واصل أكراد سوريا احتجاجاتهم في عدد من مدن وبلدات شمال شرق البلاد، على الإعلان الدستوري الذي وقّعه الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، واعتمد فيه النظام المركزي الشديد، مع حصر السلطات كافة بيد شخص الرئيس، من دون أيّ نص يشير إلى احتمال مساءلته، وأيضاً من دون تحقيق أيّ مطلب من مطالب الأكراد، والمتمثّلة باعتماد اللغة الكردية كلغة ثانية، وإعادة تسمية البلاد كما كانت عليه ما قبل سبعينيات القرن المنصرم، أي «الجمهورية السورية».
والاحتجاجات التي نظّمها نشطاء ومثقّفون، بالإضافة إلى «الإدارة الذاتية» و«المجلس الوطني» الكردي، وكانت من بينها وقفة أمام قاعدة «استراحة الوزير» الأميركية، طالبت جميعها بضرورة إعادة النظر في الإعلان الدستوري، والعمل على صوغه من جديد بصورة «تراعي التنوّع الديني والقومي والثقافي والاجتماعي» للبلاد.
وجدّد «مجلس سوريا الديمقراطية»، من جهته، في بيان، رفضه للإعلان الدستوري، مشدّداً على ضرورة «انتهاج حلول سياسية شاملة، تأخذ في الاعتبار الواقع السوري وتعقيداته، وتحترم التعدّدية والتنوّع». كذلك، اعتبر أن «تحقيق أهداف الثورة لا يقتصر على تغيير النظام فحسب، بل يتطلّب العمل الجادّ لبناء نظام جديد يعبّر عن إرادة السوريين كافة، ويضمن حقوقهم ويكرّس مبادئ العدالة والديمقراطية». وبدوره، أكّد عضو هيئة الرئاسة في «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي، ألدار خليل، «ضرورة إشراك جميع الأطراف الفاعلة في بناء سوريا المستقبل، لأن الشعب السوري انتفض ضدّ نظام البعث لتحقيق العدالة والديمقراطية». ورأى، في تصريحات إعلامية، أن «تكرار الأساليب السابقة، يعني أن الثورة خرجت عن مسارها»، لافتاً إلى أن «هناك مخاوف كثيرة في شأن إعادة إنتاج تجربة نظام البعث بحلّة جديدة».
وعلى رغم الاعتراض الكردي الواضح على إجراءات الحكومة السورية، إلا أن كلاً من الإدارة الجديدة و«قسد»، لا يزالان يدفعان نحو تنفيذ اتفاق العاشر من آذار بين الشرع، وقائد «قسد» مظلوم عبدي. ونقلت وسائل إعلام عن محافظ دير الزور، قوله إنه «تم البدء في تشكيل لجنة مركزية لتطبيق اتفاق الحكومة مع قوات قسد»، مشيراً إلى تعيين أربعة أعضاء من كلّ طرف لتحقيق هذا الهدف.
كما لفت إلى أنه «ستنبثق عن اللجنة المركزية لجان تخصّصية عسكرية واقتصادية». لكنّ صحافيين أتراكاً نقلوا عن الرئيس السوري الانتقالي، قوله أمام وفد وزراء الخارجية والدفاع والاستخبارات التركية، والذي زار دمشق أخيراً، إنه لن يمضي قدماً في تطبيق الاتفاق قبل تسليم «قسد» سلاحها للدولة، وهو ما ترفضه الأخيرة.
وفي هذا الجانب، أكّدت مصادر مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «إجراءات تطبيق الاتفاق يفترض أن تبدأ قبل نهاية شهر رمضان، من خلال تجهيز قوائم الأسرى بين قسد وفصائل الجيش الوطني خلال معارك سد تشرين وقبْلها، بهدف إنجاز اتفاق التبادل»، مبيّنة أن «هناك تركيزاً على البدء في اتّخاذ إجراءات إنسانية لتعزيز بناء الثقة، ومن بينها تحضير قافلة لإعادة أهالي عفرين المهجّرين في محافظتَي الحسكة والرقة». وأقرّت المصادر بأن «الإعلان الدستوري أثّر على مسار الاتفاق بين الجانبَين، وأعطى صورة عن حالة من التهميش للمكوّنات السورية»، مستدركة بأن «هناك إصراراً على تطبيق الاتفاق، بصورة تجنّب البلاد صراعات عسكرية غير مرغوبة، وتساعد في استقرار كلّ المناطق».
وعلى خط مواز، وفي تأكيد للدور الأميركي الرئيسي في الاتفاق مع «قسد»، قال ضباط أميركيون، لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إن «الولايات المتحدة على تواصل مع الإدارة السورية الجديدة، والجيش الأميركي لعب دوراً دبلوماسياً مهماً خلف الكواليس للتوسّط بين دمشق والفصائل»، و«شجّع فصيل جيش سوريا الحرّة» الذي يعمل بدعم أميركي في منطقة التنف جنوب شرق سوريا، على «تحقيق السلام مع الإدارة الجديدة».
أيضاً، أشار مسؤولون عسكريون أميركيون، إلى أن «احتمال انسحاب القوات الأميركية مستقبلاً، ساهم في الضغط على قسد للتوصّل إلى اتفاق مع دمشق»، مضيفين أن «قوات التحالف الدولي تراجعت عن قصف موقع إطلاق صواريخ مهجور تابع لجماعة مرتبطة بإيران، بعد الاتصال أولاً بوزارة الدفاع السورية التي أرسلت فريقاً لتفكيك الموقع».
من جهتها، تواصل تركيا التشكيك في إمكانية تطبيق الاتفاق، إذ أكّد وزير دفاعها، يشار غولر، أن على «حزب العمال الكردستاني، وكل امتداداته العاملة في مناطق جغرافية عدّة وتحت مسمّيات مختلفة، حلّ نفسها في أقرب وقت، وتسليم أسلحتها فوراً من دون قيد أو شرط»، في إشارة إلى رفض اندماج «قسد» في الجيش السوري ككتلة، مع إمكانية انضمام أفراد منها بعد تسليم سلاحهم بالكامل للدولة السورية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :