الكلفة تزيد على 45 مليون دولار: “كهرباء الدولة” بدأت تعود إلى الجنوب

الكلفة تزيد على 45 مليون دولار: “كهرباء الدولة” بدأت تعود إلى الجنوب

 

Telegram

 

تدريجياً وبثبات، يعود التيار الكهربائي الرسمي، أو «كهرباء الدولة»، إلى قرى ومدن محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية. فمنذ اللحظات الأولى لوقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، تبيّن أنّ الحرب دمّرت الشبكة بشكل شامل في 24 قرية تعرف بأنها «قرى الحافة الأمامية» مثل قرية العديسة، بليدا، وعيتا الشعب وسواها.

أما في القرى الأبعد نسبياً، فإن الأضرار كبيرة أيضاً إذ تدنت نسبة الإضاءة بـ«كهرباء الدولة» إلى 9% في قبريخا، و17% في وادي جيلو والسلطانية، و33% في مدينة صور. وبلغت القيمة الأوليّة لأضرار الشبكة الكهربائية في المحافظتين نحو 45 مليون دولار، وفقاً لتقديرات «شركة مراد» المسؤولة عن تقديم الخدمات الكهربائية في المحافظتين.

بحسب الخريطة التي وضعتها «شركة مراد» لوضع الشبكة الكهربائية في محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي، قُسّم العمل زمنياً إلى مرحلتين، وجغرافياً إلى 3 مناطق. انطلقت أعمال المرحلة الأولى من الصيانة في المنطقة المصنّفة خضراء وتشمل كلّ المدن والقرى البعيدة من خطوط المواجهات حيث أصيبت شبكة الكهرباء بأضرار مقدرة بنحو 25 مليون و136 ألف دولار.

في هذه المنطقة، ولا سيما في بعض القرى مثل برعشيت وباريش والقصيبة، استعادت الشبكة الكهربائية عافيتها بنسبة 95%.

وفي المرحلة الثانية، بدأ العمل في المنطقة المصنّفة بالأصفر والأحمر والتي تشمل 66 قرية، منها 24 على خطّ المواجهة الأول مثل ميس الجبل وكفركلا، (حمراء)، و42 قرية على الخط الثاني مثل كونين وياطر (صفراء).

في هاتين المنطقتين، لم تعمل فرق الصيانة بشكل كبير سوى بعد انتهاء مهلة الستين يوماً لانسحاب الاحتلال، أي بعد تاريخ 18 شباط من عام 2025.

إنما في الأماكن التي تمكنت فرق الصيانة من الوصول إليها، مثل شقراء والطيري وبنت جبيل، فقد أنجزت الشركة إصلاح الشبكة. وتقدّر كلفة إعادة تشغيل الكهرباء في المناطق الحمراء والصفراء بنحو 20 مليون و573 ألف دولار. إنما من المرجح «أن ترتفع الأكلاف، خاصة أنّ العمل على إعادة الكهرباء في المناطق الحمراء سيكون من الصفر، حيث مُحيت معالم القرى تماماً، ولم تعد الشبكة موجودة من الأساس»، يقول قاسم بزي مدير المشروع في شركة مراد.

وبحسب الإحصاء الأولي، تحتاج قرى المنطقتين الصفراء والحمراء إلى 1180 كيلومتراً من الكابلات؛ منها 520 كيلومتراً من كابلات التوتر المتوسط، و660 كيلومتراً من كابلات التوتّر المنخفض. كما، يجب إعادة تأسيس الشبكة بالكامل في تلك القرى، أي يلزمها زراعة 1069 عامود كهرباء، و106 محولات كهربائية بمختلف الأحجام.

ولتغطية أكلاف إعادة وصل الجنوب بالشبكة العامة للكهرباء «أعطانا مجلس إدارة مؤسّسة كهرباء لبنان، سلفة بقيمة 4.5 ملايين دولار، فاستخدمتها لإنجاز أعمال الصيانة في المنطقتين الخضراء والصفراء»، بحسب رئيس مجلس إدارة شركة مراد علي مراد. جرى تمويل إعادة تأهيل الشبكة من عائدات فواتير الكهرباء في محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي، بحسب مراد.

وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى من أعمال الصيانة، جُدّدت السلفة المالية للشركة بالقيمة نفسها، ما يمكّنها من استكمال أعمال إعادة التأهيل في المنطقتين الصفراء والحمراء.

«قرار المؤسسة كان جريئاً. لولا مبادرة شركة الكهرباء لكانت القرى الجنوبية لا تزال بلا كهرباء، أي إن وضعها مثل وضع إزالة الردم في المنطقة: على الأرض».

ورغم توافر الأموال، إلا أنّ عمليات إعادة تأهيل الشبكة اصطدمت بمعوقات مرتبطة بتوافر قطع الغيار المطلوبة. فالكابلات والمحوّلات وقطع الأكسسوار لم تكن متوافرة لدى المورّدين المعتمدين لدى مؤسسة كهرباء لبنان.

لذا «وجدنا أنفسنا في معضلة»، يضيف مراد، لأنّ «كلّ الموردين في لبنان مثل MATELEC وكابلات المتوسط، وكابلات لبنان، لا يوجد عندهم مواد أولية للتصنيع مباشرةً عند وضع طلب الشراء. وفي حال امتلك المورّدون مخزوناً من المحوّلات والكابلات لكان العمل أسرع بكثير». بحسب الاتفاق بين شركات مقدّمي الخدمات ومؤسسة كهرباء لبنان، لا يمكن شراء أيّ معدّات من خارج مورّدين محدّدين.

وبسبب ضخامة حجم الطلبيات، والضغط على الطلب، طلب المورّدون مهلةً تصل إلى 3 أشهر لتوريد الكميّات المطلوبة. مثلاً «لو طلبنا 100 ألف متر من الكابلات، يسلّمون ألفاً. ونحن في منافسة مع المولّدات في القرى أيضاً، إذ يحتاج أصحابها إلى كابلات لإعادة الكهرباء»، يقول مراد مؤكداً أنّ النقص في الكابلات والمحولات فقط، وذلك لا يشمل الأعمدة لأنّ الحديد متوافر.

وبحسب مراد، «المعادلة واضحة، يساوي طلب البضاعة دفع مبالغ مالية، فالشركات المورّدة لم تحتفظ بمخزون من المواد الأوليّة في لبنان بسبب الحرب». ومن نتائج الانهيار المالي، غياب الاعتمادات المصرفية. بمعنى آخر، يدفع المورّدون ثمن المواد الأولية نقداً، وعلى شركات مقدّمي الخدمات دفع ثمن البضاعة نقداً أيضاً، وإلا لا تسليم ولا اتفاقات. وهنا لعبت السلف التي صرفتها كهرباء لبنان دوراً إيجابياً، إذ استخدمتها شركات مقدّمي الخدمات للضغط على المورّدين للتسليم بشكل أسرع.

إعادة تأهيل الشبكة يساوي تطويرها؟

وبعد وقف إطلاق النار، انطلقت عمليات المسح التي استمرّت 15 يوماً. بسبب ضخامة حجم العمل المطلوب، عملت «شركة مراد» وفقاً لأولوية «إعادة الكهرباء إلى كلّ المرافق التي تتغذى من خطوط الخدمات العامة، أي التي يجب ألا تنقطع عنها الكهرباء أبداً مثل المستشفيات، ومضخّات المياه» وفقاً لمدير مشروع إعادة التأهيل قاسم بزي. ثمّ بدأت فرق الصيانة العمل على إيصال الكهرباء إلى الأماكن التي تحتاج كميّة أقل من التجهيزات، أي حيث لم تتضرر الكابلات والأعمدة بشكل كبير مثل منطقة الزهراني». وفي أماكن أخرى استبدلت الشبكة النحاسية القديمة بأخرى جديدة. وفي النبطية تحديداً، تقدمت شركة «مراد» بدراسة لإقامة شبكة جديدة تحت الأرض بكاملها، ما يتيح تقليص الهدر غير التقني، أو التعليق وسرقة الكهرباء من الكابلات، ويمكن صيانتها بسهولة أكبر فضلاً عن أنها لا تتأثّر بالعوامل الطبيعية، كما ستختفي الأعمدة من الطرقات، علماً بأن كلفة المطمور، أعلى 3 مرات من الكابلات الظاهرة. أما في قرية الخيام التي تعرّضت لدمار كبير، فتمكنت الشركة من إعادة الكهرباء إلى بعض الأجزاء وزرعت الأعمدة، ومدّت الكابلات، ووضعت المحوّلات على الشبكة.

%86.1

هو معدّل إعادة التيار الكهربائي في 10 محطات تحويل في محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي

1745

هو عدد الأعمدة التي أعيد تركيبها خلال المرحلة الأولى من إعادة التأهيل لتمديد 1214 كيلومتراً من الكابلات

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram