ماهي التحديات التي ستواجه حاكم مصرف لبنان الجديد؟

ماهي التحديات التي ستواجه حاكم مصرف لبنان الجديد؟

 

Telegram

 

من أبرز وأهم التعيينات المرتقبة من الحكومة الجديدة تعيين حاكم مصرف لبنان لما لحاكمية المركزي من حساسية وتأثير على الوضع الإقتصادي والنقدي وحتى المعيشي سيما وأن معظم اللبنانيين اعتبروا ان حاكم مصرف لبنان  السابق رياض سلامة هو السبب في الأزمة وخسارة وحجز أموالهم.
ومع تأكيد وزير المال ياسين جابر أنه سيتم تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي قبل نهاية آذار الجاري، يبقى السؤال عن التحديات التي ستواجه حاكم مصرف لبنان الجديد بعد 5 سنوات من الأزمة؟
في هذا الإطار، رأى الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث  ان تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في ظل الأزمة الاقتصادية العميقة منذ 2019 يضعه أمام مسؤوليات جسيمة تتطلب استراتيجيات واضحة لمعالجة المشاكل الهيكلية في النظام المالي والنقدي، لافتاً الى أن إعادة الثقة بالقطاع المصرفي تبقى إحدى الأولويات إذ فقد اللبنانيون إيمانهم بالمؤسسات المالية بعد احتجاز ودائعهم وعدم وضوح آلية استرجاعها إضافة إلى غياب الشفافية في السياسات النقدية.


عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري
وقال الخوري : الحاكم الجديد مطالب بوضع خطة تعيد هيكلة القطاع المصرفي ولكن ضمن إطار يضمن التدقيق في الودائع الكبرى خاصة تلك المشبوهة المرتبطة بالفساد أو الجريمة العابرة للقارات بما يسمح بشطبها بالكامل وبالتالي تحرير جزء من الأعباء المالية مما يسهم في استعادة عادلة لحقوق أصحاب الودائع المشروعة؟
وتابع الخوري: استقرار سعر الصرف والتضخم يمثلان تحديًا آخر حيث أن الليرة اللبنانية شهدت انهيارًا غير مسبوق وأي تدخل جديد يجب أن يكون مدروسًا لتجنّب أخطاء الماضي المتمثلة في الهندسات المالية والدعم العشوائي.
ومن التحديات أيضاً، أشار الخوري إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي على خطة إصلاحية واقعية الذي يبقى أمرًا أساسيًا لا سيما أن إعادة هيكلة المصارف تعاني من غياب رؤية موحدة حول توزيع الخسائر بين الدولة والمصارف والمودعين “وهو ما يستوجب مقاربة عادلة تستند إلى التدقيق المالي، وليس إلى حلول عشوائية تزيد من فقدان الثقة بالقطاع”.

وتحدث الخوري عن تحدي آخر يواجه الحاكم الجديد وهو إدارة الدين العام التي تتطلب استراتيجية واضحة خاصة أن الجزء الأكبر منه متمثل في الديون الخارجية باليوروبوندز، بينما الدين الداخلي المتراكم بالليرة اللبنانية يواجه مشكلات إضافية نتيجة انهيار العملة، مشدداً على أن أي خطة للتعامل مع الدين يجب أن تتضمن إعادة الجدولة التفاوض على شروط جديدة وربما شطب جزء منه لتخفيف الأعباء المالية “ولكن ليس على حساب المودعين الصغار بل من خلال استهداف مصادر التمويل غير المشروعة التي استفادت من الأزمة وأثرت على الاستقرار المالي”.

ووفقاً للخوري “التحديث التكنولوجي وإدارة المعلومات بشفافية هما من المحاور التي يجب أن يوليها الحاكم الجديد اهتمامًا خاصًا إذ أن الافتقار إلى بيانات مالية دقيقة وشفافة أدى إلى فشل السياسات النقدية السابقة، مشدداً على ضرورة تعزيز أنظمة المراقبة المالية والحوكمة الرقمية لضمان تتبع الأموال ومنع الفساد والمضاربات غير المشروعة خاصة تلك التي تمّت خلال الأزمة من خلال تهريب الأموال أو عمليات المضاربة على سعر الصرف، لافتاً الى أن تطوير منصات مصرفية رقمية وتحديث آليات الدفع الإلكتروني سيساهمان أيضًا في تقليل الاعتماد على السوق السوداء وتحسين إدارة السيولة.

واعتبر الخوري أن معالجة الثغرات في قانون النقد والتسليف ضرورة ملحّة، فالقانون الحالي الذي يعود إلى الستينيات لم يعد يتناسب مع التحديات المعاصرة ويجب العمل على تعديل القوانين لتحديد صلاحيات المصرف المركزي بوضوح وتقوية دوره في ضبط العمليات المالية والمصرفية ومنع الاستغلال السياسي للسياسات النقدية، وكذلك يجب إقرار قوانين أكثر صرامة لضبط التحويلات المالية ومنع تهريب الأموال الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة مما أدى إلى تفاقم أزمة السيولة وضرب استقرار النظام المصرفي.


وإذ رأى الخوري أن مقاربات إعادة الودائع تعدّ إحدى المشكلات الأكثر تعقيدًا حيث طُرحت عدة آليات لاسترجاع أموال المودعين إلا أن معظمها أدى إلى تفاقم الأزمة بدلاً من حلّها، اعتبر أن تعدد الآليات المقترحة لإستعادة الودائع سواء عبر الدفع بالليرة اللبنانية بأسعار صرف متفاوتة أو عبر سندات طويلة الأجل ساهم في خلق سوق ثانوية للمضاربة على الودائع “لذلك لا بدّ من مقاربة جديدة تستند إلى التدقيق المالي والقضائي بحيث يتم التمييز بين الودائع الشرعية التي يجب حمايتها والودائع الناتجة عن عمليات غير قانونية والتي يمكن شطبها بالكامل أو استخدامها في إعادة هيكلة القطاع المصرفي”.

وختم الخوري بالقول: مكافحة الفساد والمحاسبة تمثل تحديًا رئيسيًا خاصة أن الحاكم الجديد سيرث إرثًا ثقيلاً من التحقيقات الداخلية والدولية المتعلقة بمصرف لبنان وسوء إدارته للأموال العامة، لافتاً الى أن تعزيز الشفافية والاستقلالية سيكونان مفتاح نجاح أي إصلاح إذ أن إعادة هيكلة المصرف المركزي وإبعاده عن الضغوط السياسية أمر لا مفر منه لضمان استقرار الاقتصاد واستعادة ثقة المواطنين أي حاكم جديد لن يكون مسؤولًا عن إدارة السياسة النقدية فقط بل سيكون في قلب معركة إصلاح اقتصادي وسياسي شاملة تحدد مستقبل لبنان المالي والاقتصادي.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram