| رندلى جبور |
يربطني بفكرة المقاومة وناسها “سحر”. فهي في حقيقتها انتفاضة على ذُلّ، وثورة ضد احتلال، ورفض لتبعية، وبديل جميل عن تخلٍّ.
هي مقاومة من أجل الذات الحرّة والسيدة أولاً، والذات جزء من وطن.
هي داخلٌ شفاف وصادق، وعمل مبارك ومطلوب ضد أمر واقع يتجاوز أو يتعدّى أو يخرّب أو يفرض أو يفرّق أو يسلب كرامة.
ولأنني حريصة على فكرة المقاومة، فأنا حريصة على من يحمل هذه الفكرة.
لعلّ المقاومة، كجسم عسكري وسياسي واجتماعي، أصيب بانتكاسة، وهذا طبيعي في مثل هذه المسيرة.
ولعلّ المقاومة، كمشروع، تلقّت ضربات كبيرة وكثيرة، ما أدى إلى إعادة إحياء مشاريع الاستعمار ومنها للأفكار.
ولكن الضربات هي دروس وعبر، وهي فرص لإعادة النهوض بشكل أكثر ملاءمة وفعالية.
وكون المقاومة في لبنان روح وإنسان ووطن وإرادة وثبات وصبر وصلابة وليونة، فهي حتماً أمام فرصة، لأن مثل هذه المقاومات لا تنهيها الضربات بل يجب أن تقوّيها.
ومن هنا، أوجّه دعوة صادقة لقيادات المقاومة، على شكل نقاط يمكن أن تشكّل جزءاً من خريطة عمل للمرحلة المقبلة، لتعود إلى وهجها وتجذّر نهجها أكثر:
1 ـ من المفيد أن تجري المقاومة تقييماً علمياً وموضوعياً لكل المرحلة السابقة، وأن تنفتح أكثر على الأفكار والآراء والقراءات الآتية من خارج الدائرة الضيقة، وخصوصاً من الطوائف الأخرى، غير الشيعة، وأن توسّع بيكار استماعها الى الحريصين عليها من دون أن يكونوا من ضمن هيكليتها.
2 ـ من الجيد أن تقرأ المقاومة أكثر الأصوات والنصوص الآتية من الغرب، والتي ضاقت ذرعاً بالسياسات المنطلقة من بلدانها، وأن ترصد الكتّاب والمؤثرين الذين يلتقون معها من دون لقاء، بفعل السأم من حكم الآلة ومن سلطة التكنولوجيا اللا انسانية، ومن مشاريع الصهيونية العالمية، وأن تستفيد من تجاربهم وأفكارهم، من دون أن يعني ذلك التخلي عن خصوصياتها أو الخروج من دائرة حمايتها ومن علاقاتها الطبيعية والتقليدية، خصوصاً أنها ستستفيد من دون كشف أوراقها كلها، وأن الحماية تخرقها أصلاً التكنولوجيا والعنصر البشري اللصيق بها.
3 ـ من الضروري أن تواكب المقاومة أكثر، المخططات الخارجية المبنية على الذكاء الاصطناعي والـ”داتا” الكبيرة، وأن تفهم الأداة التكنولوجية بشكل أعمق، وأن تخلق أنظمة تكنولوجية موازية، أو أن تواجه بأدوات مماثلة.
4 ـ من المهم أن تعمل المقاومة على تحقيق قفزة نوعية في عالم الإعلام والتواصل، وأن تخلق سرديات قادرة على اختراق العقول المخترقة بالسرديات الغربية والصهيونية، وأن تستثمر في كل الطاقات الممكنة في هذه المجالات، وأن تولّد منصات جديدة قادرة على الوصول إلى من يرفضها بسبب أحكام مسبقة غير واقعية.
5 ـ من المهم أيضاً صناعة مجموعات بشرية وفكرية موازية، وخلق صلة وصل بين من يؤمنون بها وبفكرة المقاومة، وإبقاء التواصل قائماً معهم ومن كل البيئات.
6 ـ من المفيد إيجاد استراتيجيات جديدة، ومقاربات من خارج الصندوق، للعمل السياسي والاعلامي والفكري والثقافي والاستراتيجي.
أخيراً، هي نقاط للتفكير، والانطلاق منها لوضع خطط عملية، وأنا على يقين أن المقاومة، التي استطاعت أن تحافظ على ذاتها وعلى بيئتها وأن تجذب الكثيرين من بيئات أخرى وأن تصمد في وجه كل التحديات والحروب، وأن تحقق تحريراً وردعاً وانتصارات، وأن تبقى حاضرة وموجودة رغم الخسارات والرياح المعاكسة والعواصف، وأن تطور ذاتها، هي حتماً قادرة على استعادة كامل قوّتها بشكل فعّال ومناسب للعصر لكي تواجه شياطينه، وهم كثر.
وفي مرحلة “كِد كَيدك” تلك، نعود إلى تلك الرسالة: “فوالله لن تمحو ذكرنا… وما رأيهم إلا فند وأيامهم إلا عدد وجمعهم إلا بَدَد”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :