هل يجب الركون الى التشاؤم، ام الاستمرار في التفاؤل؟ انه السؤال الاهم في لبنان بعد جرعة الامل التي اعطيت للبنانيين منذ اتفاق وقف الاعمال القتالية والذي تم تمديده الى 18 شباط المقبل، وتلاها انتخاب رئيس للجمهورية بعد نحو سنتين ونصف من الفراغ الرئاسي، وتسمية وجه جديد لتشكيل الحكومة من خارج نوادي السياسيين والحزبيين. ولكن، يبدو ان الامور التغييرية انتهت عند هذا الحد، اقلّه في السياسة. ومع احترامنا وتقديرنا لرئيس الحكومة المكلف نواف سلام وما قاله من انه هو من يشكل الحكومة (علماً انه لا يمكن تشكيلها من دون موافقة رئيس الجمهورية وتأييد غالبية النواب كي لا تحجب عنها الثقة لاحقاً)، ومع عدم الاخذ في ما يقال هنا وهناك حول الاسماء والحقائب، الا ان لبنان بلد صغير، ولا يمكن اغفال حقيقة ان اسراره لا تدوم طويلاً، وما يقال اليوم سيعرف غداً او بحد اقصى خلال ايام قليلة.
من هذا المنطلق، فإن ما تنقله مصادر عليمة ومتابعة عن كثب لملف التأليف، تجزم بأن الاسماء التي يتم تداولها بعد الغربلة، جيدة وتوحي بالثقة، ولكنها لا محال، تتبع المحاصصة وترضي الجميع، اي ان عقلية التأليف لا تزال على قدمها، ولم ينجح رئيس الحكومة المكلف، في تنفيذ ما قاله بالعلن، وكان عليه ان يدرك مسبقاً الا "يكبّر الحجر" كثيراً، فلبنان خاضع لسياسة التوافق، وفي بعض الاحيان، يكون التوافق في مصلحة شريحة اكثر من أخرى، انما لا يمكن اغفال ايّ مكوّن عن الحكومة والا كان مصيرها... الفشل.
تضيف المصادر نفسها انّ الوزراء الجدد من خارج الاصطفافات السياسية والحزبية، ويتمتعون بهامش حرية لا بأس به، ولكنهم لا يستطيعون الانتفاضة على طوائفهم ومعارفهم الحزبيين، لان بالتالي كل اسم تم تزكيته من قبل طرف، والا ما كان ليصل الى التشكيلة المرتقبة.
من هذا المنطلق، ترى المصادر ان التفاؤل بتغيير العقلية لا يزال في غير مكانه، ولكنها تدعو الى عدم التشاؤم من امكان حصول تغييرات عملية وميدانية على الوضع الحالي الذي يعيشه اللبنانيون، والذي من المتوقع ان يشهد تحسناً في وقت قريب، ولن يكون كالذي ينتظره الجميع بهذه السرعة، ولكنه سيكون خطوة مهمة على هذا المسار، ويمكن البناء عليه للاستمرار في الآتي من الايام بالوتيرة نفسها. ويمكن التعويل في هذا المجال على الخارج الذي واكب كل ما حصل في لبنان، لا بل كان له الدور الحاسم في ما وصلت اليه الامور حالياً، وسيبدأ في الانفتاح شيئاً فشيئاً على الواقع اللبناني، ضمن سياسة المراعاة والاحتضان، انما بشروط معروفة لا تقتصر فقط على الرغبة في اجراء الاصلاحات اللازمة، انما ايضاً في تلبية رغبات ومصالح هذه الدول، وهو امر اساسي لا يجب التغاضي عنه.
الحكومة باتت قريبة، واسماء الوزراء باتت متداولة بشكل جدي، ولو على نطاق ضيّق، وهي من المتوقع ان تبصر النور قريباً بعد تذليل العقبات من كل الاطراف (وفق الصيغة التي كانت متّبعة سابقاً بطبيعة الحال)، ومن المتوقع ان تنطلق بزخم، على عكس الحكومات السابقة في السنوات الماضية، فيما ستبقى الانظار متجهة الى الجنوب حكماً، والتطورات السورية بشكل اساسي، والداخل الاسرائيلي طبعاً ومدى تنامي التيارات المتشددة وسطوتها على القرار السياسي، وتداعيات دعوة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى تحجيم الدولة الفلسطينية قدر الامكان وتقسيم الفلسطينيين على الدول المجاورة...
وتلفت المصادر الى انّ قرار رجل الاعمال خلف الحبتور الاخير، وان كان يصنّف ضمن خانة السلبيات، الا انه لن يحجب الايجابيّات التي ستظهر (ولو بشكل تدريجي وصغير) خلال الفترة المقبلة، والتي ستكون حجر اساس لبناء ايجابيّات اكبر، ما لم تحصل مفاجآت اقليميّة ودوليّة تنعكس، كما دائماً، على لبنان.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :