نواف سلام وفرصة العبور من الحرب إلى الإعمار

نواف سلام وفرصة العبور من الحرب إلى الإعمار

 

Telegram

 

أكثر من فرصة للبنان واللبنانيين يوفرها نواف سلام. فهو من الفرص التي لا تجدر إضاعتها، بعد خسارة الكثير من قبل. من جملة ما ربحته إسرائيل على مستوى المنطقة وفي حروبها المتناسلة، هو خروج نواف سلام من على رأس محكمة العدل الدولية وهو الذي أصدر حكماً واضحاً يدين تل أبيب في ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة. عاد سلام إلى لبنان رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة في العهد الجديد، وسط تحديات كثيرة تعصف بالبلاد، أهمها الخروج من حالة الحرب الإسرائيلية والسعي إلى إعادة الإعمار، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي ترفض تل أبيب تطبيقه، وتصرّ على مواصلة الخروقات والاعتداءات وعلى البقاء في الجنوب بدلاً من الانسحاب في المهلة المحددة. تحدّي تشكيل الحكومة وبدء العمل لا يقلّ أهمية عن تحدي إخراج الإسرائيليين من الأراضي اللبنانية. 

فرصة لاكتمال عقد الدولة
قبل أيام أصدر حزب الله بياناً واضحاً دعا فيه الدولة اللبنانية لتحمّل مسؤولياتها في تطبيق الاتفاق. هي دعوة علنية من قبل الحزب لأن تلعب الدولة دورها المفترض، وذلك يحتاج إلى إتاحة الفرصة أمام إعادة تشكيل السلطة لاكتمال عقد الدولة في حكومة أصيلة تبدأ العمل الفعلي مع الجيش ومع الجهات المعنية داخل لبنان وخارجه في سبيل تحقيق ذلك. لذا لا بد لدعوة الحزب أن تتطابق مع الأفعال للإسراع في تشكيل الحكومة. ولرفع كل العقبات والعراقيل التي قد تعترض طريق الرئيس المكلف سواء من قبل حزب الله وحلفائه من جهة، أو من قبل خصوم الحزب من جهة أخرى. لا سيما أن مهمة نواف سلام بالتعاون مع رئيس الجمهورية، هي العمل على إعادة لمّ شمل البلاد وإطلاق مشروع الإصلاح وإعادة الإعمار، وذلك لا يتحقق إلا من خلال تضافر الجهود. ما تقتضيه المسؤولية أيضاً هو عدم إضاعة فرصة نواف سلام في الزواريب الداخلية وتفاصيل الصراعات على الحصص بين الأحزاب والقوى المختلفة، ولا بالاتجاه نحو سياقات تضع الرجل أو حكومته في حالة أسر للنزاعات التي أكثر من يتمناها هي إسرائيل، في إعادة إشغال اللبنانيين بصراعات داخلية على أسس سياسية وطائفية ومذهبية، فتكون قد ربحت خروج سلام من محكمة العدل، وخسر هو ولبنان فرصة العمل الجدّي لمواجهة كل التحديات. 

الصراع المفتوح
سياسياً، يجد نواف سلام نفسه أمام مواجهة أكثر من حائط صدّ. فأولاً الصراع المفتوح بين طرفين سياسيين ينقسمان عمودياً، أي حزب الله وحلفاؤه من جهة وخصوم الحزب من جهة أخرى. ثانياً، المواجهة الدائمة مع الدولة العميقة بكل ما يجمعها من مصالح ومكتسبات فتتكور على نفسها وتجتمع ولو فوق خصوماتها للحفاظ على مراكز قواها وعدم ترك المجال أمام تشكيل سلام لحالة تغييرية فعلية تبدأ من رأس السلطة التنفيذية. ثالثاً، المواجهة مع تعقيدات إقليمية ودولية على خطوط الصراع المفتوح، خصوصاً بعد مواقف سلام الواضحة على رأس محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل وإبادتها الجماعية في غزة، ولطالما أرادت تل أبيب التخلص منه على رأس المحكمة، وهي تريد استكمال ذلك من خلال الضغط عليه بالداخل اللبناني، ولو عبر تغذية الصراع الداخلي لإضعافه وعدم إتاحة نجاح مهمته، بالاستناد إلى الانقسام العمودي بين المحورين المتقاتلين، وهو ما تريد أن تفرضه في بقاء احتلالها للجنوب.

تعثر انطلاقة العهد
كان سلام مصيباً في سعيه إلى تشكيل الحكومة قبل 26 كانون الثاني، موعد انتهاء مهلة اتفاق وقف إطلاق النار، لا سيما أن إصرار الإسرائيليين على البقاء في الجنوب، سيغير الكثير من المعطيات، وقد يتيح لحزب الله التشدد أكثر سياسياً طالما أنه غير قادر على التشدد عسكرياً والعودة إلى المواجهة، وفي حال تشدد الحزب سيستدعي تشدداً لدى الطرف المقابل، وتضيع كل الجهود وتتعثر انطلاقة العهد. إنها فرصة جدية لا يمكن إضاعتها، لا من الناحية العسكرية حول الوضع في الجنوب، ولا من الناحية السياسية حول الوضع الداخلي، القابل للانقسام مجدداً والعودة إلى الانفجار في حال تصلّب القوى على مواقفها المتناقضة بما يتيح للمشاكل أن تتفاقم ويعيق المسار الذي تأمل فيه اللبنانيون خيراً منذ انتخاب رئيس للجمهورية، ومنذ عودة الحرارة إلى الخط الدولي والديبلوماسي المفتوح باتجاه البلاد. 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram