نختلف لكن لا نشمت... دفاعاً عن إليسا

نختلف لكن لا نشمت... دفاعاً عن إليسا

 

Telegram

 

الاختلاف مع الفنانة اللبنانية إليسا في الشأن السياسيّ يفرض على صاحبه، بالضرورة، اختلافاً عن إليسا نفسها على مستوى المقاربة والتفكير واللغة، وإلا استحالت الممارسة السياسية شيئاً من النعيق والتذمر، والنميمة، أي ببساطة ممارسة مشرّعة على تبادل الشتائم لطرفين ينتميان إلى موقعين نقيضين.

اختلاف أخلاقي
إذا كانت إليسا المنتمية سياسياً إلى فريق معروف بصلافته، وبإصراره الدائم على خدش المختلف عنه سياسياً وثقافياً، فهذا لا يبرر للأخير التعاطي معها بالمثل، لأن سياسته المختلفة تحول دون ذلك. لن يختلف الشامت عن المشموت به في حال اشترك الاثنان في فعل الشماتة ذاته. لا معنى للاختلاف السياسيّ إذا لم يكن ملحوقاً باختلافٍ أخلاقيّ، أي الاختلاف في فكر المختلف وفي سلوكه وإلا صار مطابقاً لمن يختلف عنه. ومن المنطلق نفسه، لا معنى للسياسة إذا كانت مقتصرة على موقف مؤيدٍ ورافضٍ لجهةٍ تمثيلية وليست بذاتها طريقة عيش.

إدانة حملة الاستهزاء
كل ما كُتب هنا ليس كلاماً وعظياً أو خطبة أخلاقية. إنّ غاية المكتوب إدانة حملة الاستهزاء الواسعة التي تُشنّ على إليسا. فالفنانة التي برزت ملامحها مختلفة تماماً عمّا كانت عليه في السابق، وبان عليها الترهلُ والتقدم في السن، تغدو الشماتة فيها إزاء مظهرها سماجةً ثقيلة الدم، وضحالة فكرية لا تمت بصلة لمن يدّعي الاختلاف السياسي بشيء إنما تفصح عنه في كونه غارقاً في الابتذال، ونسخة شبيهة بمن يزعم الاختلاف عنه.

تنمرّ مقيت
تتعرّض إليسا لحملة تنمرٍ بعد انتشار صورة لها على مواقع التواصل الاجتماعي تبدو فيها فاقدةً للوهج الذي دائماً ما التصق بها. لا معلومات تؤكد أن الفنانة تعاني من عارضٍ صحيّ أو يصيبها خللٌ ما، إنّه بكل بساطة العمر الذي يحفر الزمن على الوجه.

أثر الزمن المنحوت على الجلد لا يدعو إلى الاستهزاء والسخرية. الفنانة التي تغيّر شكلها بمرور الزمن، وجد الجمهور الذي يختلف معها في السياسة فرصته للتنمر. جمهور يمارس ما سبَق أن مارسته بدورها عليه: التنمر.

غير أنّ التعامل مع إليسا بأسلوبٍ يُماثل تعاملها معه، لهو بمنزلة انتقال العدوى من شخصٍ إلى آخر في الوقت الذي يجب أن يتحلّى المُختلف سياسياً عن إليسا بمناعةٍ فرضتها عليه سياسته المختلفة.

رفض للشوفينية واحتقار الآخر
رفض سياسة «القوات اللبنانية» مثلاً، الحزب الذي تنتمي إليسا إليه، هو، في الدرجة الأولى، رفضٌ للشوفينية وللاحتقار الآخر، بالتالي، فالمختلفُ سياسياً عن إليسا لا يعتنق السمات الثقافية التي تتحلّى بها «القوات اللبنانية»، بل إنما يركن تلقائياً إلى الجهة النقيضة من الشوفينية واحتقار الآخر وما يتبعهما.

بوسعنا الاختلاف مع إليسا قدر ما نشاء، بوسعنا نقدها في السياسة والفنّ، ونفكك بصرامة «الحب» الذي تكنّه لعاموس. بيد أنّ شخصنةَ النقد، والتعرض لها بالإساءة هو ما لا يجب أن يحضر عند المختلف سياسياً عنها، وإلا غدا نسخةً عن الخصم وإن حمل رأياً مناقضاً له. إنّ «الواجب» عند من يختلف مع إليسا في السياسة يفرض عليه ألا يفعل ما فعله. إنّ الإساءة لها فعلةٌ مدانة، والحال، إن الاختلاف السياسيّ ينبثق من السياسة المختلفة، إنها باختزالٍ شديد: ألا أمارس على الآخر ما لا أتقبله على ذاتي.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram