العراق بين ضغوط الداخل وصراع الإرادات الخارجية: قراءة في المشهد الراهن

العراق بين ضغوط الداخل وصراع الإرادات الخارجية: قراءة في المشهد الراهن

 

Telegram

 

خاص "𝐢𝐜𝐨𝐧𝐧𝐞𝐰𝐬"
محمد العجيلي 
العراق بغداد
 
لا يتحمل العراق اليوم مزيدًا من الأزمات، والمواطن بات يشعر بالخجل من واقعٍ يتساقط فيه كل يوم حلم الدولة المستقرة. فعندما نُمعن النظر في المشهد السياسي والاجتماعي الراهن، نجد أنفسنا أمام قلق متصاعد، مع دخول البلاد في مرحلة جديدة يُفترض أن تمثل مساحة للحلول الممكنة، لكنها تتحول إلى ساحة مفتوحة للطائفية والقومية والصراعات السلطوية، وسط استعراضات سياسية لا أخلاقية، تنذر بانهيارات سياسية واقتصادية واجتماعية قد تكون الأخطر في تاريخ العراق الحديث.
 
في هذا السياق، بدأت القوى الخارجية تتحرّك باتجاه استثمار هذه الأوضاع، عبر مشاريع وأدوار جديدة تجد مساحتها في ظلّ تراكم الأزمات الداخلية. فما بين استلام فرنسا الملف العراقي وتحرك السعودية وقطر وتركيا لدعم أطراف سنية وشيعية معينة، في مقابل النفوذ الإيراني والروسي، تتشكل خارطة معقدة للمصالح المتضاربة داخل البلاد. أما شمال العراق، فالأكراد يعيدون ترتيب أوراقهم بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ضمن معادلة توازن جديدة تسعى كل جهة فيها لحجز مقعدها في مستقبل العراق المجهول.
 
ولا يقف الأمر عند حدود السياسة فقط، فالإيزيديون الذين عانوا من مطرقة الدولة أصبحوا يعيشون اليوم في سجون انفرادية لأسباب سياسية وإقليمية. منطقة نينوى وسنجار تحت ضغط داخلي وخارجي، وبعشيقة أصبحت تحت سيطرة الكلدانيين، بينما يعيش مخيم مخمور الذي يضم آلاف اللاجئين في ظروف أقرب إلى السجن تحت هيمنة إدارية قاسية. وفي كركوك، وبعد تسليم ريبوار طه بأمر من قيس الخزعلي في فندق الرشيد، تسعى كتلة “صادقون” إلى فرض سيطرتها على المواقع الاستراتيجية والثروات النفطية. أما التركمان، فتركيا بدأت ترتب أوراقهم ضمن خطة تغييرات جديدة شملت مطالبات بإلحاق طوز خورماتو وتلعفر، وهي ليست مطالب تركمانية بقدر ما هي أجندة تركية.
 
في الوسط والجنوب، تبرز مأساة متشعبة؛ من ملف خور عبدالله إلى ورقة المياه التي تستخدمها تركيا للضغط على العراق، مرورًا بالبطالة، وانعدام التعيينات، وغياب الضمان الاجتماعي والصحي، فضلًا عن تهريب العملة، وتفشي المخدرات، وتصاعد النزاعات العشائرية. كل هذه الملفات تلقي بظلالها الثقيلة على المشهد الشعبي مع اقتراب انتخابات مجلس النواب، التي ستشهد موجة جديدة تسعى لإخراج الفاسدين، في وقت تحاول فيه القوى السياسية السلطوية إعادة تقديم نفسها بشعارات وطنية وديمقراطية جوفاء.
 
وفي ضوء هذا الواقع المعقّد، أصبح من الضروري على الشعب العراقي، بكافة مكوناته، الاستعداد السياسي وبلورة وجهات نظر واضحة. فهذه القوى، التي لا تعرف المواطن إلا في يوم الاقتراع، تسعى مجددًا لاختطاف القرار الشعبي. لذلك، المطلوب اليوم هو تشخيص الوجوه والشخصيات، لأن تغيير القوائم لا يعني بالضرورة تغيير الوجوه أو النهج. يجب أن يختار الشعب الشخص المناسب في المكان المناسب، فالمقاطعة لم تعد مجدية في ظلّ هذا الانهيار المتسارع.
 
 
العراق يعيش لحظة فارقة، فيها تتصارع الإرادات الخارجية مع هشاشة الداخل. وبين ما تخطط له العواصم الإقليمية والدولية، وبين ما تعانيه المحافظات من انهيار الخدمات وتزايد الأزمات، يقف المواطن وحده مطالبًا بصناعة مصيره. والمؤشرات تقول: إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في رسم معالم العراق الجديد، فإما أن يكون مستقلاً بقرار وطني، أو يستمر كملف تتقاذفه الطاولات الدولية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram