها النووي، في حين أن المسؤولين الإيرانيين أكّدوا حتى الآن مراراً وتكراراً أن هذا البرنامج ذو طابع سلمي بحت.
العدو يروّج لانهيار المفاوضات | ترامب: نريد اتفاقاً مع إيران
أكد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن «المفاوضات مع إيران تكون أحياناً صعبة للغاية»، مضيفاً للصحافيين بعد مكالمة هاتفية مع رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، «أننا نحاول إبرام صفقة دون دمار أو قتل. وقد قلت لهم ذلك». وقال إن «الأمور سارت على ما يرام (مع نتنياهو)»، موضحاً أن «المفاوضات مع إيران قد تنجح وقد لا تنجح».
وأفادت تسريبات عبر الإعلام الإسرائيلي، بأنّ تل أبيب «لن تقبل باستمرار تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية لمدّة طويلة» بموجب أي اتّفاق أميركي - إيراني.
وذكر موقع «واينت» أنّ نتنياهو قطع شهادته أمام المحكمة في قضايا فساد، لعقد اتّصال دام 40 دقيقة مع ترامب، تم عبره بحث الملف النووي الإيراني، بالإضافة إلى المفاوضات المتعثّرة حول تبادل الأسرى مع حركة «حماس» في قطاع غزة. وأعقب ذلك عقْد الأول ليلاً اجتماعاً مع كبار المسؤولين الأمنيّين والعسكريّين «لمناقشة القدرات النووية الإيرانية والردود المحتملة».
نسخ الرابط :