تتجدد بين الحين والآخر هواجس لدى كثيرين من العودة الى ما قبل تاريخ السابع والعشرين من تشرين الثاني من العام ٢٠٢٤ اي الى ما قبل اتفاق وقف اطلاق النار وتحديداً الى سيناريو الحرب الاسرائيلية ضد لبنان. تتكرر الاستفسارات عما اذا كان هذا السيناريو واقعاً لا محالة في فصل الصيف مع الموسم الواعد اثر عودة الاخوة العرب، أم ان المسألة لا تتعدى كونها توقعات. في الواقع،ليس في امكان احد جزم. ماهية المشهد المقبل لاسيما اذا بقي ملف نزع السلاح يراوح مكانه.
بالامس قال رئيس الجمهورية العماد جوزف عون امام وفد فرنسي ان لبنان نفذ اتفاق وقف النار بحذافيره وان الجيش انتشر بنسبة ٨٥ في المئة في جنوب الليطاني ويتعاون مع قوات اليونيفيل لتطبيق القرار ١٧٠١ ومتمماته لجهة حصر السلاح في يد القوى المسلحة اللبنانية وما يعيق انتشاره هو استمرار الإحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس، في حين ان رئيس مجلس الوزراء نواف سلام لمناسبة مرور ١٠٠ يوم على تشكيل الحكومة قال ان الجيش فكك اكثر من ٥٠٠ موقع عسكري ومخزن.
هذه هي الوقائع التي يتوقف عندها الرئيسان عون وسلام وفي الوقت نفسه تواصل اسرائيل استهدافاتها وفق قولها لبنى تحتية لحزب الله ولكوادر منه وتتحدث تقارير صادرة عنها عن اعادة الحزب لهيكلة قواه العسكرية.
وفي سياق متصل، ترتفع اصوات من الداخل بشأن تمييع مسألة تسليم السلاح سواء المتصل بحزب الله او ذلك المرتبط بالمخيمات الفلسطينية .
والسؤال الأبرز هنا، هل تقرر اسرائيل شن حرب جديدة مستندة الى ما ورد في إتفاق وقف النار لاسيما النقطة المتصلة بحق إسرائيل في القيام بأي تحرك ضد اي تهديدات ..
وتقول مصادر سياسية مطلعة ان الكلام كثير عن نزع السلاح، والترجمة مفقودة حتى ان حزب الله يدرك ان سلاحه لن ينزع منه كما هو مرتقب، فإلى ماذا يقود ذلك؟ الى عودة التوتر او الى مشهد قاتم؟.
في هذا السياق، يرى مدير المركز الإقليمي للدراسات العسكرية والإستشارات العميد الركن المتقاعد خالد حمادة في تصريح انه بعد مضي اكثر من ستة اشهر على توقيع اتفاق وقف اطلاق النار الذي كان يجب ان تتوقف معه كل الاعتداءات الاسرائيلية، لا نزال نشهد
على هذه الأعتداءات بشكل يومي على مناطق لبنانية سواء في جنوب الليطاني او في شماله وتستند البيانات الإسرائيلية دائما الى معلومات تقول انها تهاجم بنى تحتية لحزب الله يعاد تكوينها بعد اتفاق وقف النار او مخازن أسلحة لم يصادرها الجيش اللبناني حتى الان.
هذه الإعتداءات المتكررة التي لا يبدو ان الحكومة اللبنانية قادرة على وقفها حيث يبدو ان ما من وسائل ضغط ديبلوماسية وازنة، كما ان ما من إجراءات ميدانية يمكنها طبع ما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية امام اصدقاء لبنان للضغط على إسرائيل لوقف هذه الإعتداءات ، وبالتالي يصبح من المنطقي التساؤل هل فعلا ستتطور هذه الإعتداءات الإسرائيلية لتصبح اكثر عنفا وربما تؤدي الى عمليات عسكرية متواصلة تذكرنا بما كان يحصل قبل وقف اطلاق النار. هذا سؤال يقلق اللبنانيين بالرغم من كل التطمينات التي تصدر من هنا او هناك ولاسيما من رئاسة الجمهورية او الحكومة اللبنانية وتعد اللبنانيين بإستقرار قادم وعودة لبنان الى ما يجب ان يكون عليه.
ويضيف العميد حمادة: في الحقيقة فإن كل عناصر التفجير تبدو ماثلة بشكل واضح في المشهد اللبناني، اعتداءات إسرائيلية متكررة تستند الى ما ورد في متن اتفاق وقف اطلاق النار بما يعطيها حرية العمل لمهاجمة اي أهداف او بنى تحتية لحزب الله لم تعالجها الدولة اللبنانية. فالدولة تحاول الإلتفاف على منطوق القرار لتقول امام اللبنانيين او من يسمع من اللبنانيين وامام المجتمع العربي والدولي الذي لم يعد يأبه لما يصدر من تصريحات عن الدولة اللبنانية بأن الجيش قام بما يجب ان يقوم به، وأن اسرائيل هي من لا تلتزم.حقيقة الموقف ان لبنان لم يطبق ما ورد في القرار انما لبنان يلتف على القرار الدولي لذلك تبدو حجة لبنان واصدقاء لبنان ضعيفة في الضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية. هذا المشهد الضبابي في لبنان الذي يهيمن على المزاج السياسي اللبناني وعلى الإجراءات السياسية في لبنان يستكمل مناخا دوليا يبدو ضبابيا، وينذر بمجموعة من التهديدات.
ويشير الى انه تندرج في الدرجة الأولى تصريحات مسؤولي حزب الله الذين ما زالوا يتكلمون عن عودة الحزب الى ممارسة عمله وعن شراكة مع الدولة اللبنانية عبر إستراتيجية دفاعية وعدم شمول قرار وقف اطلاق النار لسلاح حزب الله في شمالي الليطاني او مناطق اخرى في لبنان دون اغفال التقصير في عملية إمساك الحدود في سوريا، وهي تشكل المعابر لمرور الأسلحة والمسلحين، معتبرا ان كل هذه المعطيات تبدو وكأنها جزء من مشهد قابل للتفاقم او ان تكون له تداعيات سلبية لنشوب اعمال عنف عسكرية جديدة، اذا ما توقفت فعلا المفاوضات في الملف النووي الايراني او اذا ما استمرت في تعثرها،وبالتالي يمكن ان تتحول الساحة اللبنانية كما الساحة في غزة الى ورقة ضغط تمارسها طهران من جهة على الولايات المتحدة الأميركية، لعلها تزيد من اوراق التفاوض او قد تلجأ اليها اسرائيل بعد تفويض من الولايات المتحدة الأميركية لتعقيد الموقف امام إيران ولمحاولة تأمين كل المعارك الجانبية التي قد تعترض اي عملية عسكرية اسرائيلية باتجاه طهران، سواءٌ كانت بضوءٍ اخضر اميركي او أميركية.
ويختم قائلا: المشهد في لبنان ينذر بإنفجار امني ربما لا يمكن تحديد توقيته، ولكن قد يكون اسهل ما هو معروض على لبنان، هو البقاء في هذه الحالة من التهميش والغياب عن الساحة العربية والساحة الدولية، وبالتالي لا اعادة اعمار وربما عقوبات على مسؤولين لبنانيين مع استمرار العمليات العسكرية، او قد يتخذ شكلا اكثر عنفا بتجدد العمليات العسكرية، اذا ما استمرت الدولة اللبنانية في اتخاذ هذه المواقف اللامسؤولة تجاه ما التزمت به في إتفاق وقف اطلاق النار.
في المقابل، تتحدث اوساط مراقبة عن استمرار الجهود الدبلوماسية والإتصالات الرسمية من اجل تثبيت اتفاق وقف اطلاق النار وان المسؤولين اللبنانيين قالوا كلمتهم بشأن قرار حصرية السلاح الذي اتخذ.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :