في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها لبنان، تتصاعد حدة التنافس بين القوى السياسية حول تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. لكن هذا التنافس، بحسب مصادر مطلعة، لا يقوم على معايير الكفاءة أو الإصلاح، بل يتحرك وفق حسابات سياسية ضيقة وطموحات شخصية، مما يعكس انفصال النخبة الحاكمة عن هموم الشعب وضرورات إنقاذ البلاد.
---
السنيورة وأزعور: استمرارية النفوذ
يُشير المصدر إلى أن الرئيس فؤاد السنيورة يبذل جهودًا كبيرة لفرض اسم جهاد أزعور كمرشح رئيسي لمنصب حاكم المصرف. وراء هذا التحرك أسباب تتعلق بالحفاظ على النفوذ السياسي، حيث يخشى السنيورة من قدوم حاكم إصلاحي قد يفتح ملفات الفساد والهدر المالي التي تعود إلى فترات سابقة. بالإضافة إلى ذلك، يهدف السنيورة إلى تعزيز مكانة أزعور كأحد رجالات العهد الرئاسي الجديد، مما قد يفتح الباب أمام ترشيحه لمنصب رئاسي في المستقبل. هذه الخطوة تُظهر كيف يتم توظيف المناصب الحيوية لخدمة الأجندات الشخصية بدلًا من المصلحة العامة.
---
سلام وأبي ناصيف: محاصصة عائلية
من جهة أخرى، يُحاول الرئيس نواف سلام الدفع باتجاه تعيين فراس أبي ناصيف، شقيق زوجة نجله، لمنصب الحاكم. هذه الخطوة تثير استياءً لدى بعض التغييريين المقربين من سلام، الذين يرون فيها تناقضًا مع صورة الإصلاحي المستقل التي يسعى لترسيخها. يبدو أن سلام، رغم خطابه الإصلاحي، يقع في فخ المحاصصة العائلية، مما يضعف موقفه ويُظهر تناقضات داخلية في توجهاته.
---
ميقاتي وأبو سليمان: لعبة التوازنات
أما الأخطر في هذه المعركة، بحسب المصدر، فهو الدور الذي يلعبه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي يسعى لتسويق اسم كميل أبو سليمان كمرشح محتمل. أبو سليمان، الذي يشغل موقعًا مهمًا في الفريق المالي الخفي لميقاتي، كان له دور في قضية التخلف عن سداد الديون، مما يجعله شخصية مثيرة للجدل. يحاول ميقاتي إقناع "الثنائي الشيعي" بهذا الخيار، في محاولة لتعزيز موقعه السياسي وتأمين مظلة تحميه في أي مرحلة مقبلة. هذه المناورة تعكس استخدام المناصب المالية كأوراق تفاوضية لتحقيق مكاسب سياسية.
---
معركة نفوذ على حساب الاقتصاد
المصدر يحذّر من أن معركة تعيين الحاكم الجديد لمصرف لبنان لم تعد مجرد مسألة تقنية أو مصرفية، بل تحولت إلى صراع نفوذ بين القوى السياسية. في وقت يعاني فيه لبنان من انهيار اقتصادي غير مسبوق، تُظهر هذه المعركة أن الأولوية لدى النخبة الحاكمة هي المحاصصة والمكاسب السياسية، وليس إنقاذ البلاد من الأزمة. هذا الواقع يُعمّق من أزمة الثقة بين الشعب والسلطة، ويُظهر أن النظام السياسي غير قادر على تقديم حلول جذرية للأزمات التي يعاني منها البلد.
---
الإصلاح غائب والمصلحة الوطنية مُهمّشة
معركة حاكمية مصرف لبنان ليست مجرد صراع على منصب، بل هي انعكاس لأزمة نظام سياسي يعتمد على المحاصصة والمصالح الضيقة. في ظل غياب الإرادة السياسية للإصلاح، يبدو أن لبنان سيستمر في الغرق في أزماته، بينما تتصارع النخبة على الكراسي والمناصب. إن إنقاذ لبنان يتطلب أولوية المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية، وهو ما يبدو غائبًا في هذه المعركة السياسية المحتدمة. لقد حان الوقت لكي تتحمل النخبة الحاكمة مسؤولياتها وتضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار، قبل فوات الأوان.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :