على خلفية الرسوم الجمركية…كيف تأثّر قطاع صناعة الطيران؟

على خلفية الرسوم الجمركية…كيف تأثّر قطاع صناعة الطيران؟

 

Telegram

 

ليست صناعة الطيران بعيدة عن الحرب الاقتصادية التي اشتعلت بين الولايات المتحدة والصين نتيجة الرسوم التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الواردات الأجنبية. فكيف انعكس ذلك على تجارة الطائرات؟ وهل يشعل قطاع الطيران حرباً تجارية كبرى بين أميركا والصين مع الفورة التكنولوجية التي تنافس فيها الصين في جميع القطاعات عالمياً؟
 
في أحدث ردٍّ لها على رسوم ترامب الجمركية، أعادت الصين طائرات طلبتها من الولايات المتحدة، و50 طائرةً أخرى كان من المقرر أن تصل إلى الصين هذا العام، لكن عملاء الشركة أشاروا إلى أنهم لن يتسلموها، وفق ما صرّح به الرئيس التنفيذي لشركة بوينغ لصناعة الطائرات، لشبكة CNBC.
 
تُعتبر صناعة الطيران من القطاعات التي تؤثر بشكل أساسي في اقتصادات العالم، وتساهم أقلّه ما بين 20 إلى 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد، كما يشرح رئيس جمعية الطيارين الخاصين في لبنان، الكابتن مازن سمّاك في حديثه لـ”النهار”.
 
مع بداية الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، كان قطاع الطيران في الواجهة، وتحديداً “بوينغ”. فقد أُدرجت طائراتها ضمن قائمة السلع الخاضعة للتعريفات الجمركية الانتقامية، ما جعل شراءها أعلى كلفة لشركات الطيران الصينية.
 
“ما حدث أثّر سلباً وبشكل كبير على بوينغ، إن لناحية بيع الطائرات ككل أم قطع الغيار”، بحسب سمّاك، “لا سيما بعد إعادة الصين طائرات بوينغ إلى الولايات المتحدة ورفض تسلّمها، نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة، في حين أنّ مبيعات “بوينغ” متراجعة أساساً، وقد تكبّدت الآن خسائر إضافية على خسائرها التي تراكمت على مدى الأعوام الماضية نتيجة أخطائها المتعددة. بالتالي، “بوينغ” لا تتحمل ضربة جديدة تأتيها من داخل الولايات المتحدة، فهي الشركة الأهم في البلاد ليس على مستوى صناعة الطيران فحسب، بل على مستويات عديدة، وجاء ترامب ليضرب سلسلة توريدها”.
 
 
كذلك، لقرار ترامب تأثير في الشركات الصينية التي تستخدم طائرات “بوينغ”، كما يوضح سمّاك، إذ إنّ الضرائب شملت أيضاً قطع غيار الطائرات، في حين أنّ عملية صيانة الطائرات هي عملية مجدولة وفق أوقات زمنية محددة مثلاً بعد عدة عمليات هبوط أو إقلاع، وليس فقط لدى حدوث عطل.
 
على خط الموازن، ليست الصين بمعزل عن صناعة الطيران وهي تتحضر لهذه الحرب منذ سنوات طويلة، يصف سمّاك. وقد تحرّكت لتعجيل الانتاج منذ العام 2023 لتسريع استقلالها الصناعي في عالم الطيران وتغيير موازين القوى، عبر طائرة Comac C 919 الصينية المدعومة بسياسات حكومية تشجّع على التقليل من الاعتماد على الموردين الأمريكيين في هذا القطاع، وطرحت طائرتها كخيار اقتصادي- استراتيجي.
 
“المفاجأة الكبرى التي أحدثت صدمة في قطاع صناعة الطيران هو سعر الطائرة الصينية”، وفق سمّاك. إذ يبلغ سعرها بين 99 و100 مليون دولار أميركي، وهو سعر قريب جداً من منافستيها الرئيسيتين Airbus 320التي يبلغ سعرها حوالي 110 مليون دولار، وBoeing 737 Max التي يبلغ سعرها حوالي 106 ملايين دولار.
 
هذا الفارق المتقارب بالسعر بين الصناعة الصينية والأميركية في الطائرات، وبنظر سمّاك، أرادته الصين لكسر الصورة النمطية حول المنتجات الصينية، وإثبات للعالم أجمع أنّ الصين ليست البديل الأرخص بعد الآن، وأنّها ليست دولة تنتج سلعاً منخفضة الجودة. “فسعر الطائرة الصينية هو تصريح بأنها منافساً تقنياً وليس بديلاً اقتصاديا للطائرات الأميركية، وهذه رسالة ليست للولايات المتحدة الأميركية فحسب إنّما للأسواق العالمية كلها.
 
نقاط ضعف لا توقف المارد الصيني!
 
ورغم هذا التحدّي، هناك نقطتا ضعف في الطائرة الصينية يفنّدها سمّاك. الأولى، عدم استحصال الصين بعد على إجازات أو أذونات من وكالات الطيران المدني الغربية مثل FAA التي تنظم قطاعات الطيران في الولايات المتحدة الأميركية و EASA التي تنظم هذا القطاع في أوروبا، ما يحدّ من دخول الطائرة الصينية سوق الطيران العالمية. وبرأي سمّاك، لن تعطي الولايات المتحدة الأميركية هذه الأذونات للصين وتقدم لها ما تنافسه به. ووفق تحليله، الصين هنا تراهن على الأسواق المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق التي كانت قد أطلقتها منذ سنوات عديدة، وتقوم بتدريب شركائها التجاريين وتقدم لهم عروض شراء مغرية، وقد بدأ دولاً عديده بطلب شراء الطائرة الصينية، مثل إندونيسيا ولاوس والكونغو، إلى جانب شركات صينية محلية طبعاً. لكنّ الطائرة الصينية، لن تتمكّن من الدخول إلى الأسواق العالمية قبل حصولها على الموافقات من قِبل المنظمات المذكورة، وستبقى داخل السوق المحلية الصينية وقد تدخل سوق الدول التي تكوّن تحالفات تجارية واقتصادية وسياسية معها.
 
أمّا نقطة الضعف الأخرى، فهي أنّ الطائرة الصينية تستخدم أنظمة ملاحية ومحركات أجنبية، وليست في مرحلة تصنيع هذه المحركات بعد. لكن “رغم ذلك، الصين تهدد الولايات المتحدة اقتصادياً في قطاعات انتاجية عديدة، ومنها الطيران، فالطائرة الصينية Comac C919، هي منافِسة لـ”بوينغ”، وتستخدم نفس محرّكاتها، ومشهود لها بأنّها ذات جودة عالية. ورغم نقطتي الضعف التي ذكرناها لا تزال الولايات المتحدة تعتبر أنّ الصين في قطاع الطيران تشكّل تهديداً استراتيجياً لها.
 
بالعودة إلى تاريخ صناعة الطيران في الصين، فهي تعود إلى العام 1910 مع “فنج رو” الملقَّب بأبو الطيران الصيني، وهو الذي هندس أوّل طائرة صينية. وبين الخمسينيات والستينيات، كان للحقبة السوفيتية تأثيراً كبيراً على هذه الصناعة في الصين، وطوّرت الصين حينها طائرة Y-5 تشبه طائرة “أنتنوف” الروسية، إذ كان التركيز حينها على الصناعات العسكرية وليس التجارية، في حين كانت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا حينها قد بدأت بصناعة الطائرات التجارية.
 
وفي عام 2017، تأسّست أول شركة تصنيع طائرات تجارية صينية Comac، وقامت بأول رحلة تجريبية لها. وفي 2023 أنتجت أول طائرة تجارية لنقل الركاب.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram