نأمل أن يختفي عود الثقاب الذي أشعل فكرة عملات الميم المشفرة قبل أن يؤدي إلى حريقٍ أكبر”، بهذه العبارة حذر ليونيل لورينت (Lionel Laurent) الكاتب في “بلومبيرغ”، من كارثة محتملة في سوق “الكريبتو” جراء التوسع في طرح عملات الميم، خصوصاً بعدما طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزوجته ميلانيا عملتين تحملان أسماهما، فما هي عملات الميم ولماذا هي خطر على سوق “الكريبتو” ولماذا يحذر المتخصّصون والمليارديرات الآن منها؟
يقول الملياردير مارك كوبان في بودكاست مع “غولز تيرباك” عبر منصة الفيديوهات يوتيوب: “لست من محبي عملات الميم، فمن الواضح أنها عملية احتيال، ولا تقدم شيئاً، لذا فهي مثل لعبة الكراسي الموسيقية لكن باستخدام المال، بعض الناس يكسبون وبعضهم لا يفعل”.
وحذر الاقتصادي باري آيشنغرين (Barry Eichengreen) من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، من “وجود رئيس وإدارة يتبنيان أفكاراً متهورة مثل توفير احتياط من العملات المشفرة مثل “XRP” و”سولانا” و”كاردانو” قد يقرران، بالقدر نفسه من التهور، التدخل في إدارة الاحتياط الفيديرالي المسؤولة. وإذا حدث ذلك، فقد يهدد ذلك مكانة الدولار كعملة دولية”.
ما هي عملات الميم؟
عملات الميم (Meme Currencies) هي نوع من العملات الرقمية المشفرة التي تكتسب شعبيتها وقيمتها من خلال النكات المنتشرة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وليست لها فائدة اقتصادية وغالباً ما يتم تحديدها على أنها أصل مضاربي بحت.
أُطلقت عملات الميم للمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر 2013 على يد مهندسي البرمجيات بيلي ماركوس وجاكسون بالمر، ومن أشهرها دوجكوين (DOGE) وشيبا إينو (SHIB) وترامب (TRUMP$)، وميلانيا (MELANIA$).
يقول المحلل المالي الأول في مجموعة “إكويتي” أحمد عزام لـ”النهار” إن عملات الميم، مثل عملتي ترامب وميلاني، هي نوع من العملات الرقمية التي تعتمد بشكل أساسي على الضجة الإعلامية والشعبية بدلاً من القيمة الجوهرية أو الاستخدامات العملية.
ويوضح: “شهدنا نمواً مذهلاً في حجم سوق عملات الميم في فترات قصيرة. بحيث وصلت القيمة السوقية لهذه العملات منتصف عام 2024 إلى نحو 127 مليار دولار، واستمرت تراجعات القيمة السوقية لتهبط إلى مستوى 47 مليار دولار تقريباً في يومنا الحالي، لتفقد 80 مليار دولار في أقل من عام ما يعادل 63 في المئة من قيمتها”.
أضرار عملات الميم
ويضيف “أن الجانب السلبي في عملات الميم قد يطغى على الجانب الإيجابي، فغالبية العملات القائمة في هذا القطاع تعتبر عملات احتيال، أو على الأقل متقلبة سعرياً بشكل كبير، إذ يدشنها أشخاص من دون مشروع وهدف، بل يكون الهدف الأساسي هو تجميع السيولة وسحبها من الأسواق لحساباتهم الشخصية، ما يجعل الأسواق تفقد سيولة سوقية حقيقة كانت تعزز قيمة العملات الرقمية ذات المشاريع القوية.
كما أن تلك العملات قد تبدأ بتداولات داخلية أصلاً؛ كما حصل مع عملة ميلانيا (التي أصدرتها زوجة ترامب)، حيث ارتفعت القيمة السوقية الى 2.2 مليار دولار، ثم انخفضت خلال أيام معدودة إلى 69 مليون دولار، موضحاً أن تلك التداولات الداخلية تحقق الربح الكبير عبر ارتفاع سعر العملة الرقمية ثم بيع المحفظة، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل سريع وإلى تورط المستثمرين الذين اشتروا العملة بوقت متأخر وعلى أسعار مرتفعة.
وآخر مثال شهير على عمليات احتيال في عملات الميم هي عملة ليبرا المرتبطة بالرئيس الأرجنتيني، إذ سجلت ارتفاعات في أول يوم تداول ثم سحب أصحاب العملة السيولة؛ ما أدى الى خسارة أموال المستثمرين.
كما أن تكلفة تدشين عملة الميم قد تبدو مخفوضة جداً، ما يجعل أي شخص قادراً على طرح عملة رقمية وممارسة عمليات الاحتيال السريعة. وبكل تأكيد من يقع في فخ تلك العملات هم الأشخاص الباحثون عن الثراء السريع؛ إذ أن القصص المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول تحقيق ثروة من حفنة دولارات، قد تجرف الأشخاص الى الحلم بالنجاح والثراء السريع.
ويتابع عزام: “أعتقد أن عملات الميم قد تثير جدلاً كبيراً حول امكانيتها كقنبلة موقوتة فعلاً في أسواق العملات الرقمية رغم التكيف مع تلك الظاهرة؛ إذ إن تدشين العملات الرقمية بشكل كبير يدفع الى تراجع السيولة وتوقف العملات البديلة عن النمو. وقد يبدو أن الكارثة قد تكبر لو دخلت عملات رقمية أكثر لتصبح بلوكتشين قيادي لتلك العملات، كما حصل أخيراً مع عملة منصة بينانس BNB، ما سيعني أن حصة الأموال الضائعة سترتفع تدريجاً وأن التأثير السلبي كبير”.
دعم ترامب للعملات المشفرة يهدد الدولار
ورغم مضي الولايات المتحدة في إنشاء احتياط استراتيجي للبيتكوين ومخزون للعملات الرقمية، لا يحتوي الاحتياط من العملات المشفرة حتى الآن على أي عمليات شرائية مستقبلية مجدولة أو على زيادة الاحتياط.
وتمتلك الولايات المتحدة بالفعل نحو 200 ألف بيتكوين، تبلغ قيمتها زهاء 17.5 مليار دولار بالأسعار الحالية. وحصلت على هذه الأصول من جانب المحاكم ولم تشترها الحكومة الأميركية، وفق تصريحات مستشار البيت الأبيض للذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية ديفيد ساكس.
وقد يبدو أن الأوامر التنفيذية التي وقعها الرئيس الأميركي ستكون دافعاً للدول الصديقة للولايات المتحدة لتبني تنظيم العملات الرقمية بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة. إلا أن تقديم البنوك المركزية لاستراتيجية قد يبدو صعباً للدول الصديقة للولايات المتحدة؛ لأن ذلك سيحد من الاعتماد على الدولار كعملة استراتيجية. لكن الدول غير الصديقة قد تتجه فعلاً الى تبني العملات الرقمية كاحتياط وتنويع للأصول الاستراتيجية، رغم مخاطر تقلبات العملات الرقمية الشديدة.
ويرى أنه “من ناحية أخرى، قد يبدو أن تنظيم العملات الرقمية وتشريعها حول العالم خطوة متوقعة في المستقبل؛ ما قد يعني قبولاً عالمياً أوسع مع إطار تنظيمي موثوق، واستقرار أكثر على أداء العملات الرقمية. بينما التأثير على النظام المالي العالمي ربما يصعب التنبؤ به، فالاعتماد على العملات الرقمية مسألة صعبة في الوقت الراهن، ولكن الاعتماد على البلوكتشين (نظام الكتل الخاص بتأمين العملات المشفرة) قد يبدو مهماً جداً لمواكبة التطور”.
ويعتبر أن “دمج أسس قوة اللامركزية في المعاملات المركزية سيكون خطوة قوية في النظام العالمي والمالي، كما أن تحول النظام النقدي والاعتماد على العملات الرقمية بشكل واسع النطاق قد يقتصر على البيتكوين في خطوة مستقبلية غير قريبة على ما اعتقد، إذ أن الابتعاد عن الدولار كوسيلة تبادل هي الخطوة التي لا تحتاجها الولايات المتحدة في الوقت الراهن مع الحالة الاقتصادية التي يشوبها عدم اليقين”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :