باريس تسعى لملء الفراغ في الدعم الأميركي لأوكرانيا وتطرح نفسها حامية للأوروبيين نووياً

باريس تسعى لملء الفراغ في الدعم الأميركي لأوكرانيا وتطرح نفسها حامية للأوروبيين نووياً

 

Telegram

 

يوماً بعد يوم، يتبين بشكل قاطع أن الرئيس الفرنسي يريد أن يلعب دوراً مؤثراً في المرحلة المستجدة مع استدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجذرية إزاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وابتعاده استراتيجياً عن أوروبا، فضلاً عن دعوته الملحة لبناء دفاع أوروبي قوي وعرضه المظلة النووية الفرنسية لحماية القارة القديمة. وأخيراً حرص ماكرون على الدفع باتجاه رد أوروبي متماسك على السياسة التجارية لترمب الخاصة بفرض رسوم باهظة على البضائع الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة، وذلك من خلال رفع الرسوم المستوفاة عن البضائع الأميركية الداخلة إلى السوق الأوروبية.

يقول دبلوماسي أوروبي في باريس إن ماكرون يستفيد من غياب المستشار الألماني أولاف شولتس لفرض ريادته فيما المستشار القادم فريدريتش ميرتس ما زال يفاوض من أجل تشكيل حكومة جديدة. ويرى هذا الدبلوماسي أن أفضل ما يمثل تراجع دور ألمانيا هو أن شولتس وضع في الصف الأخير، في الصورة الجماعية التي ضمت القادة الأوروبيين، الأحد الماضي، الذي اجتمعوا فيه في «لانكستر هاوس»، بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. ولذا، فإن ماكرون يتقاسم الريادة، إلى حد ما، مع ستارمر الذي يوظف «العلاقة الخاصة» التي تجمع بريطانيا بالولايات المتحدة ليكون له دور مميز في الحرب الأوكرانية من جهة، وفي الأمن الأوروبي من جهة أخرى. من هنا، حرصه على الإعلان عن توفير دعم مالي وعسكري لأوكرانيا بمناسبة لقائه رئيسها فولوديمير زيلينسكي، السبت الماضي، وعن حزمة أخرى في اليوم التالي بمناسبة اجتماع القادة الأوروبيين.



ماكرون همزة وصل بين ترمب وزيلينسكي
في الأزمة الحادة التي نشبت بسبب المشادة «التاريخية» في البيت الأبيض بين ترمب زيلينسكي، كشفت مصادر رئاسية فرنسية عن أن الأول قبل استقبال الثاني في البيت الأبيض بفضل تدخل ماكرون الذي اتصل بترمب طالباً منه استقبال زيلينسكي. وقبل توجه ماكرون بداية الأسبوع الماضي إلى واشنطن، تشاور عدة مرات مع زيلينسكي وتواصل معه عقب المشادة وخروجه مهزوماً من البيت الأبيض. والخميس، التقاه مجدداً في بروكسل قبل انعقاد القمة الأوروبية.

وثمة شائعات تقول إنه قد يرافقه إلى واشنطن إذا تم ترتيب قمة جديدة بينه وبين ترمب. وقالت صوفي بريما، المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، الأربعاء، عقب اجتماع مجلس الوزراء برئاسة ماكرون، إن باريس تعمل على إعادة إرساء الروابط بين الولايات المتحدة وأوكرانيا من أجل التوصل إلى «سلام دائم وقوي».

وكانت باريس اقترحت، مع لندن، «هدنة جزئية» لمدة شهر بين روسيا وأوكرانيا، وهو المقترح الذي تبناه زيلينسكي وحوّله إلى مقترح أوكراني يشمل تبادل الأسرى ووقف العمليات الجوية والبحرية، واعتبرت المسؤولة الفرنسية أن مقترح الهدنة يندرج في إطار الجهود الدبلوماسية الفرنسية والأوروبية الرامية إلى تعزيز الدعم الغربي لكييف. ويأتي ذلك بالتوازي مع الجهود الأوروبية لتعزيز الدفاعات الأوكرانية ومحاولة ملء الفراغ الذي تسببت به قرارات ترمب بوقف الشحنات العسكرية الأميركية، وتجميد الدعم المالي والتعاون الاستخباري مع كييف.

 


3 مبادرات فرنسية
يتضح، أكثر فأكثر، أن ماكرون يريد أن يلعب دورين متوازيين: الأول، أن يكون «عراب زيلينسكي» لشد أزره في المواجهة غير المتكافئة بينه وبين ترمب. ومن جانب آخر، يريد ماكرون أن يكون، إلى حد ما، متزعماً المعسكر الغربي؛ إن في الدفاع عن أوكرانيا أو في التعاطي مع ترمب أو في الوقوف في وجه روسيا. من هنا، يمكن فهم ثلاث مبادرات أطلقها ماكرون في الأيام والساعات الأخيرة. وعنوان المبادرة الأولى ما كشف عنه في الكلمة المتلفزة التي وجهها للفرنسيين، مساء الأربعاء، جاء في كلمة ماكرون ما حرفيته أن السلام في أوكرانيا «قد يفترض أيضاً نشر قوات أوروبية والتي لن تذهب للقتال اليوم (...) لكنها ستكون هناك عندما يتم توقيع السلام لضمان احترامه الكامل. بدءاً من الأسبوع المقبل، سنجمع في باريس رؤساء أركان الدول التي ترغب في تحمل مسؤولياتها في هذا الصدد».

وحتى الآن، كانت بريطانيا وفرنسا قد أعلنتا صراحة عن استعدادهما لإرسال قوات غير قتالية إلى أوكرانيا. بيد أن المشكلة أن الدولتين تطالبان بـ«ضمانات أميركية»، بحيث تفرض على موسكو احترام اتفاقية السلام التي قد يتم التوصل إليها. والحال، أن ترمب لم يعط أي وعد بهذا الشأن خلال الزيارتين المنفصلتين اللتين قام بهما ماكرون ثم ستارمر إلى البيت الأبيض. كذلك كانت هذه الضمانات أحد أسباب المشادة بين ترمب وزيلينسكي؛ إذ إن الأخير أصر عليها فيما تمنّع الأول عن إعطاء أي تعهد بهذا الخصوص. ثم هناك صعوبة أخرى لا تقل أهمية، وهي أن موسكو ترفض قطعياً نشر هذه القوات الأوروبية على حدودها، مهما تكن الراية التي ترفعها وإن كانت غير أطلسية.


وزير الدافع الفرنسي سيباستيان لو كورنو (يمين) في حديث هامس مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية إيريك لومبارد خلال اجتماع للبرلمان في الـ4 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
تعويض النقص الاستخباري
في حديثه الصباحي لإذاعة «فرانس أنتير» الخميس، قال وزير الدفاع سيباستيان لو كورنو، إن باريس مستعدة للتعويض عن المعلومات الاستخبارية التي كانت واشنطن تقدمها للقوات الأوكرانية والتي بدأت بحجبها، وفق ما أفاد به، منذ ظهر الأربعاء. وهذه المعلومات ضرورية للجانب الأوكراني لأنها تكشف تحركات وخطط القوات الروسية التي ما زالت تتقدم ميدانياً، وإن ببطء، في المعارك الدائرة في مقاطعة دونيتسك.

وقال لوكورنو إن لفرنسا «مصادر استخبارية يمكن أن نستفيد منها في مساعدة الأوكرانيين». وحرص الوزير الفرنسي على إبراز استقلالية بلاده في الميدان الاستخباري وتميزها عن بريطانيا؛ إذ أكد أن «الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة لأصدقائنا البريطانيين الذين يعملون في منظومة مخابراتية مع الولايات المتحدة». وبكلام آخر، فإن ما يعنيه الوزير الفرنسي أن الطرف البريطاني ليس حر التصرف، لا في جمع المعلومات، ولا في إمكانية إفادة الأوكرانيين منها بعيداً عن الموافقة الأميركية.

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram