كان من المفترض أن يُشكل الرئيس المكلف نواف سلام حكومته في مدة أقصاها عشرة أيام من تاريخ تكليفه بعد الاستشارات النيابية، ولكن سرعان ما اصطدم الرجل بمطالب الكتل التي فرشت له الوعود على طريق التأليف قبل أن تعود وتزرعها بالالغام والعُقد.
تفاؤل سلام ارتبط في البداية بالزخم الخارجي الذي واكب انتخاب الرئيس جوزاف عون ولاحقا تكليفه بعد اسقاط صفقة الثنائي-ميقاتي، فظن الرجل أن الكتل النيابية استيقظت فجأة وقررت طلاق المرحلة الماضية والترفع عن المطالب الضيقة التي تُعرقل مسيرة الاصلاح الموعودة.. هذه الكتل هي نفسها التي سمَّت من قبل رؤساء حكومات ووعدتهم بالتعاون ولكنها سرعان ما انقلبت عليهم لأنها فشلت بالحصول على الحقائب التي تريد، واليوم تُعيد استنساخ تجربتها مع حكومة العهد الاولى. هذا التأخير والارباك بين المعنيين بالتشكيل دفع بالدول الراعية للاتفاق وعلى رأسها واشنطن والرياض اضافة الى الدول الاخرى المنخرطة ضمن الخماسية، الى "هز العصا" والتلويح مجددا بتداعيات التأخير. وقد أكدت هذه الدول للرئيس المكلف أن الانتظار لم يعد يجدي نفعا والمطلوب منه المبادرة نحو تشكيلة حكومية تُحاكي الواقع الجديد للبلاد والتصرف على أساس الزخم الدولي الموجود، من دون الالتفاف الى الوراء. وأكدت واشنطن أن الامور لم تعد كما كانت من قبل وتحديدا في العلاقة مع الثنائي حزب الله-حركة أمل، وتتطلب من الرئيس سلام المبادرة على الفور بإعلان التشكيلة لأنه يفرمل بتأخره انطلاقة العهد. الرياض دخلت بدورها على الخط وأوفدت يزيد بن فرحان من أجل الاسراع في التأليف عبر التواصل المباشر مع الكتل النيابية المعرقلة وتحديدا تلك التي للرياض "مونة عليها"، حيث يتردد أن المسؤول السعودي سيكون حاسما مع الكتل التي تدور في فلك المملكة ويضغط عليها من أجل تسهيل الطريق أمام الرئيس المكلف للخروج بتشكيلة تُحاكي ما يطلبه اللبنانيون.
وترفض واشنطن والرياض اعطاء وزارة المال للثنائي مع التشديد على أن تكون التشكيلة بوجوه جديدة من بيئات الاحزاب التي سمَّت سلام، مع الاخذ في عين الاعتبار حجم تلك الكتل وتمثيلها الشعبي. ولكن يقرأ البعض تباينا في المواقف داخل الخماسية، حيث يشدد السفير المصري على ضرورة أن تتمثل جميع الاطراف الموجودة في مجلس النواب في الحكومة لأن "فكرة الاقصاء غير صحية وستؤدي الى مشاكل وتعقيدات على أن تكون التشكلية على أسس واضحة وسليمة لا غلبة لطرف على آخر".. وقد فسر المعنيون كلام موسى على أنه تعويم للثنائي وإلحاح مصري على إشراكه بالحكومة في حين ترفض واشنطن والسعودية هذا الرأي، وهو ما دفع بالرياض الى ارسال مبعوثها الى بيروت للحديث مع الثنائي الشيعي وفتح حوار جدي معهم للتوصل الى تفاهم على صيغة تُرضي الجميع وتحرر سلام من مطالب كل الاطراف من دون استثناء وتعطيه حرية اختيار تشكيلته الحكومية وفق معايير خطاب القسم وكلمته بعد التكليف.
نسخ الرابط :