مؤتمر "نعم قادرون" في طرابلس: نداء لتوحيد الجهود بين الوزارات
تابع مؤتمر "نعم قادرون" أعماله في حرم جامعة بيروت العربية في ميناء طرابلس برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، في نسخته الثالثة تحت عنوان "تمكين لبنان: دور المغتربين في النهضة الاقتصادية".
وينظّم المؤتمر تجمع رجال الأعمال اللبنانيين - الفرنسيين في فرنسا (HALFA) بالتعاون مع جامعة بيروت العربية، مجلس التنفيذيين اللبنانيين (LEC)، المجلس الاغترابي للأعمال (LIBC)، ESA business school، اتحاد الغرف العربية، وزارة الصناعة اللبنانية، وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، اتحاد المصارف العربية، وزارة الاقتصاد والتجارة، غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي، غرفة التجارة والصناعة في أوستراليا ولبنان ونيوزيلندا.
عُقدت أمس جلسة بعنوان "المشهد الاقتصادي اللبناني وفرص الاستثمار"، حيث تم تقييم الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان وتسليط الضوء على فرص الاستثمار والاستعانة بمصادر خارجية، بحوار أجراه الإعلامي جورج صليبي مع المشاركين.
قدم وزير الصناعة جو عيسى الخوري كلمة عنوانها "التنمية الصناعية لخلق فرص العمل والتحول الاقتصادي"، بدأها بسؤال محوري: "كيف نجد فرص عمل جديدة، نعيد هيكلة اقتصادنا، ونشرك شرائح القوى العاملة – لبنانيين وأجانب – في مسار التعافي الوطني؟
أوضح الوزير أن لبنان يواجه تقاطعا للأزمات الاقتصادية والمالية مع تحديات أمنية وسياسية عميقة، لكنه في الوقت ذاته يمر بفرصة لإعادة التفكير وإعادة بناء ما هدمته السياسات السابقة.
وقال: "علينا أن نتعلم من الماضي، ونرسم نموذجاً اقتصادياً لبنانياً جديداً أكثر إنتاجية واستدامة، يحمل وعد مستقبل أفضل لأبنائنا. لبنان استمد قوته دوماً من أبنائه، سواء المقيمين أو المغتربين، الذين نقلوا معه المعرفة والخبرة والعلاقات والأمل."
وشدد على أهمية اليد العاملة الأجنبية في قطاعات حيوية مثل البناء والزراعة والخدمات، لكنه أشار إلى فشل السياسات العامة في الاستفادة المنسقة من هذه الطاقات، ما أدى إلى منافسة غير عادلة أضرّت بالعمال اللبنانيين وأرباب العمل
وأكد أن الصناعة ركيزة أساسية في خلق فرص العمل المستدامة، وهي محرك أفقياً يحفز قطاعات عدة مثل الزراعة والنقل والخدمات والتعليم والابتكار. لكن الصناعة لا يمكن أن تنهض وسط تشرذم السياسات، لذا فإن التنسيق الكامل بين الوزارات والإدارات والشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني أمر لا غنى عنه.
أضاف: "الأزمة التي نعيشها أزمة بنيوية تتطلب مقاربة متعددة المستويات، فلا استقرار اجتماعي من دون فرص عمل، ولا فرص عمل من دون استثمار، ولا استثمار من دون ثبات أمني، كما لا اقتصاد عصري من دون سياسات صناعية وعمالية وتعليمية حديثة."
وحذّر من فشل النموذج الاقتصادي اللبناني القائم على الإفراط في الاستيراد والاعتماد على تحويلات الاغتراب، داعياً إلى الانتقال نحو اقتصاد إنتاجي تكون الصناعة في قلبه.
أما بالنسبة للاستراتيجية الوطنية للصناعة، فأوضح ضرورة تحديد المزايا التنافسية للبنان في قطاعات مثل الصناعات الغذائية والمستلزمات الطبية والأزياء والمجوهرات والتجميل والتكنولوجيا والإعلان والصناعات الثقافية، مع التركيز على قطاعات فرعية محفزة وجاذبة للاستثمار الخارجي.
وتحدث عن تطوير القطاع الصناعي عبر تبني التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي والميكنة، والانخراط في المنظومة الإقليمية والدولية، مع توفير بيئة تحفيزية تشمل تبسيط الإجراءات، مكننة المعاملات، تحديث التشريعات، إنشاء مناطق صناعية متخصصة، خفض كلفة الإنتاج وخاصة الطاقة، تحفيز الاستثمار في الطاقات المتجددة، وتوفير تمويل مرن ودعم التصدير.
وأبرز أهمية تنمية رأس المال البشري من خلال إعادة هيكلة التعليم المهني والتقني، وإطلاق شراكات بين القطاعين العام والخاص والجامعات، وتنظيم المهارات غير الرسمية لدى العمالة الأجنبية، مع التأكيد على أن العمالة الأجنبية يمكن أن تتحول إلى رأسمال إنتاجي بدل أن تكون عبئاً اقتصادياً.
وختم بالقول: "الصناعة ليست مجرد منشآت، بل رؤية متكاملة لبناء اقتصاد منتج، وإيجاد فرص عمل لائقة، وتحقيق تنمية متوازنة بين المناطق، وتعزيز قدرة لبنان على استعادة دوره الإقليمي. القطاع الصناعي هو قطاع سيادي بامتياز، وطرابلس، كي تنمو وتستقر، يجب أن تزدهر."
بدورها، تناولت وزيرة السياحة لورا الخازن لحود في كلمتها واقع مدينة طرابلس التي طالما ظلمت وهُشمت، قائلة: "طرابلس مدينة ثقافية وعاصمة الشمال، وميناء حيوي في المتوسط الشرقي، تجمع بين التاريخ والحداثة، والإبداع الشعبي والطموح الشبابي."
وأشارت إلى أن الحكومة اللبنانية تعتبر السياحة قطاعاً أساسياً للنمو الاقتصادي، وليس ثانوياً، وذكرت تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام تضم وزارات الدفاع والداخلية والأشغال العامة والنقل، ما يعكس أهمية السياحة في الأولويات الوطنية.
وأوضحت أن القطاع السياحي وفّر قبل الأزمة الاقتصادية أكثر من 300,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وشكل نحو 25% من اليد العاملة النشطة، وحقق ما بين 20 و35% من الناتج المحلي، مؤكدة أن قوة السياحة تكمن في تنوع سلاسل القيمة التي تخلقها عبر النقل والفندقة والمطاعم والصناعات الحرفية والزراعة والفنون والتكنولوجيا.
وذكرت أن الاتجاهات العالمية تطلب المزيد من السياحة الريفية، البيئية، الزراعية، الثقافية، والفنية، إضافة إلى السياحة الطبية التي يتمتع لبنان فيها بميزة تنافسية، مؤكدة أن هذه القطاعات قادرة على توفير فرص عمل للشباب وإعادة الحياة إلى المناطق المهملة، خصوصاً مع دعم التعليم والتدريب.
لكنها لم تغفل العقبات التي تواجه القطاع، منها البنى التحتية غير المؤهلة، نقص الإحصاءات الدقيقة، غياب التمويل المصرفي والدولي، الثقل الإداري والبيروقراطي، وجود مشاريع غير مرخصة، وارتفاع كلفة التشغيل لا سيما بسبب الكهرباء.
وأكدت أن وزارة السياحة تلتزم بسياسة طموحة وواقعية، مع التعاون بين الوزارات والهيئات، وتشمل أولوياتها دعم الهيئات المحلية لإدارة الوجهات السياحية، وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص للترويج السياحي، تحسين الشفافية وجودة الخدمات، تطوير آليات الشكاوى، وتحسين الخدمات في مطار بيروت ومطار رنيه معوض – القليعات لتعزيز الارتباط الجوي وجذب شركات الطيران الجديدة، خاصة في حال استقرار الأوضاع في سوريا
وختمت بالقول: "لبنان وشبابه يستحقون فرصة جديدة، ليس عبر وعود وهمية، بل عبر شراكة صادقة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. السياحة ليست نشاطاً موسمياً، بل رؤية وطنية للنمو المتوازن والشامل."
أما وزير التنمية الإدارية فادي مكي فأكد في مداخلته جاهزية لبنان على مستوى الكفاءات البشرية، مشيراً إلى دور لبنان في قيادة التحولات الرقمية في دول الخليج والعالم، وضرورة تطبيق استراتيجية التحول الرقمي في القطاع العام لتحسين الكفاءة وتوفير ما يصل إلى 5% من الناتج المحلي اللبناني.
وأشار إلى العمل على تشريعات مهمة تتعلق بالسندات الإلكترونية والخصوصية وسرية المعلومات، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود بين الوزارات وتحديث الإدارة العامة التي تأثرت بالأزمة المالية وهجرة الكفاءات.
وأوضح أن هناك خطة لإعادة بناء القطاع العام عبر ورشات عمل وإصلاحات تهدف إلى تطوير الخدمة العامة، مع تأكيد أهمية مشاركة الجامعات والقطاع الخاص في هذه المرحلة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي