أثار تعليق الرئيس الأميركي دونالد ترامب المساعدات الخارجية التي تقدمها بلاده مدة تسعين يوما بهدف التقييم مخاوف كثيرة لدى فئات عربية مرتبطة بمِنح الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، لاسيما في مجال التعليم والمواد الغذائية والمياه والمأوى والرعاية الصحية والبيئة، وتحصل عليها دول مثل مصر والأردن.
ومن المتوقع أن يزيد القرار الأعباء على كواهل شرائح عديدة في المنطقة العربية المتأثرة اقتصاديا، خاصة مع توقع خفض كبير لتلك المساعدات التي تتم عادة عن طريق جمعيات مستقلة أو وفق برامج مشتركة مع الحكومات، بالإضافة إلى المساعدات المباشرة التي توجه إلى الدول علنا.
وفي الأردن أبلغت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الجهات التي تتعامل معها بأنها أوقفت التمويل حاليا إلى حين مراجعة كل تمويل جديد أو تمديده والموافقة عليه بما يتماشى مع أجندة الرئيس ترامب.
ويوقع العاملون في هذه المشاريع عقودهم مباشرة مع الوكالة الأميركية وهي المسؤولة عن دفع رواتبهم الشهرية، وتنتهي أعمالهم بانتهاء المشاريع أو قرار تجميد تمويل هذه المشاريع.
القرار يتأثر به الآلاف من الطلاب والمستفيدين في مصر، كما يؤثر سلبا على مشاريع حيوية في القرى والمحافظات
وكشفت وسائل إعلام عراقية الاثنين أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أوقفت جميع مشاريعها ومساعداتها المقدمة إلى العراق، بما في ذلك “منظمات مدنية وحكومية”، وذلك تطبيقا لقرار الوقف الفوري للمساعدات الخارجية الذي اتخذته الولايات المتحدة.
وعلى مدار الاثنين والثلاثاء نقلت وسائل إعلام مصرية شكاوى طلاب مصريين مستفيدين من منح الوكالة الأميركية، وسط تصدّر مقاطع متلفزة ومنشورات في منصات التواصل تعرب عن تضررهم من تجميد المنح، وذلك تحت وسميْ (هاشتاغي): #أنقذوا_مستقبلنا، و#أزمة_طلاب_المنحة.
وقال مستفيدون إن إدارة الوكالة من واشنطن أرسلت بريدا إلكترونيا فوريا يقضي بتعليق كافة المنح لدول من بينها مصر وذلك لمدة 90 يوما، وإنه على الطلاب تحمل نفقات المنح في المؤسسات التعليمية، أو العودة إلى فرصهم الدراسية الحكومية قبل المنح. وعلى منصة فيسبوك عبّر متضررون بعبارات متشابهة عن مخاوفهم من القرار.
وأشاروا إلى أن القرار يتأثر به الآلاف من الطلاب والموظفين والمستفيدين في مصر، مضيفين أنه “يضع مستقبلهم على المحك، ويمسّ بحياتهم التعليمية ومشاريع حيوية في القرى والمحافظات وبمصدر رزق موظفين يعملون في تلك البرامج.”
وقال أستاذ العلوم السياسية المصري المتخصص في الشؤون الأميركية سعيد صادق للأناضول إن “تعطل المنح يشمل مختلف الدول في العالم التي تقدم لها واشنطن مساعدات، وليس مقتصرا على دول عربية فقط.”
ولفت صادق إلى أن “تجميد المساعدات بعد الـ90 يوما قد يكون دائما لدول أو جزئيا لأخرى، في ضوء مساعي الرئيس الأميركي لتقليل النفقات والاقتصار على تنفيذ شعاره: أميركا أولا.”
وأشار صادق إلى أن القرار الذي صاحبته تفاعلات ومخاوف يمكن أن “يعطل الكثيرين لاسيما أصحاب المنح التعليمية الذين ليس أمامهم سوى الرجوع إلى جامعتهم واستكمال تعليمهم الحكومي أو دفع أموال لاستكمال المنح التي بدأوها،” لافتا إلى أن “هذا يشكل أعباء كثيرة على المنطقة العربية المتأثرة اقتصاديا.”
ورغم أن واشنطن تطرح مساعدات لدعم نفوذها، إلا أن القرار، بحسب صادق، سيؤثر على ذلك ويجعل المنطقة تواجه أزمات طيلة السنوات الأربع المقبلة خلال ولاية ترامب.
وتوقع الخبير في الشؤون الأميركية أن “تتجه إدارة ترامب إلى تخفيض المساعدات بشكل كبير بعد التسعين يوما، وبالتالي سنسمع عن أضرار أكبر لدى شرائح كثيرة عربيا وعالميا ممن كانوا يستفيدون من تلك المنح.”
تعطل المنح يشمل مختلف الدول في العالم التي تقدم لها واشنطن مساعدات، وليس مقتصرا على دول عربية فقط
وتوجد مساعدات موجهة إلى الجمعيات المدنية وتعنى بالتدريب على الديمقراطية وتطوير أوضاع النساء وهي مساعدات تلقى معارضة من الحكومات التي ترى فيها مدخلا للتدخلات الخارجية، لكنها في النهاية تشغل الكثير من الشباب ووقفها -ولو بشكل مؤقت- يزيد من إرباك عملها ويعرضها لضغوط حكومية.
وبعد ساعات من توليه منصبه أمر ترامب بوقف المساعدات الخارجية لمدة 90 يوما لمراجعة ما إذا كانت تتماشى مع أولويات سياسته الخارجية.
وأصدرت وزارة الخارجية الجمعة أمرا بوقف العمل بالمساعدات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المساعدات القائمة.
وأوضحت مذكرة ثانية السبت لموظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن وقف الإنفاق على المساعدات الخارجية يعني “توقفا كاملا”. وتم استثناء المساعدات الغذائية الإنسانية الطارئة.
وتدير هذه المساعدات بشكل رئيسي جهات عديدة، أبرزها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وسبق أن خفضت إدارة ترامب الأولى (2018 – 2021) إنفاق المساعدات الخارجية، وعلقت المدفوعات لمختلف وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك صندوق الأمم المتحدة للسكان، إضافة إلى التمويل الموجّه إلى السلطة الفلسطينية.
وتساعد البرامج الممولة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ملايين الأشخاص في مختلف أنحاء العالم على مكافحة فايروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز وتوفر الدعم في شتى المجالات، مثل توفير المياه النظيفة والبنية الأساسية للرعاية الصحية وصحة الأطفال. والاثنين دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش واشنطن إلى النظر في مسألة منح إعفاءات إضافية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :