بفضل التصريحات السياسية الإيجابية، واهتمام المؤسسات المالية المتزايد، وارتفاع حجم التداول، استعادت سوق العملات الرقمية ثقتها رغم وجود بعض التصحيحات البسيطة في أسعار العملات الرئيسية. فأسعار العملات المشفرة تتقلب بين ارتفاع وانخفاض، مع استمرار التغيرات في السوق، وتجنب المستثمرين المخاطرة في ظل ضبابية آفاق السياسات التجارية الأميركية.
ويترقب المستثمرون فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية التبادلية التي وعد بتطبيقها في الثاني من نيسان/ أبريل المقبل، وسط توقعات استثناء بعض الصناعات منها. وبينما يرى بعض الخبراء أن البيتكوين تُعد استثماراً مستقبلياً أفضل، يشير آخرون إلى أن تقلباتها العالية تبقى مصدر قلق رئيسي، وهذا دفع المستثمرين إلى اللجوء للذهب بصفته “الملاذ الآمن”، في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي.
متى ينقلب الواقع الاقتصادي؟
يقول المحلل الاقتصادي باسل الخطيب لـ”النهار” أنه “في ظل الحرب التجارية التي يشنها ترامب على مختلف الدول، حاز الذهب اهتمام معظم المستثمرين، نظراً إلى أنه الملاذ الآمن في الظروف غير المستقرة”.
ويعزو سبب التقلب الذي شهدته العملات المشفرة إلى “احتمال استمرار الفائدة عند مستويات مرتفعة فترة أطول من المتوقع. فالرسوم الجمركية تعني تضخماً في الأسعار، وهذا يؤدي إلى بقاء مستويات الفائدة مرتفعة، ما يعني أن أموال المستثمرين ستظل محصورة بالمصارف، كونها توفر لهم عائداً مضموناً، في حين كان متوقعاً أن يدفع تراجع أسعار الفائدة أصحاب الأموال إلى سحبها من المصارف واستثمارها في العملات المشفرة لتحقيق عائد مرتفع”.
وعن تأثير سياسة ترامب الاقتصادية على مستقبل العملات المشفرة، يتوقع الخطيب أن تؤثر هذه السياسة المتمثلة في فرض رسوم جمركية على الجميع سلباً في العملات المشفرة على المدى القصير. ويضيف: “لكن، بعد الانتهاء من مرحلة الرسوم والرسوم المتبادلة، سيأتي وقت الاتفاقات التجارية الجديدة بين أميركا ودول العالم. حينها، ينقلب الواقع الاقتصادي لمصلحة العملات المشفرة”.
“مستقبل واعد”
في وقت سابق من هذا الشهر، تعهد ترامب جعل الولايات المتحدة “القوة العظمى بلا منازع في البيتكوين وعاصمة العملات الرقمية في العالم”.
في هذا الصدد، يرى المحلل الاقتصادي أن ما قام به ترامب حتى الآن، بالنسبة إلى تشريع التعامل بالعملات الرقمية وقوننته، “يدل على أن الرئيس كان صادقاً في الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، إذ أطلق عملته الخاصة، وطلب من إدارته البدء بإعداد الدراسات اللازمة لتشريع العملات المشفرة، وأعلن منذ أسبوعين عن إنشاء احتياط استراتيجي لأميركا من البيتكوين التي تمت مصادرتها في إجراءات جنائية أو مدنية. فمن الآن فصاعداً، لن تبيع أميركا أي بيتكوين مودعة في الاحتياطي”.
وبحسبه، تلك هي إحدى الإجراءات التي تدل على أن ما ينتظر البيتكوين في المستقبل هو أكبر كثيراً مما تحققه العملة حالياً، “وبالتالي أمامها مستقبل واعد”.
ما هو مستقبل البيتكوين؟
سجلت البيتكوين انخفاضاً حاداً خلال الشهرين الماضيين، إذ هبطت بما يزيد على 23% عن أعلى مستوى لها على الإطلاق، عندما سجلت مستوى غير مسبوق عند 108786 دولاراً والذي سجلته في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وتواجه العملة مزيداً من الضغوط وسط مخاوف من سياسات ترامب التجارية، إذ أثرت سياسات الرسوم الجمركية سلباً، فتراجعت البيتكوين إلى أقل من 80 ألف دولار في 11 آذار/ مارس.
في هذا السياق، يقول الخطيب إنَّ البيتكوين “ستتخطى مجدداً حاجز الـ100 ألف دولار، وهذا الواقع مرتبط بالوضع الاقتصادي الذي نشأ بسبب سياسات ترامب الاقتصادية”، لافتاً إلى أنّه “بمجرد استقرار الوضع الاقتصادي في العالم، سنشهد قفزة جديدة في أسعار البيتكوين والعملات الأخرى”.
ويختم حديثه بالقول: “صعبٌ جداً أن نرى أي عملة أخرى تصل إلى المستويات التي بلغتها عملة البيتكوين، لكن هذا لا يعني أن عملات عديدة مثل XRP وEthereum لن تحقق ارتفاعات، بل ستكون هناك فرص كبيرة لمعظم العملات المشفرة الموثوقة”.
في الختام، سيرتبط مستقبل العملات المشفرة بتطور الأطر التنظيمية العالمية، وباستجابة الحكومات للتهديدات المحتملة على اقتصاداتها، إضافة إلى كيفية تأثر هذا القطاع بالتغيرات الاقتصادية الناتجة من سياسات ترامب الاقتصادية. ومحتملٌ أن نرى تزايداً في تبني العملات المشفرة أداة مالية متطورة، لكنها قد تواجه أيضاً تحديات كبيرة تتطلب تكيُّفاً مستمراً مع التغيرات السياسية والاقتصادية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :