الإصلاح الإداري مُؤجّل منذ الإستقلال... الحكومة وعدت هل تطبّق القوانين وتفعّل مُؤسسات مُحاربة الفساد؟

الإصلاح الإداري مُؤجّل منذ الإستقلال... الحكومة وعدت هل تطبّق القوانين وتفعّل مُؤسسات مُحاربة الفساد؟

 

Telegram

 

رفعت الحكومة شعارا لها "الاصلاح والانقاذ"، ووعد رئيسها نواف سلام بانه سيحقق ذلك دون ان يحدد من اين سيبدأ، لان كل هيكل الدولة بحاجة الى ترميم، وهو على وشك الانهيار في كل المؤسسات التي اصيبت في غالبيتها بالشلل قبل اعوام، بسبب تدني القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، مما اثر على الرواتب في القطاع العام كما الخاص، ولم يعد الموظفون يداومون في مؤسساتهم بدوام كامل بل جزئي، مما زاد من انحلال العمل الاداري وتعطلت اشغال ومعاملات المواطنين، مما زاد من الرشوة والفساد وهي ثقافة لبنانية موروثة من زمن السلطنة العثمانية، وما كان يعرف بـ "البرطيل".

فالادارة الرسمية في لبنان ينخرها الفساد منذ عقود، ومن يتوظف فيها يكون عبر السياسة والطائفية، وفاض عدد الموظفين عن حاجة المؤسسات لهم، ويتوارث رؤساء جمهورية وحكومات ومجالس نواب الفساد منذ ما بعد الاستقلال، وجرت محاولات لاصلاح اداري الذي هو توأم لاصلاح قضائي وديبلوماسي وعسكري وامني الخ.... ولا يقوم هذا الاصلاح دون اصلاح سياسي في السلطة، لانها هي المسببة للفساد في الادارة وتعطيل عملها.

فلم يمر عهد رئاسي وتشكلت حكومة الا وكان الاصلاح الاداري عنوانا اساسيا، لكن لم يتحقق هذا الاصلاح الذي عقد له مؤتمر في عهد الرئيس سليمان فرنجية في بيت الدين في العام 1974 ، واتخذت قرارات لم تنفذ، وقبله في عهد الرئيس شارل حلو جرت عملية تطهير للفاسدين في مؤسسات الدولة، لكن الفساد استمر ولم يتم اجتثاثه، لان من يأتي الى الوظيفة كانت بوصلته كيف سيتدبر امره.  وقد حصلت في وزارات وادارات شراكة في الفساد بين وزراء ومدراء عامين وموظفين من كل الفئات مع معقبي معاملات، وكانت تظهر اسماء الفاسدين ويتم التداول بها، لكن محمياتهم السياسية والطائفية كانت تمنع محاكمتهم، الا من خرج عن قرار "زعيمه" ، او ان زعيمه لم يعد يتحمل فساد زبونه.

هذا التاريخ للادارة في لبنان هو حكاية مستمرة تمتد من جيل الى جيل ولم يحصل الاصلاح، وان حصل فيكون جزئيا، فانشئت وزارة للاصلاح الاداري او التنمية الادارية، حيث وضعت برامج وخططا للاصلاح وبدعم من مؤسسات دولية، لكن الاصلاح لم يسلك طريقه التي كانت مطبات سياسية وفئوية تؤخر او تعرقل انجازه الذي جاءت الحكومة الحالية لتباشر به.

ففي الادارة فائض بالموظفين يعدون بالالاف مع شغور في مؤسسات واتخذت اجراءات لحل ازمتهم المتأتية من التوظيف الذي لا يتم عبر مجلس الخدمة المدنية الذي يحدد الوظائف التي بحاجة اليها مؤسسة من مؤسسات الدولة الا ان القانون سمح بالتوظيف من خارج حاجات الادارة او بامتحانات فكان الوزارء يلجأون الى التوظيف تحت عناوين عدة ومنها: المتعاقد والمياوم والموسمي فكانت تزدحم الوزارات والمصالح المستقلة بالموظفين وبعضهم لا وظيفة له ولا يداوم ويقبض راتبه وقد فاحت فضيحة وزارة الاعلام قبل اكثر من عقدين من الزمن عندما تبين بان فيها عددا كبيرا من الموظفين لا عمل لهم فجرت عملية نقلهم الى ادارات اخرى لتخفيف عددهم وهو يحصل في وزارات اخرى ومع الكثير من الوزراء الذين كانوا يوظفون اتباعهم الحزبيين واقاربهم واصدقائهم.

والفضيحة الكبرى التي حصلت كانت بعد العام2017 عندما صدر قانون عن مجلس النواب حمل الرقم 47 بما عرف بسلسلة الرتب والرواتب تضمن القانون بندا يمنع التوظيف الا انه جرت مخالفة له وتم توظيف نحو 5300 موظف من خارج القانون وتنبه لذلك رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان وطالب وزارة المال بوقف صرف الرواتب لهؤلاء لكن لم يتم التجاوب معه لان السياسة والتسويات فيها هي التي تتحكم بالادارة.

فالاصلاح الذي تسعى اليه الحكومة يجب ان يبدأ من الادارة كما من قطاعات اخرى بوضع هيكلية ادارية مع التطور التقني من خلال وسائل حديثة تبدأ بالمكننة وتنشأ "حكومة الكترونية" او "ادارة الكترونية" عبرها يتم انجاز الاعمال فينقص عدد الموظفين ويربح المواطنون الوقت الذي يستهلكونه في تعقب معاملاتهم واذا تعذر عليهم يكلفون من يقوم مكانهم بالمهمة مقابل اجر وبذلك يدفع المواطن مرتبين للموظف ومن يتابع قضية له في الادارة.

فالحكومة الالكترونية مطلب لبناني ولجأت اليها دول وقامت بعض الادارات اللبنانية باستخدام وسائل حديثة من خلال "داتا المعلومات" لكن هذا لا يكفي لتحقيق اصلاح اداري الذي لا يعرف اللبنانيون عنه شيئا سوى ان اشغالهم في الدوائر الرسمية لا تعبر دون وسيط او ما يسمونه شعبيا بـ "السمسار" وصدر في عهد الرئيس ميشال سليمان قانون وسيط الجمهورية لكنه لم يطبق.

وفي لبنان كثير من القوانين التي تحارب الفساد او تحد منه لكن تطبيقها معدوم او في غض نظر وتوجد مؤسسات رقابة عليها ان تفعّل دورها فاللجان والهيئات عديدة لمحاربة الفساد لكنها وجدت كمكمل "لديكور" النظام السياسي الطائفي ولا يسقط الفساد الا ببناء انسان غير فاسد.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram