"الترحيل القسري للفلسطينيين من غزة: انتهاك جسيم للقانون الدولي ومسؤولية المجتمع الدولي"

 

Telegram

 

خاص "iconnews"
 
• الدكتورة رشا أبو حيدر باحثة واستاذة جامعية 
يعد ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة مسألة قانونية بالغة التعقيد، تثير العديد من الإشكالات بموجب أحكام القانون الدولي العام، ولا سيما القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فالنقل القسري للسكان يُعتبر انتهاكًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحظر صراحةً ترحيل السكان من الأراض ي المحتلة، كما يندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وفقًا لنظام روما الأساس ي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998. 
علاوة على ذلك، فإن أي إجراء يستهدف تهجير الفلسطينيين يتعارض مع حقهم في تقرير المصير، المكفول بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية ذات الصلة، مما يضع التزامات قانونية على المجتمع الدولي لمنع وقوع مثل هذه ا لانتهاكات. واالنظر إلى أن النقل القسري يندرج ضمن الجرائم الدولية، فإن  يوجب الإضاءة علي ، وفقًا لمددأ عدم الإفلات من العقاب. 
1.  حظر النقل القسري وفقًا للقانون الدولي 
يُعدّ النقل القسري للسكان جريمة بموجب عدة صكوك قانونية دولية، أبرزها: 
- اتفاقية جنيف الرابعة )1949(: 
تنص المادة 49 على أن  "يحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراض ي المحتلة إلى أراض ي دولة الاحتلال أو إلى أي أراضٍ أخرى، سواء داخلية أو خارجية، بغض النظر عن دوافع ." وهذا ينطدق على الفلسطينيين باعتدارهم "أشخاصًا محميين" في الأراض ي المحتلة. 
- نظام روما الأساس ي للمحكمة الجنائية الدولية )1998(: 
يُصنّف النقل القسري للسكان ضمن الجرائم ضد الإنسانية )المادة 7( إذا تمّ بشكل. واسع النطاق أو منهجي وج ريمة حرب )المادة 8( التي تؤدي إلى انتهاكات خطيرة للقوانين والأعراف السارية في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، حيث يُعرَّف النقل القسري بأن  "الإبعاد أو النقل للأفراد قسرًا من المنطقة التي يتواجدون فيها بشكل مشروع، دون أي مبررات قانونية معترف بها في القانون الدولي."  
2.  الحق في تقرير المصير 
• الفلسطينيون، بموجب ميثاق الأمم المتحدة )المادة 1( وقرارات الأمم المتحدة، لهم حق أصيل في تقرير المصير، بما في ذلك العيش على أراضيهم الأصلية، وأي محاولات لترحيلهم تتعارض مع هذا الحق الأساس ي. 
3. عدم جواز التهجير القسري كإجراء أمني 
• لا يمكن  لإسرائيل، حتى لو ادّعت وجود دوافع أمنية، أن تبرر الترحيل القسري للفلسطينيين وفقًا للقانون الدولي. فقد أكدت محكمة العدل الدولية في قضايا عديدة، أن الاعتدارات الأمنية لا تبرر انتهاك قواعد القانون 
الدولي الإنساني. )الرأي الاستشاري بشأن الجدار العازل في فلسطين المحتلة2004 ( : 
 
 
 
4.  قرارات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين والتهجير القسر ي 
• أصدرت الأمم المتحدة عدة قرارات تدين محاولات تهجير الفلسطينيين، مثل القرار )194) لسنة 1948 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وأي ترحيل إضافي للفلسطينيين يُفاقم الوضع القانوني القائم ويعزز انتهاك إسرائيل للالتزامات الدولية. 
5.  مسؤولية المجتمع الدولي 
• وفقًا لمبدأ المسؤولية الدولية، تتحمل الدول الأخرى والمنظمات الدولية مسؤولية منع ترحيل الفلسطينيين، حيث يُعتبر ذلك جريمة جسيمة تتطلب تدخلاً بموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص علي  في اتفاقية اللاجئين لعام 1951. 
مبدأ عدم الإعادة القسرية (Non-Refoulement) هو حجر الزاوية في حماية اللاجئين بموجب اتفاقية عام 
1951 الخاصة بوضع اللاجئين واروتوكولها لعام 1967. تنص المادة 33 )1( من الاتفاقية على أن : 
"لا يجوز لأي دولة متعاقدة أن تطرد أو تعيد("refouler")  لاجئًا بأي شكل من الأشكال إلى حدود أراضٍ تكون حياته أو حريته مهددة فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية". 
- أهمية المبدأ 
مبدأ ملزم في القانون الدولي العرفي :حتى الدول غير الموقعة على اتفاقية 1951 تعتبر ملزمة ب  بموجب الأعراف الدولية. 
يشمل الحماية من الإعادة القسرية المباشرة وغير المباشرة :أي أن الدول لا يجوز لها ترحيل اللاجئين إلى بلد ثالث إذا كان هناك خطر بأن يتم ترحيلهم لاحقًا إلى بلد يتعرضون في  للاضطهاد. 
تطبيقه في حالات النزاع المسلح :يمتد ليشمل الأشخاص الفارين من النزاعات المسلحة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. 
- الاستثناءات المحدودة 
وفقًا للمادة 33 )2(، يمكن استثناء بعض الأفراد من هذا المددأ إذا: 
1. كانوا يشكلون تهديدًا لأمن الدولة المضيفة. 
2. ارتكدوا جرائم خطيرة بشكل يشكل خطرًا على المجتمع. 
- تطبيق المبدأ على القضية الفلسطينية 
في حالة الفلسطينيين، أي محاولة لإعادتهم قسرًا من قطاع غزة أو الأراض ي المحتلة إلى دول أخرى قد تشكل انتهاكًا مباشرًا لهذا المبدأ، خصوصًا إذا تعرضوا لخطر الاضطهاد أو المعاملة اللاإنسانية. واما أن إسرائيل طرف في عدد من الاتفاقيات الدولية، فإن إجدار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم قد يُعد جريمة دولية تتطلب المساءلة، ولكن يمكن لإسرائيل ان تحمي نفسها بنص المادة 33 )2( عندما تعتبر ان من تنقلهم يشكل و ن خطرا على امن إسرائيل. 
ان ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة يخالف القانون الدولي بشكل واضح، ويمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب المعاهدات الدولية والأعراف القانونية. ويقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية منع حدوث مثل هذه الانتهاكات وضمان حقوق الفلسطينيين في الدقاء على أرضهم.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram