المطب الاول لعون: حكومة العهد الاولى

المطب الاول لعون: حكومة العهد الاولى

 

Telegram

 

لا شك ان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون نجح في تجاوز العقبات العديدة والكثيرة التي كادت ان تبعده عن القصر الجمهوري، وكان من المرجح ان تؤول سدة الرئاسة الى سواه من الذين رشحوا انفسهم او لم يرشحوا. ولكن، بعد تجاوز كل الصعوبات، التفت حوله كوكبة من التيارات والاحزاب السياسية التي لا يجمع بينها سوى المصالح الموقتة، فيما انتظر الثنائي الشيعي حتى اللحظة الاخيرة للحصول على ضماناته كي يشارك في العملية الانتخابية ويؤمّن الاصوات اللازمة لانهاء اليوم الانتخابي في 9 كانون الثاني الفائت.

اليوم، يعيّر الكثيرون عون بأنه رئيس لا يعرف التعامل السياسي، وقد يكونون على صواب، لانه لطالما كان رجلاً عسكرياً، ولم يعرف سوى في الفترة الاخيرة بعض التعامل السياسي بحكم احتكاكه مع الخارج في مسائل عسكرية، الا انها كانت تحتاج الى وسائل سياسية. ومن المؤكد ان الرئيس الجديد سيجد صعوبة كبيرة في التأقلم مع المتطلبات السياسية اللبنانية، فهو حين كان قائداً للجيش، اعتاد على وضع حد لكل ما لا يسير وفق رغبته، وكانت اوامره تنفّذ من دون تردد او التفكير مرتين، الا ان ولاء الجيش يختلف بشكل جذري عن ولاء السياسيين والحزبيين، وتنفيذ الضباط والجنود للاوامر هو امر لن يتمكن من فرضه على السياسيين اللبنانيين.

المطب الاول الذي وجد عون نفسه فيه هو حكومة العهد الاولى، والتي بدأت بشكل صعب ومعقّد من خلال التسمية التي مرّت في عدة مفاجآت قبل ان تفاجئ الشخص المسمّى نفسه اي القاضي نواف سلام الذي غادر لبنان قبل ليلة لعلمه باستحالة تأمين الاصوات الكافية لتسميته، قبل ان يمحو النهار ما قيل له في الليل، وتحشد الاصوات اكراماً له، فتم تكليفه وهو خارج لبنان في سابقة لم تشهدها البلاد.

حين بدا للجميع ان المشاكل سيتم حلها تباعاً بسلاسة وهدوء، بدأت التعقيدات واوّلها تشكيل الحكومة. وعلى وقع دعوة الذين كانوا معارضين وباتوا اليوم موالين للسير بالبلد وفق توافق يراعي التغييرات والتطورات التي شهدها لبنان والمنطقة، وعلى وقع شعور الممانعين بحاجتهم الى المواجهة كي يثبتوا انهم لا يزالون قادرين على احداث التغييرات اللازمة في السلم كما في الحرب، يجد رئيس الجمهورية نفسه امام معضلة حقيقية، وهو الامر نفسه الذي سيواجهه رئيس الحكومة المكلف نواف سلام.

وفي ما خص الرئيس عون، فمن غير المحبذ أن يبدأ انطلاقته القوية التي تجلّت في الايام الماضية محلياً واقليمياً ودولياً، بنكسة مهمة، اذ انه كان متحمساً لاظهار مدى التغييرات التي يمكن ان يجريها فور تسلّمه الرئاسة، مع حكومة لا تأخذ الاوقات التي كانت تأخذها الحكومات السابقة لتتشكّل، ولكن... وهذا ما يضعه امام حلّين لا ثالث لهما: فإما ان يحاول قدر الامكان، الدخول في مفاوضات قد تطول لاشعار الجميع ان احداً لم يخسر او يربح، وإما ان يحدد مهلة منطقيّة وواقعية لسلام كي يشكّل حكومته او يعتذر عن التشكيل للعودة الى استشارات جديدة ستتغيّر فيها ظروف تسمية النواب لمرشحهم. الحلّ الثاني يبدو اليوم مقبولاً وقابلاً للتحقيق، فنواف سلام ليس نجيب ميقاتي ولا سعد الحريري، بمعنى انه اكثر ليونة وقدرة على تقبّل الامور، كما انه لا يتمتّع بالحيثية السياسية التي تضعه في موقف حرج، وهو بالتالي اقرب الى رئيس الحكومة المكلف السفير مصطفى اديب الذي لم يتوانَ عن الاعتذار حين وجد ان الامور معقدة وستضعه في قفص الشروط السياسية.

امام كل هذه المعضلات، يجب الا ننسى اننا في لبنان، وكل المفاجآت يمكن ان تحصل بين ليلة واخرى...

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram