«لا يوجد عدادات، وفي أفضل الأحوال يمكن أن ندبّر لك عدّاداً قديماً، إنّما الأمر مستبعد».
تختصر هذه العبارات حال دوائر الكهرباء في المناطق، حيث تغيب عدّادات الكهرباء أو «ساعات الكهرباء»، وتحضر في المقابل «أذونات التعليق على خطوط التيار الرسمي» مرفقةً بغض نظر من التفتيش في دوائر كهرباء لبنان في المناطق.
ويأتي ذلك رغم أن المعنيين بملف الكهرباء يصرّحون بأن نسبة «الهدر غير التقني» أو «سرقة الكهرباء» تصل إلى 40% من الطاقة الموضوعة على الشبكة، إلا أن المؤسسة لا تقوم بخطوات عملية لمكافحة الهدر، بل على العكس تقوم بخطوات تشجيعية مثل تأكيدها للمشتركين الجدد عدم وجود عدّادات، وأنّ الدفع سيكون على شكل «مقطوعة شهرية مهما كان المصروف من الطاقة الكهربائية».
في دوائر الكهرباء في المناطق، أصبح الأمر المتعارف عليه هو «تقديم الطلب ونسيان أمر العدّاد»، من دون تقديم أي تفسيرات إضافية، إذ «لا ساعات كهرباء»، هكذا يُقال للمراجعين في مؤسسة كهرباء لبنان.
وفي محاولة من «الأخبار» لمعرفة سبب غياب العدّادات، لم يُجب مدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك على محاولات التواصل معه، واصطدمت محاولات استصراح عدد من رؤساء الدوائر في المناطق بـ«ضرورة الحصول على إذن رسمي من المؤسسة».
وقد تزايدت أعداد طلبات تركيب عدادات جديدة عشرات الآلاف.
ففي دائرة كهرباء عاليه مثلاً، بلغت أعداد طلبات الاشتراك الجديدة 5 آلاف طلب، وتزيد شهرياً بما بين 20 طلباً و30 طلباً جديداً، بينما لا تتمكن الدائرة من تركيب أي عدّاد جديد.
لذا، يجري إعطاء «إذن تعليق» مع كلّ طلب تركيب عدّاد جديد.
حتى لو جرى تقديم طلبات لتركيب عدّادات لمبنى بكامله، تعطى «أذونات التعليق» ولا تركّب العدادات. وبموجب الإذن يتمكن المراجع من مدّ كابل من خارج العدّاد إلى منزله، ومقابل هذا السماح يدفع مقطوعة شهرية لها طريقتها الخاصة في الاحتساب، وتفتح الباب واسعاً أمام «التزبيطات» في دوائر الكهرباء.
بحسب التعاميم المعمول بها في مؤسسة الكهرباء، يطلب من المراجع التصريح عن سماكة كابلات الكهرباء التي ينوي استخدامها.
وبدوره يقوم ملف التفتيش في دائرة الكهرباء بالتوقيع على «إذن التعليق»، ويحدّد المبلغ المقطوع الواجب تسديده شهرياً، لا تحديد، كمية الطاقة المستهلكة شهرياً.
وبحسب لوائح مؤسسة الكهرباء، تحتسب قيمة المقطوعة الشهرية الواجب دفعها على كلّ مشترك بناءً على الحدّ الأقصى من الكهرباء الممكن سحبه وفقاً لسماكة الكابل. على سبيل المثال، في حال قام المشترك باستخدام كابل بسماكة 4 مليمترات، تعتبر المؤسسة أنّه يسحب القدرة القصوى لتحمّل هذا النوع من الكوابل، أي 32 أمبيراً، لذا تطلب المؤسسة منه دفع حوالى 47 دولاراً شهرياً في حال كانت التغذية 24 ساعة في اليوم.
وكلّما زادت سماكة الكابلات، زادت معها قيمة المقطوعة الشهرية.
وتتحرّك قيمة المقطوعة نزولاً عند انخفاض ساعات التغذية بالتيار، وهو الحال، بالتالي تنخفض قيمة المقطوعة بالنسبة والتناسب مع انقطاع الكهرباء.
ولكن مع غياب العدادات الكهربائية تغيب المحاسبة بشكل شبه تام، فهذه الحالة المثالية من احتساب استهلاك المشترك للطاقة الكهربائية بناءً على سماكة الكابلات لا يمكن تعميمها على دوائر الكهرباء، فإنّ ما يجري هناك أبعد ما يكون عن المثالية وحفظ حقوق مؤسسة الكهرباء.
غالبية أذونات التعليق تُعطى على أساس تركيب كابلات بسماكة 2.5 مليمتر، وهي السماكة الدنيا، وتبلغ المقطوعة الشهرية بناءً عليها 12 دولاراً.
وعلى أرض الواقع، يركّب في غرف الكهرباء في الأبنية كابلات بسماكات تصل إلى 6 مليمترات في بعض الأحيان، ولا تقل عن 4 مليمترات.
فالكابلات بسماكة 2.5 مليمتر غير موجودة سوى على الأوراق وفقاً لعدد من الجباة في مؤسسة الكهرباء.
وتغضّ مديريات التفتيش في المناطق النظر عن نوعية الكابلات المركبة في غرف الكهرباء في الأبنية، ما يتيح لعدد من المشتركين زيادة استهلاكهم من الكهرباء من دون محاسبة.