كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في منبر القدس 26-03-2025
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خمس وسبعون عاماً من الاحتلال الإسرائيلي لِفلسطين والقدس ولم تتمكن إسرائيل من إلغاء الهوية الفلسطينية، ولم تتمكن من شرعنة شبرٍ واحدٍ من فلسطين.
إلى الآن فلسطين مُحتلة والكيان الإسرائيلي لا دولة له ولا حدود، جاء طوفان الأقصى لِيقلب المعادلة، منذ ثمانية عشر شهراً على طوفان الأقصى والقضية الفلسطينية تتألق في العالم وتبرز كحقيقةٍ لا يُمكن أن يُلغيها أحد، وتنكشف إسرائيل بِأعمالها العدوانية الإجرامية، وفي آنٍ معاً تبين أن الكيان الإسرائيلي يعيش أزمة وجود، ولا يُمكن لِهذا الاحتلال أن يُكرس حضوره وأن يأخذ أرض فلسطين.
كل التحية والتعظيم والتقدير لهذا الشعب الفلسطيني المُجاهد الأبي المعطاء المُضحي، هذا النموذج الأسطوري الذي قدم الكثير الكثير من أجل أن يبقى مُتمسكاً بِأرضه وعزته وكرامته.
كل التحية للشهداء الأبرار، للجرحى، للأسرى، للعوائل، لحماس والجهاد والفصائل الفلسطينية.
كل التحية لأهل غزة والضفة الغربية وأراضي ال48 والقدس.
هؤلاء جميعاً يُمثلون شعباً حيّاً برجاله ونسائه وأطفاله، وقد قدم هذا الشعب الغالي والنفيس من أجل كرامته وحقه وعنفوانه وأرضه.
هذا الصمود الأسطوري رغم خمسين ألف من الشهداء وأكثر من مئةٍ وستين ألفاً من الجرحى ومليونين وأربعماية ألفاً يتنقلون من مكان إلى آخر ويتعرضون للإبادة والتجويع والقهر ومحاولة الإذلال، لكنهم صامدون، محتسبون أجرهم على الله تعالى، واثقون بِنصره وعطاءاته.
هذا الشعب العظيم قدم أنبل من لديه، قدم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية ورئيس المكتب السياسي الشهيد القائد يحيى السنوار، إذاً القيادة في المقدمة والشهداء القادة والأبرار كُلهم على هذه الطريق، من حقنا اليوم أن نرفع الشعار الذي رآه المنتدى، منتدى القدس، شعار "على العهد يا قدس" لأننا سنستمر ولأن هذا الشعب الفلسطيني لن يتوانى ولأنه مع كل هذه التقديمات لا يمكن إلا أن يكون في المقدمة إن شاء الله لإستعادة القدس في يومٍ من الأيام.
يجب أن نعلم أن المخطط الأميركي الطاغوتي كبيرٌ جداً وخطيرٌ جداً من خلال استخدامه لأداة الإجرام الإسرائيلية، المخطط هو:
* تصفية القضية الفلسطينية بالكامل.
* تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة.
* احتلال أراضٍ من الدول المُجاورة من لبنان وسوريا والأردن ومصر.
* تقسيم دول المنطقة حتى تُصبح دولاً كثيرة متناثرة يسهل التلاعب بها.
* التحكم بالشرق الأوسط الذي يُريدونه على شاكلتهم.
المُخطط كبيرٌ جداً، لذا حجم التضحيات هي كبيرة لأنها تُريد إسقاط هذا المخطط، الذي ستلجمه التضحيات إن شاء الله تعالى وتُسقطه مهما بلغ، لأن المقاومة مستمرة ولأن العطاءات ستستمر.
فلسطين عظيمةٌ بشعبها ومقاومتها، لا يمكن أن تُهزم، المستقبل لفلسطين إن شاء الله تعالى.
ما الذي نراه؟ تفوق إسرائيل بالإبادة وقتل المدنيين وقتل الحياة والتدمير لكل شيءٍ على وجه الأرض، هذا عار، لكن المقاومة تفوقت بالثبات على حقها رغم التضحيات الكبرى وهذا شرف عظيم.
لقد سقط القناع القيادي الإنساني لأميركا وانكشف الطاغوت على حقيقته والوحشية التي يتميز بها تجاه حقوق الشعب الفلسطيني ومعه وحشية الكيان الإسرائيلي.
على كل حال هذه جولة، والجولة ليست نهاية المطاف، نحن واثقون أن النصر سيكون للمؤمنين بهذه القضية العظيمة، قضية فلسطين.
قال تعالى:" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ".
هنا لا بُد من الاتجاه إلى محور المقاومة الشريف والمعطاء، لا بد أن نتوجه إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لقد أكرمنا الله تعالى بالإمام الخميني (قدس سره) الذي غيّر وجه المنطقة وأطلق مشروع تضافر الجهود لِتحرير فلسطين وجيش العشرين مليون من أجل تحرير القدس، لقد أعلن يوماً للقدس، وهو إعلانٌ لِمسؤولية الأمة أن تكون مع فلسطين ودعم فلسطين وتحرير فلسطين.
محور المقاومة الذي رعاه الإمام الخامنئي (دام ظله) على نهج الإمام الخميني (قدس سره) هدفه المركزي هو دعم المقاومة من أجل مواجهة الاحتلال.
إسمعوا ما قاله الإمام (قدس سره)، الإمام الخميني:" على قادة الدول الإسلامية أن يتنبهوا إلى أن جرثومة الفساد هذه التي زُرعت في قلب العالم الإسلامي، لا يُراد من خلالها القضاء على الأمة الإسلامية فحسب بل إن خطرها وضررها يُهدد الشرق الأوسط بأسره"، هذا الكلام سنة 1979، هذا الكلام عند انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران.
محور المقاومة مدينٌ لقائد شهداء هذا المحور، قائد قوة القدس، اللواء في حرس الثورة الإسلامية المباركة الحاج قاسم سليماني، نفتقده ونفتقد معه علماً كبيراً هو الشهيد الرئيس إبراهيم رئيسي، سماحة السيد الجليل الذي كان في المنتدى في العام السابق.
هذا المحور مدينٌ لإيران الإسلام بالدعم، بكل أشكال الدعم، الدعم المالي والعسكري والسياسي والإعلامي، ودعم هذا الشعب الشريف الذي أعطى الكثير الكثير ويتحمل الكثير الكثير من أجل قضية فلسطين.
ثانياً: حزب الله والمقاومون في لبنان ساندوا غزة ومعركة "أولي البأس"، في لبنان عمل المقاومون المجاهدون وهذا الشعب الشريف بمختلف أطيافه وأحزابه وقواه الذين يُؤمنون بهذا الحق وقدموا تضحيات كبرى، أبرز التضحيات شهادة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصرالله (رضوان الله تعالى عليه) وشهادة السيد الهاشمي (رضوان الله تعالى عليه) والقادة الشهداء والشهداء الأبرار من المقاومين والرجال والنساء في الجنوب والبقاع والضاحية وأماكن مختلفة من لبنان.
هناك عدة آلاف من المقاومين والشعب اللبناني ارتقوا شهداء على درب فلسطين دفاعاً عن غزة ولبنان وتحرير الأرض.
لم تُحقق إسرائيل أهدافها في إنهاء المقاومة في لبنان، ولم تتمكن من الوصول إلى الليطاني، وأُعلن وقف إطلاق النار وحالة المقاومة حالة صمود وهي في موقعٍ قوي.
نحن في مرحلة مسؤولية الدولة في تنفيذ الاتفاق وخروج الاحتلال، أما المقاومة فمستمرة بحضورها القوي، تعمل حيث يجب أن تعمل وحيث تُقدر أن تعمل، لكن لِيكن معلوماً المقاومة إيمانٌ متجذر وخيارٌ ثابت، تتحرك بِحكمة بِحسب متطلبات المواجهة، أما الآن فعلى الدولة اللبنانية أن تقوم بمسؤوليتها وأن تضغط على القوى الفاعلة الذين رعوا الاتفاق، لن نقبل بإستمرار الاحتلال، ويجب عليه أن يُفرج عن الأسرى، ولا محل للتطبيع ولا للإستسلام في لبنان.
ثالثاً: كل التحية لليمن العزيز الشريف بقيادة سماحة القائد السيد عبدالملك الحوثي والشعب اليمني والجيش اليمني وأنصار الله.
كل التحية لِهؤلاء الذين قدموا نموذجاً فريداً في دعم غزة وفلسطين والمقاومة والمنطقة، مُتحملين ثمناً كبيراً للمواجهة، في مواجهة الاستكبار العالمي الأميركي والبريطاني مباشرةً الذي يُساند الإجرام الصهيوني.
لقد أبدع إخواننا في اليمن في نموذج المساهمة والمواجهة في البحر وفي إطلاق الصواريخ على تل أبيب وفي كل هذه الأعمال البطولية رغم بعد المسافة، هذا يُحمّل العرب والمسلمين مسؤولية التخاذل لأنهم لوا أرادوا أن يقوموا بِعمل لاستطاعوا سواءً كانوا بعيدين أو قريبين، لكنهم يتخاذلون وسيتحملون مسؤولية كبرى لأن إسرائيل لن تدعهم ولن تتوقف.
رابعاً: أما العراق، هذا الخزان الداعم لِفلسطين ولبنان والمنطقة بشعبه ومرجعيته وحشده، وهو الذي قدم الشهيد القائد أبو مهدي المهندس على طريق القدس، وقدم الإمكانات للصمود والدعم، هو في الموقع المشرّف.
يُشرفنا أن نكون جزءاً من محور المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي ومن وراء إسرائيل، ولا يُشرفنا أن نكون مع الطاغوت ومع الاحتلال الذي يُحاول أن يمد يده للسيطرة على المنطقة.
شعارنا "على العهد على قدس"، سنستمر، سنتحمل، سنتابع، والنصر من عند الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأربعاء 26-03-2025
25 رمضان 1446 هـ
نسخ الرابط :