لبنان إلى “الحضن العربي” بتفاهم سعودي ـ أميركي

لبنان إلى “الحضن العربي” بتفاهم سعودي ـ أميركي

 

Telegram

 

يحمل الليل الطويل “معطفه” ليستريح على “وسادة” الشرق الأوسط، قبل بزوغ الفجر. والفجر آتٍ لا محال. ولا بدّ من نهار، ووضوح، وإنقشاع بعد طول السواد والظلمة. هكذا هي نواميس الطبيعة، ودورة الحياة. ولن تكون الهمجيّة المدجّجة بأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة، وسيلة مضمونة النتائج لـ”تعديل التاريخ”، و”تغيير الجغرافيا” في الشرق الأوسط. لقد فاض نهر الجنازات، والمآسي، والخيبات بما فيه الكفاية، ولا بدّ من مصبّ، ومن خاتمة، فالزلزال يدمّر، ويأخذ في طريقه كلّ شيء، ولكنه لا يبني. البناء مسألة أخرى، ويحتاج إلى حسابات غير تلك المتداولة اليوم ما بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الحكومة الصهيوني بنيامين نتنياهو.
 
الحليفان في مأزق، مهما تعاظمت مظاهر القوّة في محيطهما. الأول يريد زيارة المنطقة بعد إنتهاء مراسم فرش السجاد الأحمر إحتفاء بقدومه، وهذا لن يتحقق إلا بإرادة مغايرة لما هي عليه الآن. والثاني ينتظر “الفرمان” من واشنطن، كي ينصّب نفسه والياً مطلق الصلاحيّة في المنطقة، وهذا لن يصل لا عن طريق “الخط العسكري” السريع، ولا عبر أكوام الذخائر، وأطنان الأسلحة.
 
آخر لقاء جمعهما في المكتب البيضاوي، كان محوره البحث في مواصفات الغد الآتي، بعد إقتناع عميق بأن الحاضنة الشعبيّة لكليهما تميد، وتزداد الأصوات المنددة، سواء في الولايات الأميركيّة ضد سياسة “الصلبطة” التي يعتمدها الرئيس المسكون بالغضب وصاحب المواقف المتسرّعة، أو داخل الكيان الغاصب ضد رئيس الوزراء الغارق في وحول الفساد والصفقات المشبوهة.
 
يخطط الرئيس ترامب، لزيارة إستثنائيّة يقوم بها إلى المملكة العربيّة السعوديّة، تكون كاملة المواصفات من حيث النجاح والتأثير على مجريات الأمور في المنطقة والعالم.
يعرف تماماً أن عليه تقع مسؤوليّة تعبيد الطريق، والحصول على تأشيرة تخوّله الدخول بكرامة، ووسط هالة من الإنجازات. عليه أن يقدّم تعريفاً واضحاً حول مستقبل أوكرانيا، وغزّة، وحلّ الدولتين، ومستقبل البرنامج النووي الإيراني، ودور طهران في الإقليم. ومستقبل لبنان، وسوريا، واليمن. ومستقبل الطاقة والإستثمارات…
 
يعرف الثوابت العميقة، والقناعات الراسخة لدى المملكة، ولا يكفي تدجين خطابه تجاهها، في الوقت الذي يخاطب فيه الأصدقاء قبل الأعداء بأسلوب التهديد والوعيد، وبلغة فوقيّة متغطرسة. تدجين الخطاب لا يكفي، المطلوب ضمانات تنتظرها الرياض حول الغد الآتي على الشرق الأوسط، وأزماته المتناسلة.
 
يعرف، وفق تقارير مخابراته، أهميّة الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة لإطفاء الحرائق المشتعلة من أوكرانيا حتى اليمن السعيد. ويعرف أن عليه أن يقدّم خريطة طريق تبيّن بوضوح الأهداف النهائيّة التي يسعى إلى تحقيقها، والتي يفترض أن تتلاقى مع أهداف الرياض حول كيفيّة معالجة النزاعات الدامية عن طريق الحوار لإحقاق الحق كبديل عن شريعة الغاب.
 
وهناك أسباب موجبة تفرض عليه أن يتهيّب الموقف، ويحمل بقجة من الضمانات:
أولاً: الدور الريادي الذي تلعبه المملكة في الميدان الدولي للمساهمة في معالجة الأزمات المعقّدة من دون خلفيات مصلحيّة، أو إستثماريّة.
إن الدبلوماسيّة الهادئة الحكيمة والفاعلة، التي تعتمدها، قد خوّلتها لأن تصبح مرجعيّة، والدليل أن الرئيسين الروسي والأوكراني، فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي، يتسابقان على خطب ودّها، والإستماع إلى ما عندها من نصائح لمعالجة الأزمة الأوكرانيّة، وطلب مساعدتها لردم فجوات التباعد.
 
 
ثانياً: يعرف ترامب أن المملكة لا يمكن أن تقبل بأن يبقى نهر التحولات الكبرى في الشرق الأوسط مصبوغاً بالدم العربي، ولا أن تبقى أقطار عربيّة محاصرة، مستنزفة بين فكي كماشة إسرائيليّة ـ إيرانيّة، وأن “تعديل التاريخ”، و”تغيير الجغرافيا” في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم على حساب العرب، ومن رصيدهم.
 
ثالثاً: يعرف مدى المكانة التي تحتلها المملكة لضبط التوازن في المنطقة المعرّضة لتقلبات حادة، نتيجة صراع المصالح ما بين روسيا والصين وإيران وتركيا على خيراتها وثرواتها، وأيضا مدى فاعليّة الدور الذي تلعبه داخل منظمة “أوبك” لضبط التوازن ما بين الدول المنتجة للطاقة، وتلك المستهلكة.
إنطلاقاً من هذه المقدمات، يراهن لبنان على التفاهم الأميركي ـ السعودي، ويرى فيه فرصة مؤاتية لتفعيل المسار الدبلوماسي الذي يعوّل عليه لتطبيق وقف إطلاق النار، وإنسحاب “إسرائيل” من النقاط التي تحتلها، ووقف إعتداءاتها، وتطبيق القرار 1701، وحصر السلاح، والإنطلاق بمسيرة الإصلاح، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس من الكفاءة، والشفافيّة.
 
 
إن الدعم السعودي لمسيرة العهد الإنقاذيّة، لا يعتريها لبس. وهناك إيمان وطيد، وإعتقاد راسخ، لدى رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، بأن الرياض تنسّق مع واشنطن في مقاربة كل الأزمات المتفاقمة في المنطقة بروح من المسؤوليّة المدركة، وأنها قادرة على إقناع واشنطن بضرورة الوفاء بإلتزامتها تجاه إتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الأميركي آموس هوكشتاين، وإقناع تل أبيب بضرورة التقيد بأحكامه، لتمكين العهد من تحرير لبنان من فكّي الكماشة الإسرائيليّة ـ الإيرانيّة الضاغطة، ومساعدته على الإنطلاق بورشة الإصلاح، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات.
بالطبع لا يمكن تجاهل التحديات التي تعترض المسار الدبلوماسي الذي يراهن عليه العهد لوضع ما جاء في خطاب القسم موضع التنفيذ، لكن ـ كما يقول دبلوماسي عربي ـ إن ما يعزّز فرص التفاؤل هو أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية متفقتان على تحرير لبنان من “خاطفيه”، وإعادته إلى الحضن العربي، عزيزاً، مستقرّاً، مزدهراً…
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram