بسقوط نظام الأسد واستبداله بنظام آخر بسرعة مفاجئة وقياسية خلال ايام معدودات وتهاوي المحافظات السورية الواحدة تلوَ الاخرى وصولا الى عاصمة الأمويين دمشق ، دون مقاومة تذكر باستثناء اشتباكات محدودة حصلت في حلب وبعض الدساكر في محافظتها كما شهد العالم بأسره وتفاجأ ،
أجمع الكل أن جيش النظام بعديده وعتاده كان قادرا على المواجهة والصمود والقتال ضد مجاميع الفصائل المسلحة والمعارِضة للنظام وفي مقدمها هيئة تحرير الشام التي كان يقودها ابو محمد الجولاني ( احمد الشرع ) والتي كانت إدلب " مربط خيلها" وبيئتها الحاضنة وتحت سيطرتها بالكامل .
وبين ليلة وضحاها انهارت الدفاعات العسكرية لنظام الأسد كما الفرق العسكرية والتشكيلات الرديفة التي كانت تُشكل درع النظام وحاميته وفي مقدمها الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري ، وكأن كلمة سِر تبلغتها قيادة الجيش والفرق بعدم المواجهة والقتال ، ( وتراءى إنقلابا سلسا وغامضا في آن حصل ) وهكذا غادر الأسد وشقيقه والعائلة وبعض المساعدين عبر قاعدة حميميم الى روسيا بمواكبة وحماية روسية ، ووصل الجولاني الى القصر الرئاسي ببزته العسكرية وزار الجامع الأموي مصليا وخطيبا ، بالتوازي مع قصف الطيران الإسرائيلي لمعظم القواعد العسكرية والمطارات وتدمير الأسلحة الثقيلة والتقدم البري للجيش الإسرائيلي من ناحية الجولان باتجاه القنيطرة ودرعا والسيطرة على مساحات واسعة تفصلها بضعة كيلومترات عن العاصمة دمشق ، دون أن يحرك أحدٌ ساكنا ودون أن تُطلق على هذا التوغل والتقدم رصاصة واحدة .
خلع الشرع زيّه الزيتي وارتدى الزي الغربي الرسمي وبعد الانتهاء من جولات حجّه استقر في القصر كرئيس للمرحلة الإنتقالية وأقيمت الاحتفالات والأعراس في مختلف ساحات المدن الرئيسية فرحا بالسقوط المدوّي لحكم الأسد ، وترحيبا بالفارس الحامل علم سوريا بنجومه الحُمر ، مبشرا بسوريا الجديدة الحرة والديمقراطية والحديثة والموحَدة على قاعدة المواطَنة الحقة واشراك الجميع في الدولة الجديدة والمحافظة على المكونات السورية كافة والنهوض بها إقتصاديا وإنمائيا وإعادة إعمار ما تهدم على مختلف المستويات كما والانفتاح على مختلف الدول وإعادة وصل ما انقطع ( حسب ما أعلن في إطلالاته ومقابلاته ولم يزل ) .
وفُتحت السجون وأطلق سراح المساجين كافة أمام كاميرات الإعلام العالمي لتوثيق المآسي والظلم والإنتهاكات وعذابات المقهورين .
من هو ( أبو محمد الجولاني ) وما هي شريعته وخلفية عقيدته الدينية وثقافته السياسية وأين ترعرع وما هو تاريخ نضاله ومن أين استمد ( أحمد الشرع ) شرعية تحركه والسيطرة على معظم المحافظات السورية وكيف حصل على كل هذا الدعم وممن تتألف الفصائل المسلٌحة التي استعان بها ومن أين اتوا ؟
شيئا فشيئا بدأت تتظهر الحقائق وتتكشف الواحدة تلو الأخرى وبان ما كان غامضا ومغمورا ومخفيا وغيرَ مفهومٍ أو واضحٍ ،
ما كان دور كل من تركيا وروسيا وقطر والسعودية وإيران وإسرائيل في ما جرى ؟
إنها طبخة إقليمية دولية بمكونات محلية ، سوف يأكل منها كل من شارك وسيشارك فيها ، ونخلص إلى القول أن ما جرى في سوريا صفقة كبرى تخدم مصالح الكبار أشبه بمقولة ( خذ واعطِ ) ، واستطرادا نقول ان ما حصل ويحصل على حساب قهر الأقليات والتجزير بهم على خلفيات طائفية مقيتة ، ما جعل الظالم والمظلوم على السواء ضحايا المخطط المرسوم للمنطقة ، وهل يستطيع الشرع السيطرة كاملا على الفصائل المسلٌحة المتفلتة وهل يستطيع ان يحكم كما وَعَد أم للوظيفة المكلّف بها فترة محدودة ومحددة ، وما جرى على حدودنا الشمالية الشرقية مؤخرا مؤشر مقلق ومريب في آن ، وهنا نطرح السؤال المشروع هل ستبقى سوريا موحَّدة ، وبالتالي هل سقط النظام السابق أم سقطت الدولة السورية ذات الحدود الخمس وقلب العروبة النابض كما كان يُعرّف عنها ?
القادم من الأيام سيجيب على تساؤلنا الذي يحوي في متنه الجواب اليقين ،
والسلام .
بقلم الكاتب جورج صباغ
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :