لبنان وإيران: أزمة الطيران المدني بين الاعتبارات السيادية والضغوط الدولية

لبنان وإيران:  أزمة الطيران المدني بين الاعتبارات السيادية والضغوط الدولية

 

Telegram

 

لبنان وإيران:

 أزمة الطيران المدني بين الاعتبارات السيادية والضغوط الدولية

• الدكتورة رشا إبراهيم أبو حيدر

تأزم الوضع في الأسابيع المنصرمة بين لبنان وإيران بعد منع طائرة تابعة لشركة "Mahan Air " تحمل مواطنين من لبنان من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي بعد ورود تهديدات الى الحكومة اللبنانية بضرورة منع هبوط الطائرة تحت تهديد ضرب المطار. المشكلة بين لبنان وإيران فيما يخص الطيران المدني تتعلق بعدة جوانب، أبرزها استخدام المجال الجوي اللبناني من قبل الطيران الإيراني، وخاصة ماهان إير، والمخاوف الأمنية والدبلوماسية المرتبطة بذلك حيث ان هناك تقارير تفيد بأن إيران تستخدم طائرات مدنية، مثل طائرات ماهان إير، لنقل أسلحة ومعدات إلى حزب الله في لبنان وسوريا.كما ان بعض الدول، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، تزعم أن هذه الطائرات تُستخدم كغطاء لنقل أسلحة دقيقة أو معدات عسكرية، عبر المجال الجوي اللبناني.

أولا: مزاعم اميركا وإسرائيل:

العديد من الدول الغربية، خصوصًا الولايات المتحدة، تفرض عقوبات على ماهان إير بسبب دعمها للحرس الثوري الإيراني ونقلها أسلحة إلى مناطق النزاع، هذا دفع إسرائيل الى تنفيذ عدة غارات جوية على سوريا ولبنان استهدفت ما تزعم أنها شحنات أسلحة إيرانية مرسلة عبر الطائرات المدنية.وبما ان المجال الجوي اللبناني يستباح ويُستخدم من قبل الطائرات الإسرائيلية لضرب أهداف في سوريا، ما يزيد من المخاطر الأمنية على الطيران المدني في لبنان. هذه الضغوط على لبنان لمنع دخول طائرات ماهان إير إلى مطاراته، ما هو الا تجنيب لبنان العقوبات أو للتورط في أي عمليات غير شرعية.

ثانياً: موقف لبنان الرسمي:

يرى حزب الله ان ما تقوم به الحكومة اللبنانية في مطار رفيق الحريري ما هو الا تطبيق لإملاءات إسرائيلية أميركية ، ويعتبر ان اميركا تراقب مطار بيروت وتفرض تفتيش كل الطائرات وبالأخص الطائرات الإيرانية خشية دخول أسلحة او أموال لحزب الله، ولكن الرد من الحكومة اللبنانية هو التزامها التام بالقرار 1701 الذي نص في الفقرة التنفيذية 14: "يدعو الحكومة اللبنانية إلى تأمين حدودها والمداخل الأخرى لمنع دخول لبنان من دون موافقتها الأسلحة أو المعدات المتصلة بها، ويطلب من "اليونيفيل" كما تنص الفقرة 11 تقديم المساعدة إلى الحكومة اللبنانية نزولا عند طلبها."ولما كان اختصاص اليونيفيل يقتصر على جنوب الليطاني ولم يصار الى تطوير مهامها لتشمل كل لبنان ، ولما كانت اتفاقية وقف الاعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل أتت لتكون اكثر شمولاً من القرار 1701 حيث أعطت للجنة " الآلية" حق مراقبة تنفيذ الاتفاق والاهم على المعابر الحدودية واهمها مطار بيروت لمنع وصول سلاح لحزب الله، وبما ان الدولة اللبنانية ارتضت بهذه الاتفاقية ومهامها بما فيها مراقبة المطار بحيث لا يعتبر ذلك انتقاصاً من السيادة اللبنانية.

أعلنت الحكومة اللبنانية منع الطيران الإيراني من استخدام مجالها الجوي، كما ان هناك دعوات داخلية من بعض الجهات السياسية لمراجعة الرحلات الإيرانية وضمان عدم استخدامها لأغراض عسكرية، بالمقابل كان هناك استنفار كبير من مناصري حزب الله لدفع الحكومة للرجوع عن هذا القرار وعدم الخضوع للإملاءات الخارجية التي تفرضها اميركا وإسرائيل.

ولكن احتواء للمسألة ورفضاً لتصاعد الأزمة، التي قد تؤثر فيها العقوبات الغربية على قطاع الطيران اللبناني، خاصة إذا اعتبرت الجهات الدولية أن لبنان لا يتعاون في ضبط الرحلات الإيرانية، وما قد تواجه شركة طيران الشرق الأوسط (MEA) صعوبات في التعامل مع بعض المطارات الدولية إذا تم ربط لبنان بدعم الرحلات الإيرانية.قامت الحكومة اللبنانية عبر وزير الخارجية الى تقريب وجهات النظر مع الجانب الإيراني على الأقل في المدى المنظور لأن الموضوع حساس، ويتداخل مع قضايا إقليمية كبرى، لذلك يبقى التوازن في الموقف اللبناني هو الخيار الأفضل لتجنب التداعيات السلبية.

رابعاً: المسألة من منظور القانون الدولي:

بموجب القانون الدولي، لا يحق لدولة أن تمنع طائرة مدنية لدولة أخرى من الهبوط على أراضيها إلا في حالات استثنائية. القوانين المعمول بها تتضمن اتفاقيات دولية مثل اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي لعام 1944، والتي تنص على أن لكل دولة حق السيادة على مجالها الجوي. ومع ذلك، يجب احترام بعض المبادئ التي تشمل السماح للطائرات المدنية بالعبور أو الهبوط في حالة الطوارئ أو وجود موافقة من الدولة صاحبة الأراضي.

منع الطائرات من الهبوط قد يكون مبررًا في حالات مثل:

- إذا كانت الطائرة تشكل تهديدًا للأمن القومي.

- إذا كانت هناك مشكلة تتعلق بالتراخيص أو التصاريح.

- إذا كان ذلك بسبب مشاكل سياسية أو نزاعات دبلوماسية.

في حالات أخرى، قد يكون مثل هذا المنع غير قانوني ويعرض الدولة المنع لانتقادات دولية من قبل هيئات مثل منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)

ولكن ما هو وضع شركة الطيران الإيرانية؟

القيود على شركات الطيران الإيرانية: بعض شركات الطيران الإيرانية، مثل شركة "ماهان إير"، تم وضعها على قائمة الشركات التي تواجه عقوبات اقتصادية بسبب صلات مزعومة بأنشطة غير قانونية أو دعمها لأغراض عسكرية أو تهريب الأسلحة. هذا أدى إلى منع بعض الشركات الغربية من التعامل معها أو تقديم خدمات الطيران.

العقوبات المفروضة على الطيران المدني الإيراني لا تُلزم لبنان مباشرة بموجب قواعد اتفاقية شيكاغو، حيث أن اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الدولي هي اتفاقية دولية تهدف إلى تنظيم الطيران المدني وتحديد حقوق وواجبات الدول في مجال الطيران، وهي تركز على الأمن والسلامة الجوية.

ولكن، العقوبات المفروضة على إيران تتعلق غالبًا بعوامل سياسية ومالية، وتُفرض عادة من قبل دول أو تكتلات دولية (مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي) وليس بناءً على اتفاقيات الطيران نفسها. ومع ذلك، يمكن أن تؤثر العقوبات على شركات الطيران الإيرانية في قدرتها على الحصول على خدمات طيران دولية، بما في ذلك من دول أخرى مثل لبنان، خاصةً في مجالات مثل الوصول إلى الطائرات الحديثة أو قطع الغيار أو خدمات التأمين.

لبنان، كدولة عضو في اتفاقية شيكاغو، يلتزم بالقواعد العامة للطيران الدولي، لكنه يمكن أن يلتزم أو يتجاهل العقوبات الدولية بناءً على التزامات سياسية أو اقتصادية خارج نطاق اتفاقية الطيران.

ما الذي يمكن أن يفعله لبنان؟

• الخيار الأول: الالتزام بالعقوبات، ومنع ماهان إير من العمل في لبنان، لتجنب أي مشاكل مع الغرب.

• الخيار الثاني: مواصلة السماح للشركة بالعمل، مع محاولة تجنب العقوبات.

• الخيار الثالث: إيجاد حل وسط، مثل الحد من الرحلات أو فرض قيود غير مباشرة على أنشطتها.

في النهاية، القرار يعتمد على الأولويات السياسية والاقتصادية للحكومة اللبنانية، ومدى استعدادها لتحمل تبعات أي قرار تتخذه.

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram