من المقرر أن تعقد اليوم في العاصمة العمانية مسقط الجولة الرابعة من المفاوضات الإيرانية الأميركية بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وذلك بعدما كان يفترض أن تنعقد في روما في السادس من الشهر الجاري، لكنها تأجلت لأسبوع لـ"أسباب تقنية وفنية"، بحسب طهران ومسقط. وما يزيد من أهمية الجولة الرابعة أنها تأتي قبل يومين من وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة لزيارة السعودية وقطر والإمارات، كما استبقها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بثلاثة أيام بزيارة السعودية وقطر، أمس السبت.
وتخيّم على الأجواء التي تسبق هذه الجولة حالة تشاؤم كبيرة عكس الجولات السابقة، انعكست في تبادل رسائل إعلامية تصعيدية على خلفية طرح واشنطن مطالب نووية على لسان الرئيس دونالد ترامب ورئيس وفده المفاوض ستيف ويتكوف، تمس الخطوط الحمراء الإيرانية. وبعد تأكيد ترامب الثلاثاء الماضي أن هدف المفاوضات مع طهران تفكيك برنامجها النووي، شدد ويتكوف الجمعة في مقابلة مع موقع "بريتبارت" الإخباري الأميركي اليميني على ضرورة منع طهران من القيام بتخصيب اليورانيوم في الداخل وتفكيك منشآت التخصيب الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان، فضلاً عن إزالة أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في عملية تخصيب اليورانيوم.
رد إيران جاء سريعاً على لسان وزير خارجيتها كبير مفاوضيها عباس عراقجي من العاصمة القطرية الدوحة، مساء أمس السبت، خلال كلمته في مؤتمر الحوار العربي الإيراني الرابع، قائلاً: "إذا كان الهدف من المفاوضات هو التأكد من عدم وصول إيران إلى سلاح نووي، فهو هدف محقق، وعليه فإن الاتفاق في المتناول، لكن إذا كان الهدف حرمان إيران حقوقها وطرح مطالب غير واقعية وغير منطقية أخرى، أعلن بصراحة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتنازل عن أي من حقوق شعبها". وشدد على أن طهران لا تسعى لامتلاك السلاح النووي و"لا مكانة لهذا السلاح في عقيدة إيران الأمنية"، مسلطاً الضوء على الأسلحة النووية الإسرائيلية وما وصفه بأنه "معايير مزدوجة" في التعامل مع الملف النووي الإسرائيلي ودول أخرى.
عن أجندة الجولة الرابعة للمفاوضات، يقول الدبلوماسي الإيراني الأسبق عبد الرضا فرجي راد لـ"العربي الجديد"، إنها "استمرار للجولات السابقة، لكن يبدو أن الأميركيين قرروا عدم إيفاد وفدهم الفني للمفاوضات لأسباب غير واضحية بعد"، مشيراً إلى أن تصريحات ويتكوف عشية المفاوضات تمثل تراجعاً عما توصل إليه في الجولتين، الأولى والثانية، مع عراقجي في مسقط وروما. وكانت قناة سي أن أن الأميركية قد ذكرت نقلاً عن مصدر مطلع، أن الوفود الفنية لن تشارك في الجولة الرابعة من المفاوضات التي كان من المقرر عقدها في السادس من الشهر الجاري إلى جانب إطلاق أول مباحثات فنية بين الوفدين الفنيين للبلدين. وتعليقاً على هذه التقارير، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقايي، أمس السبت، أن الوفد الفني الإيراني يشارك ضمن الوفد المفاوض، قائلاً إن هذا الوفد مكون من خبراء ومتخصصين أيضاً.
وبحسب ما يقول الدبلوماسي الإيراني السابق، فرجي راد، في حديثه مع "العربي الجديد"، فإنه "في ظل الرفض الأميركي لتخصيب اليورانيوم في داخل إيران، فلا أهمية حينئذ لإرسال وفد تقني إلى المفاوضات"، متوقعاً دخول المفاوضات في "مصير مجهول" إن أصر الجانب الأميركي على مطالبه حول تخصيب اليورانيوم، في ظل الرفض الإيراني لها، ما يعرقل الجولة القادمة، موضحاً أن الجولة الرابعة "حساسة جداً بسبب التصريحات الأميركية حول تخصيب اليورانيوم، وهو ما يشكل معضلة أمام المفاوضات".
من جانبه، يقول الخبير الإيراني في العلاقات الإيرانية الأميركية، هادي خسروشاهين لـ"العربي الجديد"، إن الأسباب التي خلقت ضغوطاً دفعت الطرفين إلى طاولة التفاوض وعقد جولات تفاوضية ثلاثة سابقة، ما زالت "حاضرة" أيضاً في الجولة الرابعة، منها الظروف الإقليمية، خصوصاً ما حصل خلال الأشهر الأخيرة، والتهديدات الإسرائيلية بين حين لآخر ضد البرنامج النووي الإيراني، واقتراب موعد 18 أكتوبر المقبل لانتهاء تفعيل آلية فض النزاع المنصوص عليها في الاتفاق النووي الذي إن فُعِّل سيُعاد تلقائياً فرض عقوبات وقرارات أممية ضد إيران، فضلاً عن أنه سيزيد من التوترات بين طهران وواشنطن.
واستبعد خسروشاهين البحث عن بديل آخر غير التفاوض إن فشلت الجولة الرابعة وحصل تصعيد بسبب الخلاف في الاستراتيجيات التفاوضية لدى الطرفين، الإيراني والأميركي، مشيراً إلى أن البديل يتعارض مع أولويات الطرفين ومصالحهما، ويحمّلهما خسائر كبيرة يحاولان تجنبها. وقال: "لا أستبعد عودة الطرفين إلى التفاوض بعد انتهاء الجولة الرابعة بأجندة معدلة للوصول إلى اتفاق مؤقت يشكل أرضية لاستمرار المفاوضات والتعامل، ويفتح آفاقاً لمفاوضات أكثر شمولاً في المجال النووي".
في الأثناء، انتقد مسؤول إيراني لم يُكشف عن هويته، أمس السبت، في حديث مع التلفزيون الإيراني، تصريحات رئيس الوفد الأميركي المفاوض ستيف ويتكوف، قائلاً إن تصريحاته تؤكد صدقية "سوء الظن الإيراني المبدئي" بالجانب الأميركي و"إدمان أميركا ممارسة سياسة الضغوط القصوى واتخاذ تصرفات مؤذية ضد الشعب الإيراني". وأكد المسؤول الإيراني أنّ تصريحات ويتكوف أظهرت "تبدلات الحالة المزاجية لمتخذي القرار الأميركيين"، مضيفاً أن ذلك يعزز الشكوك في أن "الطرف الأميركي تحت نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمحافظين الأميركيين الجدد"، لافتاً إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بناءً على ذلك دخلت المفاوضات "بتشاؤم وحذر لكن بحسن نيّات كامل".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :