إيران أمام خيارات صعبة مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض

إيران أمام خيارات صعبة مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض

 

Telegram

 

يرى الخبراء أن الجمهورية الإسلامية لديها قرارات صعبة يجب أن تتخذها مع تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه وانتهاء صلاحية الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية.

وتقول سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام هاوس للأبحاث ومقره لندن “أعتقد أن عام 2025 سيكون عامًا مليئًا بالمصاعب والخيارات الصعبة بالنسبة لطهران حيث يواجه النظام إدارة ترامب القادمة وتحاول الاحتماء لاحتواء تأثير نهج ترامب المتشدد.”

وكان سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف لفترة طويلة، في ديسمبر بمثابة ضربة قوية لطموحات إيران الإقليمية.

وفي عهد الأسد، كانت سوريا عضوًا في “محور المقاومة” الإيراني، وشبكتها الفضفاضة من الوكلاء والشركاء الإقليميين، وسمحت لطهران بتزويد حلفائها.

وشمل ذلك حزب الله، الجماعة المسلحة في لبنان، والتي كانت أيضًا الشريك الأكثر أهمية لإيران لعقود من الزمان.

وبعد أن كانت قوة لا يستهان بها، أصبح حزب الله الآن ضعيفا. وأدى القصف الجوي الإسرائيلي والغزو البري العام الماضي إلى تدهور القدرات العسكرية للمجموعة بشكل خطير وتدمير قيادتها العليا.

وفي الوقت نفسه، تركت حرب إسرائيل في قطاع غزة ضد حركة حماس التي صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها جماعة إرهابية ـ وهي حليف آخر لطهران ـ إيران بلا نفوذ يذكر في الجيب الفلسطيني.

وعلى الصعيد المحلي، لا تبدو الأمور أفضل حالاً. فقد فقدت العملة الوطنية أكثر من 60 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي في العام الماضي، في حين أرجأت السلطات قانوناً مثيراً للجدل لزيادة فرض الحجاب، أو غطاء الرأس الإسلامي، خوفاً من الثورة الشعبية.

ويقول حميد رضا عزيزي، وهو زميل في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن المؤسسة الدينية في إيران في “وضع حرج.”

وأضاف “ربما تكون هذه المرحلة الأكثر تحدياً في تاريخ الجمهورية الإسلامية منذ حرب 1980-1988 مع العراق ـ أو ربما أكثر حدة.”

وأكد عزيزي أنه حتى القاعدة الأساسية لدعم المؤسسة أصبحت الآن “تشكك في صحة” السياسات الداخلية والخارجية للبلاد.

وما يزيد الطين بلة هو أن عام 2025 قد يكون عام الحسم بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني، حيث من المقرر أن ينتهي العمل بالاتفاق النووي لعام 2015 في أكتوبر القادم، ويشعر الغرب بعدم الصبر إزاء الافتقار إلى التقدم في الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق.

وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل ثلاث أسابيع من أن البرنامج النووي لطهران يقترب من “نقطة اللاعودة” في تعليقات وصفتها إيران فيما بعد بأنها “مخادعة.”

ووفقا لأليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، فإن إيران تواجه عواقب سنوات من الاستثمارات الرديئة على المستويين المحلي والدولي، والتي أوصلتها إلى “منعطف” حرج.

التوصل إلى اتفاق نووي جديد يستجيب للشروط الأميركية قد لا يكون كافياً لإنقاذ المؤسسة الدينية

وقال فاتانكا “تحتاج إيران إلى العلاج بالصدمة… إنها بحاجة إلى هزة في الصميم حتى تتمكن ربما من إنقاذ هذا النظام.”

ويقول المحللون إن طهران بحاجة إلى إجراء تغييرات سياسية كبرى واتخاذ قرارات صعبة، مثل التعامل مع إدارة ترامب، لمنع المزيد من التدهور.

وخلال فترة ولاية ترامب الأولى من 2017 إلى 2021، واصلت إدارته حملة “الضغط الأقصى” على إيران والتي تضمنت فرض عقوبات معوقة ضد طهران.

وقال عزيزي “يبدو أن هناك إجماعًا متزايدًا بين الدوائر السياسية في طهران على أنه، نظرًا للتعقيدات على الجبهتين الداخلية والخارجية، فإن التوصل إلى اتفاق هو المسار الأكثر براغماتية للعمل.”

ويرى فاتانكا أنه في حين “ينبغي للعالم أن يرحب” بمثل هذا الاتفاق، فقد لا يكون كافياً لإنقاذ المؤسسة الدينية.

وأضاف “لا يوجد شيء يمكن لترامب أو أي شخص آخر فعله للمشكلة الصعبة التي يواجهها النظام في إيران، وهي أنه فقد شعبه،” في إشارة إلى السخط العام المتزايد في البلاد في السنوات الأخيرة.

وتتصاعد التكهنات حول سياسة دونالد ترامب تجاه طهران مع استمرار القلق بشأن البرنامج النووي الإيراني. فما الخيارات التي يملكها الرئيس الأميركي الجديد لمواجهة ذلك التهديد؟

ويرى محللون أن إدارة ترامب تواجه خيارات محدودة، وعليها اتخاذ أحد حلول ثلاثة، لمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية.

الخيار الأخير يبقى تنفيذ ضربات جوية استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية وهو خيار لم يُستبعد تماماً من الخيارات

ولا يزال هناك في الأوساط السياسية بواشنطن من يدعم فكرة التفاوض للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران. ومع ذلك، فإن دور دونالد ترامب في اغتيال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، يجعل احتمالية إجراء مفاوضات بين النظام الإيراني والولايات المتحدة ضعيفة.

ويشير المحللون إلى تصريحات المرشد علي خامنئي، بشأن ضرورة الانتقام من المسؤولين عن اغتيال سليماني، مؤكداً أن تصاعد المشاعر المعادية لأميركا داخل إيران يقلل من فرص عودة طهران إلى طاولة المفاوضات.

وقد أعلنت إيران مراراً بشكل علني عن نيتها استهداف مسؤولين من إدارة ترامب الأولى لدورهم في اغتيال سليماني. وفي 1 يناير 2022، تزامناً مع الذكرى الثانية لمقتل سليماني، قال خامنئي في لقاء مع عائلة سليماني إن ترامب ومن شاركوا في اغتيال القائد السابق لفيلق القدس “سيدفعون ثمن فعلتهم”، مضيفاً أنهم “سينتهون في مزبلة التاريخ.”

ومع بدء ولاية ترامب رسمياً، أعرب مسؤولون في الحكومة الإيرانية عن استعدادهم لاستئناف المفاوضات النووية. وفي 15 يناير أعلن مسعود بزشكيان، رئيس الحكومة في إيران، خلال مقابلة مع شبكة “إن بي سي” الأميركية، أن طهران مستعدة لإجراء “مفاوضات شريفة وعلى قدم المساواة.”

وقد أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أيضاً في 4 يناير خلال مقابلة مع شبكة “سي سي تي في” الصينية، أن طهران جاهزة لإجراء مفاوضات “بناءة ودون تأخير” بشأن برنامجها النووي، مشيراً إلى أن الهدف من المحادثات المقبلة يجب أن يكون “التوصل إلى اتفاق.”

وعلى الجانب الآخر، هاجمت صحيفة “كيهان”، التي تخضع لإشراف ممثل علي خامنئي، في 16 يناير تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين ووصفت ما اعتبرته “التماساً للتفاوض” بأنه “تصرف جنوني وغير شريف وغير مبدئي.” وأضافت الصحيفة أنه رغم سياسة الضغط الأقصى لترامب وقراره باغتيال سليماني، فإن “بعض الدوائر المحسوبة على الحكومة تدعو للتفاوض مع ترامب.”

وأما الحل الثاني فيتمثل في مواصلة سياسة “الضغط الأقصى” التي انتهجها ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، إلا أن خبراء يشيرون إلى أن استمرار هذه السياسة في ولايته الثانية قد يعقّد محاولات التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران.

وسعت إيران مراراً خلال السنوات الأخيرة إلى استغلال العقوبات الدولية لتحفيز الرأي العام الإيراني على معارضة الغرب ودعم سياسات الحكومة. ومع ذلك، فإن عودة سياسة الضغط الأقصى وتشديد العقوبات الدولية لن تؤدي بالضرورة إلى تراجع طهران، حيث أظهر برنامجها النووي “مقاومة ملحوظة” خلال هذه الفترة.

وخلال الأشهر الأخيرة، أعلن عدد من المسؤولين الإيرانيين عن احتمال تغيير “العقيدة النووية” لطهران. وفي 2 نوفمبر قال كمال خرازي، رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية ومستشار خامنئي، إنه إذا واجهت طهران “تهديداً وجودياً”، فقد تضطر إلى تغيير عقيدتها النووية. وأضاف أن إيران تمتلك “القدرة اللازمة” لصنع سلاح نووي ولا تواجه “أي مشكلة” في هذا الشأن. كما صرّح أحمد نادري، عضو هيئة رئاسة البرلمان، في 17 نوفمبر بضرورة “تغيير العقيدة النووية” للحكومة الإيرانية، مشيراً إلى أن طهران يجب أن تتجه نحو اختبار قنبلة نووية.

ويبقى الخيار الأخير تنفيذ ضربات جوية استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية وهو خيار لم يُستبعد تماماً من الخيارات.

ومثل هذا الإجراء قد يشير إلى تحول عن السياسة التقليدية للولايات المتحدة في احتواء طهران عبر الضغوط الاقتصادية. وفي 13 ديسمبر صرح ترامب في مقابلة مع مجلة “تايم” أنه لا يستبعد احتمال شن هجوم عسكري على إيران، قائلاً: “كل شيء ممكن.”

ومن جهتها، أعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية في ديسمبر أن ضعف وكلاء إيران في الشرق الأوسط وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا قد يوفرا فرصة سانحة للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية.

وأثرت العقوبات بشدة على الاقتصاد الإيراني، ما يضع طهران أمام خيارين: إما التوجه نحو روسيا والصين أو العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram