جردة حساب: هؤلاء الرابحون والخاسرون

جردة حساب: هؤلاء الرابحون والخاسرون

 

Telegram

 

أما وأنّ الانتخابات البلدية والاختيارية انتهت، فإنّ القوى السياسية التي انخرطت فيها بنحو أو آخر بدأت بالإنكباب على تشريح النتائج واستخراج الدلالات، في محاولة لقياس حقيقة أحجامها وتحديد مكامن القوة والضعف لديها.



إذا كانت القوى السياسية تحاول في العلن التركيز فقط على الإنجازات التي حققتها خلال العملية الانتخابية لضرورات التعبئة الجماهيرية وشدّ العصب، إلّا أنّ الأكيد أنّها ستهتم بدرس نقاط ضعفها عندما تُجري المراجعة الداخلية للأرقام في الغرف المغلقة، وذلك سعياً إلى معالجتها قبل موعد الانتخابات النيابية بعد نحو عام.

 

والواضح أنّ طبيعة الاستحقاق البلدي الذي تتداخل فيه عوامل مركّبة عدة، سمحت لكل طرف بأن يعتبر نفسه منتصراً إلى هذه الدرجة أو تلك، إذ بدا الجميع فائزين، باستثناء «التغييريِّين» الذين تراجعوا في معظم الأماكن بالمقارنة مع الأرقام التي حققوها في الانتخابات النيابية السابقة.


 

لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أنّ حصيلة الاستحقاق البلدي لا يمكن أن تنسحب على الانتخابات النيابية المقبلة، لسبب أساسي يتصل بالفارق الجوهري بين القانون الأكثري المعتمد بلدياً والقانون النسبي المعتمد نيابياً، وهذا الفارق يسمح على سبيل المثال لِمَن خسر في الانتخابات البلدية بأن يحصل على مقاعد في «النيابية»، تبعاً لعدد الأصوات التي نالها.


 

إلّا أنّ هذه الحقيقة لا تمنع أنّ الاختبار البلدي منح الأحزاب والتيارات السياسية فرصة لمقاربة أحجامها الحالية على الأرض ومحاكاة نبض قواعدها الشعبية، الأمر الذي رفدها بـ«داتا» ميدانية ومؤشرات عامة ستفيدها في رسم خياراتها العريضة في الانتخابات النيابية المقبلة.

 

وبالغوص في التفاصيل يتبيّن الآتي، وفق استنتاجات خبراء انتخابيِّين:

 

ـ على المستوى المسيحي، استطاع كل من «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» تثبيت حضورهما، على أنّ اللافت في هذا الإطار هو تمكن «التيار» من إثبات وجوده وتكريس موقعه في المعادلتَين المسيحية والسياسية، بعدما كان خصومه يُروّجون بأنّه بات ضعيفاً ومتآكلاً.

 

وفي ما خصّ «القوات»، يُشير أحد الخبراء الانتخابيِّين إلى أنّه صحيح أنّها نالت أرقاماً جيدة ومتقدّمة في عدد من الأماكن، غير أنّ ذلك لا يرقى إلى حدود تحقيق انتصار كاسح أو «تسونامي»، إذ وعلى سبيل المثال فإنّ اللائحة المنافسة لها في بشري، حيث عقر دار سمير جعجع، نالت 40 في المئة من الأصوات، وهذه نسبة يُعتد بها. كذلك هي استندت في جونيه إلى تحالف عريض، وفي مرات أخرى اضطرّت إلى التحالف مع ألدّ خصومها مثل «حزب الله» في بيروت والحزب السوري القومي الاجتماعي في الشمال، من دون أن يعني ذلك إغفال وزنها الشعبي الموضوعي، إنّما بعيداً من المبالغات.


 


وبالانتقال إلى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، استطاع الثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» تظهير متانة قوّته الشعبية ومناعتها، على رغم من كل الضغوط التي تتعرّض لها، فربح معركة «الولاء والوفاء» التي تعني له كثيراً في وقت يتعرّض لإستهداف داخلي وخارجي. وحتى حين حصلت خروقات موضعية ومحدودة في بعض اللوائح، خصوصاً في قضاءَي صور والزهراني، تبيّن أن طابعها عائلي وليس سياسياً، إذ إنّ الذين خرقوا هم من مؤيّدي «الثنائي» وخيار المقاومة، لكنّهم وُجدوا على لوائح أخرى لأنّه لم يكن لهم مكان بين مرشحي «التنمية والوفاء».

 

وهناك ضمن الخبراء الانتخابيِّبن مَن يعتبر أنّه كان على «الثنائي» أن لا يأخذ على عاتقه مسألة ضمان المناصفة في المجلس البلدي لبيروت، لأنّه ليس «أم الصبي» في العاصمة المحسوبة على المكوّن السنّي، وبالتالي كان من الأفضل له تفادي النزول بثقله في صناديق الاقتراع لانتزاع المناصفة، لأنّ هذا الأمر أدّى إلى تحسّس المزاج السنّي الذي وُجد في جزء واسع منه خارج «لائحة الأحزاب».

 

لكنّ «الثنائي» مقتنع بأنّه أدّى واجباً وطنياً في حماية التوازن في المجلس البلدي حرصاً على التعايش، بالإضافة إلى أنّه أراد إيصال رسالة مفادها أنّ دوره في المعادلات الداخلية حيَوي ولا يمكن الاستغناء عنه أو تهميشه.

 

وعلى صعيد البيئة السنّية، يلفت الخبراء إلى أنّ أصواتها تشتّتت وتوزّعت بين الورثة المفترضين لتيار «المستقبل» الذي لم ينخرط رسمياً في الانتخابات البلدية، ولو اختلف الأمر نسبياً في صيدا مع وجود السيدة بهية الحريري برمزيتها في معادلة المدينة.

 

أمّا في الجبل، فقد تأكّد مجدّداً أنّ وليد جنبلاط يبقى الأقوى درزياً، كذلك ترجم طلال إرسلان وحزبه حضوره في البلدات التي يملك فيها نفوذاً تقليدياً، مع الإشارة إلى أنّ المجتمع المدني استطاع أن «يشاغب» في بعض بلدات الجبل، وإن كان قد تلقّى خسارة قاسية على صعيد لبنان عموماً.


 

ومن العلامات الفارقة أيضاً، عودة السيدة ميرنا المر إلى رئاسة اتحاد بلديات المتن بعد فوزها الكبير على مرشحة حزب «الكتائب» نيكول الجميّل بضعفَي أصوات رؤساء البلديات المنتخبة (22 في مقابل 11)، ما شكّل انتصاراً سياسياً، أوسع من الإطار البلدي، لتحالف آل المر - «التيار الحر» على «الكتائب».

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram