الضوء الأخضر السعودي يقلب المعادلات

الضوء الأخضر السعودي يقلب المعادلات

 

Telegram

 

وفق كل المقاييس والأرقام، يتبيّن أن السعودية تشكّل الثقل الأكبر الذي يمكن الاعتماد عليه في عملية التعافي والنهوض الاقتصادي في لبنان. وبعد مرحلة من القطيعة شبه التامة، تعود الحرارة لتدبّ في علاقات البلدين اللذين تربطهما حقبة تاريخية حافلة بالإيجابيات، إذا استثنينا السنوات العجاف الأخيرة. فهل حان وقت العودة؟ وهل بات البدء بتطبيق الاتفاقيات الـ 22 هو الممر الاولي لهذه العودة؟

 لطالما لعبت المملكة العربية السعودية عبر تاريخ علاقتها بلبنان الممتدّة لأكثر من 80 عاماً، دوراً أساسياً على الصعيد السياسي والمالي والاقتصادي من أجل مسح آثار الحروب وإعادة بناء ما تهدّم.

منذ استقلال لبنان في العام 1943 مروراً بالحرب الأهلية فالاجتياح الاسرائيلي في الثمانينات، وصولاً إلى اتفاق الطائف، إلى أن تعاظمت إسهامات المملكة في لبنان في الفترة من 1989 إلى 2005 بشكل كبير. وفي العام 2010، شكّلت استثمارات السعودية في لبنان 40 في المئة من الاستثمارات العربية، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالى 720 مليون دولار، إلى أن وقعت أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من السعودية في 2017 حيث بدأت العلاقة السياسية بين لبنان والسعودية تشهد فتوراً، على خلفية تعاظم دور "حزب الله"، الذي تعتبره الرياض منظمة "إرهابية" تنفذ سياسة إيران، خصمها الإقليمي الأبرز.

وقد أعلنت السعودية حظر سفر رعاياها إلى لبنان، لتعلّق في العام 2021 الاستيراد من لبنان على خلفية أزمة تهريب الكبتاغون، لتنفجر العلاقات بين البلدين بتصريح الوزير جورج قرداحي الذي أشعل فتيل أزمة مستمرّة منذ ذلك الحين، على أمل بدء الحلحلة اليوم مع انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة بدعم عربي وسعودي.

منذ العام 2016، أوفدت المملكة السعودية بعثة من أهل الاختصاص إلى لبنان تحضيراً لاجتماع اللجنة اللبنانية - السعودية المشتركة في الرياض وعلى جدول أعمالها التوقيع على 22 اتفاقية "لا يراد منها إنقاذ لبنان فحسب، وإنما وضعه على سكة الدول المتطوّرة"، وفقاً للقائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري آنذاك، لكن تصاعد التوتر في العلاقة بين البلدين منذ العام 2017 حال لغاية اليوم دون التوقيع على تلك الاتفاقيات وتنفيذها.

فهل يُطلق سراح تلك الاتفاقيات الجاهزة للتوقيع مع تشكيل الحكومة الجديدة؟ وما هي عناوين الاتفاقيات الـ 22 التي سيتم توقيعها؟ وما مدى تأثيرها على الانتعاش الاقتصادي والمالي في لبنان؟

تشمل الاتفاقيات التي تمّ تحضيرها مسبقاً وتجهيز الأرضية اللازمة لها منذ عام بين البخاري ومدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر، العديد من القطاعات وهي:

- اتفاقية للتعاون التجاري بين لبنان والسعودية.

- اتفاقية تفاهم للتعاون في مجال المعارض. 

- اتفاقية تعاون في مجال الملكية الفكرية.

- اتفاقية تعاون في مجال حماية المستهلك.

- اتفاقية تعاون في مجال الحبوب.

- اتفاقية تعاون في مجال البيئة والزراعة والمياه. 

- اتفاقية تعاون مع وزارة الإعلام.

- اتفاقية تعاون في مجال التربية والتعليم العالي.

- اتفاقية تعاون في المجال الثقافي مرتبط بدار الفتوى.

- اتفاقية تعاون في مجال الإسكان.

- اتفاقية تعاون في مجال الاستثمار في مجال النقل البحري.

- اتفاقية للاعتراف المتبادل بشهادات الأهلية مرتبطة بموضوع الصادرات. 

- اتفاقية تعاون في مجال نقل الركاب والبضائع عبر الحدود البرية. 

- اتفاقية تعاون في مجال الدفاع المدني.

- اتفاقية تعاون في المجال القضائي.

- اتفاقية تعاون بين مصرف لبنان ومؤسسة النقد العربي السعودي.

 اتفاقية لتعزيز التعاون الفني في مجال المواصفات والمختبرات وأنظمة الجودة. 

- اتفاقية تعاون جمركي.

- اتفاقية تعاون على صعيد الدفاع العسكري. 

- اتفاقية تعاون لمكافحة الإرهاب.

- اتفاقية تعاون لتفادي الازدواج الضريبي ومنه التهرب الضريبي. 

- اتفاقية تعاون بين المديرية العامة للطيران المدني في لبنان والسعودية.

وفي هذا السياق، أثنى أبو حيدر على التعاون الجبّار مع سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان ومع الملحق التجاري، وخصوصاً مع السفير البخاري "الذي أبدى تصميماً وحرصاً كبيراً على تحضير أرضية تلك الاتفاقيات مسبقاً لتكون جاهزة عندما يحين توقيعها".

وفيما أكد أبو حيدر أن المملكة السعودية لطالما كانت تقف إلى جانب لبنان،  قال لـ "نداء الوطن": "إننا نطمح دائماً إلى أن تستعيد العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين زخمها"، مشيراً إلى أنه تمّ تحضير مسودة تلك الاتفاقيات على أمل أن تسلك طريقها إلى التوقيع والتنفيذ قريباً، مشيداً بمردودها الإيجابي على لبنان، أوّلاً لناحية زيادة الاستثمارات الخارجية كونها ستعطي جرعة ثقة كبيرة، ثانياً لناحية تحفيز النمو، ثالثاً لناحية خلق فرص عمل وتراجع نسبة البطالة، رابعاً لتحسين القدرة الشرائية لدى المواطنين، خامساً، لخلق أسواق تجارية متقدمة للبنان الذي يملك فرصة رفع حجم صادراته بعد استعادة السوق السعودية التي ستفتح له أبواب أسواق عديدة أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي. 

وأكد أبو حيدر أن زيادة الصادرات تعني ضخّ العملات الصعبة في البلاد مجدّداً، وبالتالي إعادة إحياء القطاع المصرفي والثقة به من خلال اتفاقية التعاون بين البنك المركزي ومؤسسة النقد السعودي، مشدداً على أهمية عودة السياح السعوديين والخليجيين إلى لبنان بمجرّد عودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين.

السعودي أدار وجهه للبنان

في هذا الإطار، أوضح رئيس مجلس الأعمال اللبناني السعودي رؤوف أبو زكي، أن المسألة متعلّقة بقرار سياسي بحت "باتفاقيات أو من دونها"، لافتاً إلى أن تلك الاتفاقيات معدّة منذ أيام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ولم يتم توثيقها لاعتبارات معروفة، وهي تشمل كل المجالات، مشدداً على أن العلاقات السياسية هي الأهمّ وهي التي تصنع الفرق، سواء بوجود الاتفاقيات أو في غيابها.

وأكد أبو زكي لـ "نداء الوطن" على أن الانفراج في العلاقات الخليجية اللبنانية عامّة والسعودية خاصّة هو منعطف كبير للاقتصاد اللبناني ولمناخ الأعمال والاستثمار في البلاد، وسيعيد العلاقات إلى وضعها الطبيعي ما قبل الأزمة و"القطيعة". لافتاً إلى أن أكبر المستثمرين وأكثر السياح عدداً وإنفاقاً وأكثر المصطافين هم من السعودية ودول الخليج الأخرى. كما أن النسبة الأكبر من الصادرات اللبنانية كانت وجهتها أسواق الخليج وتحديداً السعودية، وبالتالي، رأى أبو زكي أن الضوء الأخضر السعودي السياسي للبنان، يبشّر بانفراج كبير، وبدء مرحلة جديدة من النمو والازدهار، "بدليل أنه فور تطور الوضع السياسي إيجابياً، بدأت الاتصالات تتوافد إلينا من قبل سعوديين معلنين رغبتهم في القدوم إلى لبنان فور تشكيل الحكومة وحصولهم على الضوء الأخضر من السلطات السعودية".

متوقعاً ثورة كبيرة بمجيء الخليجيين إلى لبنان في موسم الصيف وخصوصاً بعد شهر رمضان.

واعتبر أبو زكي أنه من السابق لأوانه حالياً الحديث عن عودة الاستثمارات السعودية إلى لبنان، شارحاً أن الاستثمار بحاجة إلى مناخ آخر مختلف، في حين أن الانفراج يبدأ بالسياحة والاصطياف وبعودة الصادرات اللبنانية إلى عهدها مع دول الخليج، وتحديداً السعودية، لتليها عودة الاستثمارات في مراحل متقدمة بعد التأكد من استقرار الوضع الأمني والسياسي في لبنان. وأكد أن الصادرات اللبنانية لم تستبدل ولم تفقد مكانتها في السوق السعودية بسبب ميزتها المرتبطة بنوعيتها وجودتها مثل الخضار والفواكه وغيرها، بالإضافة إلى عامل مهمّ متمثل بعدم توقف العمالة والشركات اللبنانية والمهنيين والإداريين اللبنانيين عن العمل في السعودية.

نتيجة لتلك المعطيات، توقع أبو زكي دخول العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة مليئة بالتفاؤل ستكون المحرّك الاقتصادي في لبنان، تبدأ بالأمن والسياسة ومن ثمّ تطال الاقتصاد، قائلا: "السعودي الذي أدار ظهره للبنان، عاد وأدار له وجهه".

أضاف: "دول الخليج الأخرى التي لم تقاطع لبنان بالوتيرة نفسها التي قاطعته بها السعودية. ومن المتوقّع أن تفعّل الامارات، هي أيضاً، علاقاتها مع لبنان، وكذلك ستفعل البحرين والكويت وقطر. مشيراً ردّاً على سؤال، إلى أن الاصلاحات المطلوبة محليّاً ستأتي استكمالاً للمناخ الإيجابي المدفوع بالعامل السياسي، وهي حتماً قائمة في سلّم أولويات العهد الجديد".

7 سنوات سمان

من جهته، أوضح رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية إيلي رزق أن أبرز الاتفاقيات المعدّة بين لبنان والسعودية والموقع عليها من قبل الجانب اللبناني وتنتظر توقيع الجانب السعودي، هي أمنية وتجارية وثقافية علماً أنها تشمل مختلف القطاعات، قائلاً لـ "نداء الوطن": "أكثر ما يهمّنا هي الاتفاقيات الأمنية التي تبعث بالطمأنينة لعودة السائح السعودي إلى لبنان ومن أجل استعادة مكانة وحجم الصادرات اللبنانية إلى السعودية".

وأكد رزق أنه فور توقيع تلك الاتفاقيات، ستستعيد العلاقات اللبنانية السعودية رونقها، وسيرفع الحظر عن مجيء السعوديين إلى لبنان، وسيعود تصدير المنتجات اللبنانية إلى الأسواق السعودية، مما سيكون له آثار كبيرة إيجابية على الصعيد السياحي، العقاري، الاقتصادي، الصناعي والزراعي، كون السوق السعودي يعتبر اليوم من أكبر الاسواق العربية للمنتجات اللبنانية في المنطقة.

واعتبر أن الانفراج السعودي وحده، وبالتالي الخليجي، كفيل بعودة الازدهار والنمو في لبنان، قائلاً: "مقبلون على 7 سنوات سمان بعد 7 سنوات عجاف. وعلينا استكمال الخطوات اللازمة للسير بقطاع الإصلاح والتغيير الذي انطلقنا به، بالفعل وليس بالشعارات".

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram