الغارة الثانية في أقلّ من أسبوع.. هل يمرّ استهداف الضاحية بلا ردّ؟!

الغارة الثانية في أقلّ من أسبوع.. هل يمرّ استهداف الضاحية بلا ردّ؟!

 

Telegram

 

في تصعيد “خطير”, هو الثاني من نوعه في أقلّ من أسبوع, شنّ العدوّ الإسرائيلي غارة فجرًا على الضاحية الجنوبية لبيروت, أدّت إلى سقوط عدد غير قليل من الشهداء والجرحى, بذريعة “استهداف عنصر من حزب الله كان يوجّه عناصر من حركة حماس في الآونة الأخيرة (..) وشكّل تهديدًا حقيقيًا وفوريًا”, على حدّ زعم المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي, الذي أكد أنّ “الجيش والشاباك سيواصلان العمل لإزالة أي تهديد”.

وإذا كانت غارة الفجر جاءت من دون سابق إنذار, وبلا مقدّمات, فإنّها تأتي بعد أيام من أول استهداف للضاحية الجنوبية منذ اتفاق وقف إطلاق النار, يوم الجمعة, قد جاء حينها بذريعة الردّ على حادث إطلاق صواريخ من لبنان, هو الثاني من نوعه, حيث كان لافتًا تزامنه مع القمّة التي جمعت الرئيس جوزاف عون مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس, وقد ربط كثيرون بين الأمرَين, وكأنّه “رسالة ضمنية” إلى الفرنسيّين أيضًا.

وفي وقتٍ كان لافتًا نفي “حزب الله” أيّ علاقة له بإطلاق الصواريخ, وتأكيده الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار, جاء موقفه بعد التصعيد الإسرائيلي “حازمًا” لجهة رفض أيّ معادلات جديدة “تستبيح فيها إسرائيل لبنان وتسرح وتمرح في أي وقت تريد ونحن نتفرج عليها”, ملوّحًا بالعودة إلى “خيارات أخرى”, في حال لم تتمكن الدولة اللبنانية من القيام بالنتيجة المطلوبة على المستوى السياسي, فكيف يُفهَم ذلك, وهل يمرّ استهداف الضاحية بلا ردّ؟!

ذرائع “واهية”

منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل, لا تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية, في ما يشبه استمرار الحرب “من طرف واحد”, في ظلّ الاحتلال المتواصل لخمس نقاط توصَف بالاستراتيجية على الأراضي اللبنانية, والقصف اليومي لمناطق عدّة في الجنوب والبقاع, فضلاً عن الاغتيالات المتكرّرة التي يحاول العدو تبريرها عبر الادّعاء تارة بأنّها تستهدف حزمات أسلحة وطورًا كوادر يخطّطون لأمر ما.


وكأنّ كلّ ذلك لا يكفي, تأتي حوادث إطلاق الصواريخ الغامضة, بل المريبة, لتستخدمها إسرائيل “ذرائع واهية” للتمادي أكثر في الهجوم, بل لتعتبر نفسها في حالة “دفاع”, وكأنّ الخرق يأتي من الطرف الآخر, رغم عدم وجود أيّ مجال للمقارنة, بين القصف الإسرائيلي اليومي للأراضي اللبنانية, وإطلاق صواريخ بدائية الصنع لا تصيب أهدافها في الغالب الأعمّ, وإن فعلت, فهي لن تحدث أيّ ضرر يُذكَر بطبيعة الحال.

وفي حين يسود انطباع بأنّ إسرائيل تستغلّ هذه الأحداث لتكريس ما تسمّيه بـ”حرية الحركة”, ولا سيما أنّ القاصي والداني يعرف أنّها تدرك أنّ “حزب الله” ليس مسؤولاً عن إطلاق هذه الصواريخ, وأنّها لا تشبه سلوكه بصورة عامة, تأتي غارة الفجر الغادرة لتثبت مرّة أخرى أنّ إسرائيل ليست أبدًا في موقع “ردّ الفعل”, وكأنّها تريد أن تكرّس لنفسها “الحقّ” بضرب الضاحية في زمن وقف النار, كما تفعل في المناطق الجنوبية أيضًا.

موقف “حزب الله”

في السابق, كان أيّ استهداف للضاحية الجنوبية لبيروت يُعَدّ بمثابة “إعلان حرب”, وهو ما حصل مثلاً عند اغتيال إسرائيل للقياديّ في حركة حماس صالح العاروري في مرحلة “الإسناد”, حين وجد “حزب الله” نفسه معنيًا بالردّ, حتى لو حاول الإسرائيليون “تحييده” يومها, ووضع الاستهداف في خانة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة, علمًا أنّ استهداف الضاحية لم يتكرّس في تلك المرحلة, إلا بعد تطور الأمور سلبًا, ووصول المواجهة إلى ذروتها.

إزاء ذلك, تُطرَح علامات استفهام بالجملة عن موقف “حزب الله” ممّا حدث, فهل يمكن أن يترك حادثًا بحجم استهداف الضاحية الجنوبية لمرّتين في أقلّ من أسبوع من دون ردّ, وهو الذي كان يرسي معادلات الردع سابقًا لمنع استهداف الضاحية وبيروت حتى في ذروة الحرب, وألا يمكن للسكوت عن مثل هذا الاعتداء, تشريع أي استهدافات إسرائيلية مستقبلية حتى للعاصمة, سواء تكرّر مشهد إطلاق الصواريخ, أو حتى من دون ذرائع؟!

يقول العارفون إنّ الثابت حتى الآن أنّ “حزب الله” لن يغيّر شيئًا في تكتيكاته رغم استهداف الضاحية, وهو باقٍ على سياسة “الصبر الاستراتيجي” التي يعتمدها, وهو ما ألمح إليه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في خطابه في يوم القدس, حين قال إنّ الوقت ما زال يسمح بالمعالجة السياسية والدبلوماسية, ما يعني أنّ الكرة لا تزال في ملعب الدولة, ولو “لوّح” في الوقت نفسه بالعودة إلى “خيارات أخرى”, تركها لمرحلة لاحقة, لم يحدّد متى يمكن أن تأتي.

الواضح من كلّ السياق المستمرّ منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان, أنّ “حزب الله” ليس في وارد العودة إلى القتال, وهو الذي لم يُنهِ مرحلة “المراجعة” بعد, وهو يرفض الوقوع في “الفخّ” الذي تستدرجه إليه إسرائيل, التي يبدو واضحًا في المقابل, أنّها “تستغلّ” موقف الحزب هذا من أجل التمادي أكثر وأكثر مع كلّ يوم يمرّ, وبغطاء أميركيّ أكثر من لافت. فإلى متى يمكن أن يستمرّ هذا الواقع, ومن يمكن أن يضع حدًا له؟

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram