بعد استشهاده، صار للسيد حسن نصر الله «عنوان» معروف يقصده آلاف المحبّين من دون الدخول في دوامة الإجراءات الأمنية. الشارع المؤدي إلى ثانوية الكوثر في طريق المطار، والذي كان «ميتاً» قبل أن يحييه احتضانه لجثمان السيد الشهيد، ازدحام سير يخنق المنطقة التي افتتحت فيها مضائف لخدمة الزوار، في أجواء تذكّر بتلك التي تحيط بزوار المراقد المقدسة في العراق.
في محيط الضريح الحركة لا تهدأ خلال أوقات الزيارة بين الثامنة صباحاً والعاشرة ليلاً. «يأتي الناس من مختلف المناطق والبلدان.
هناك زوار من إيران والعراق وتركيا وتونس وباكستان، إضافة إلى وفود من بعض المدارس وعائلات الشهداء»، بحسب المسؤولة الإعلامية في الهيئات النسائية في حزب الله بتول كرنيب التي لا تفارق المكان لاستقبال الزوّار والتنظيم. وتلفت إلى «حرقة كبيرة في قلوب الزوار، خصوصاً أمهات الشهداء اللواتي يستعظمن فقدان السيد أكثر من فقدان أولادهن»، مشيرة إلى أثر شهادة السيد على البعض: «إحداهن قررت ارتداء الحجاب عند المقام، وأخرى تبرعت بمحبسها لإعادة الإعمار».
قُسّم محيط الضريح إلى قسمين، للرجال والنساء، يفصل بينهما ستار أسود. بعد انتظار في طابور طويل، يمكث الزوار دقائق قليلة عند الضريح لقراءة الفاتحة أو وضع وردة او مسح الضريح بقطعة قماش تبرّكاً قبل أن يتمنى المنظّمون إفساح المجال للآخرين. تركض بترا القادمة من الهرمل إلى والدتها حاملة وردة صفراء، وتقول لها: «جبتها من جوا، كيف بدنا نحافظ عليها حتى ما تموت؟».
التأثّر يعلو الوجوه التي يكفكف أصحابها دموعهم أو يحبسونها في عيون محمرّة، ويجلسون في ساحة الضريح لتلاوة القرآن.
من بين الزوار من يتردد إلى المكان أكثر من مرة يومياً، وبعضهم يبقى في المكان لساعات، «ففي ضيافة السيد الجلسة أنيسة جداً»، تقول فاطمة، المقيمة في الولايات المتحدة منذ الصغر، بلغة عربية «مكسّرة». وتضيف: «لم أكن أعرف كثيراً عن السيد لأن الحديث في السياسة ممنوع. بعد شهادته، أتيت مع زوجي وطفلنا الحديث الولادة في رحلة استغرقت 24 ساعة للمشاركة في تشييعه». بعد التشييع «شعرتُ بشيء غريب يدفعني إلى زيارة القبر مرات عدة». الأنس والروحانية شعور يتحدث عنه معظم الزوار، «فكما في حياته كذلك بعد استشهاده، يعطينا السيد شعوراً بالأمان»، تقول إحدى الزائرات.
قسم كبير من الزوار هم من الأجانب والمغتربين الذين يغادر معظمهم قبل بدء شهر رمضان. تقول الإيرانية محبوبة كازافينيا: «أرى السيد هنا في وجوه الناس ونظراتهم ودموعهم، وأنا على يقين أنه بعد مرور سنوات سيعرف الناس أكثر من هو هذا القائد»، فيما تشير سيدة عراقية بحرقة إلى «أننا حزينون لأننا سنغادر ونترك قلوبنا هنا».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :