لماذا يصر الثنائي الشيعي على حقيبة المالية في الحكومة اللبنانية

لماذا يصر الثنائي الشيعي على حقيبة المالية في الحكومة اللبنانية

 

Telegram

 

بعد توافقات سريعة على انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس للحكومة، دخل لبنان مجددا في متاهة خلافات توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة العتيدة المرتقبة التي يتجاذبها معسكران: الأول هو الثنائي الشيعي (حزب الله حركة أمل) الذي يتمسك بهذه الوزارة نظرا إلى أهميتها والثاني هو الفريق الداعم لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وللرئيس المكلف نواف سلام الذي يرفض إعطاء هذه الوزارة للثنائي الشيعي حتى لا يتم استنساخ حكومات سابقة.

ويثير إصرار الثنائي الشيعي على التمسك بحقيبة المالية تساؤلات حول دوافعه، وما إذا كان الأمر يتجاوز الدور التنفيذي الذي تضطلع به الوزارة، ليشكل جزءا من إستراتيجية أوسع تهدف إلى حماية مصالح سياسية ومالية، وضمان التحكم في الملفات الحساسة داخل الدولة اللبنانية.

ويصر رئيس حركة أمل نبيه بري على أن تكون وزارة المالية من حصته، فيما الرئيسان عون وسلام لا يمانعان في إسناد هذه الحقيبة للطائفة الشيعية وليس للثنائي خوفا من تحكّم فريق الثنائي بأعمال الإدارات وهو ما كان محل شكوى في الحكومات السابقة. وقال بري إن “حصولي على حقيبة المال ليس تكريسا للمثالثة ولا للمرابعة. وقد بُتَّتْ في الطائف ولم تناقش فحسب، ولذا أتمسّك بها.”

وبحسب الدستور اللبناني، توزع المناصب العليا في الدولة على أساس طائفي، بحيث يتولى المسيحيون رئاسة الجمهورية، فيما يحصل السنة على رئاسة الحكومة، ويؤول منصب رئيس مجلس النواب إلى الطائفة الشيعية، لكن لا توجد أيّ إشارة على أن تكون حقيبة المالية من نصيب هذا المكون.

ويرى متابعون أن احتكار الثنائي الشيعي وبخاصة حركة أمل لحقيبة المالية، خلال السنوات الماضية، هو بدعة دستورية، هدفها المشاركة في توقيع القوانين والمراسيم ذات الصلة، إلى جانب كل من رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة والوزير المختص.

ويشير المتابعون إلى أن الحديث عن أنه تم الاتفاق في الطائف على أن تكون وزارة المالية من نصيب الشيعة، لا سند له، والدليل أن الحقيبة لم تكن من نصيب هذا المكون في الحكومة التي أعقبت الاتفاق.

ويوضح المتابعون أنه خلال تسعينات القرن الماضي وحتى العام 2014 ظلت الحقيبة في معظم الوقت بيد الطائفة السنية، لكن الوضع اختلف منذ العام 2014، حيث نجح الثنائي في احتكار الوزارة، بدعم حينها من التيار الوطني الحر، وهو ما ليس متوفرا اليوم بعد انهيار اتفاق مار مخايل.

وقال النائب والوزير السابق بطرس حرب الذي شارك شخصيا في مداولات الطائف “أود أن أؤكد أن وثيقة الوفاق الوطني، التي أقرّها النوّاب في الطائف، تضمنت كل ما تم الاتفاق عليه من مواد ومواضيع، وأن كل ما يُزعم أنه قد تم بتّه ولم يرد فيها غير صحيح لأنه لم يحصل اتفاق حوله.”

وأضاف “هذا مع إقراري بأن مواضيع عديدة قد طرحت أثناء مناقشة التعديلات الدستورية، ومنها إيلاء الطائفة الشيعية وزارة المال مثلا، ولم يتم إقرارها لأنه لم يحصل اتفاق حولها. ما يعني أن إيلاء حقيبة وزارة المالية إلى الطائفة الشيعية لم يُبت إيجابيا، كما نُسب إلى الرئيس بري قوله، بل على العكس من ذلك، قد بُتّ سلبيا لأن المؤتمرين لم يوافقوا عليه، كما لم تحدد طائفة أيّ وزارة من الوزارات تثبيتا لمبدأ المداورة عليها، بحيث لا تكون أيّ وزارة حكرا على طائفة معينة، كما ليس من وزارة محظورة على طائفة ما.”

وتعرضت وزارة المالية منذ أن سيطر عليها الثنائي الشيعي منذ سنة 2014 لاتهامات داخلية ودولية بسبب توظيفها لخدمة أجندات خاصة على حساب المصلحة العامة. وتساءل رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية ريشار قيومجيان في تصريح له “لماذا يتمسك ما يسمى الثنائي الشيعي الحزبي بوزارة المال؟” وقال “لسبب بسيط جدا، إمكانية تحكم وابتزاز وتعطيل وعرقلة عمل الحكومة والوزارات، كيف؟ فالوزير يحدد أولويات الصرف متى؟ ولمن؟ وبأي عملة.”

ولفت إلى أنه “يعطل التعيينات والتشكيلات القضائية والأمنية والإدارية، بعدم إمضاء المراسيم، يعرقل التحقيق الجنائي بملفات الفساد، يتدخل في موازنة بقية الوزارات، يقترح تعيين حاكم مصرف لبنان، وله الكلمة الفصل في خطة التعافي المالي.” وسأل أيضا “لأيّ أهداف؟ أوهام سيطرة ونفوذ حزبي، تتجلى زورا باسم الطائفة وموقعها في السلطة والنظام، والذي يضمنه أصلا الدستور والميثاق.”

ويرى مراقبون أنه من غير المرجح أن يتراجع الثنائي الشيعي عن موقفه، فيما تتمسك الأطراف الأخرى لاسيما حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بالمداورة، الأمر الذي يعقّد مهمة رئيس الوزراء المكلف، ويبدد التفاؤل الذي طغى في إعقاب انتخاب رئيس للجمهورية وما استتبعه من تكليف لنواف سلام.

ويواجه سلام بذلك خيارين أحلاهما مرّ، حيث أن التجاوب مع مطالب الثنائي الشيعي قد يتيح له تشكيل الحكومة ونيل ثقة البرلمان، لكنه قد يؤدي إلى امتعاض سعودي وخليجي ينعكس سلبا على الدعم الخارجي للبنان.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram