فوز نواف سلام برئاسة الحكومة يكرس الانقلاب الحاصل في المعادلة السياسية بلبنان

فوز نواف سلام برئاسة الحكومة يكرس الانقلاب الحاصل في المعادلة السياسية بلبنان

 

Telegram

 

 يكرس نجاح الدبلوماسي المخضرم، نواف سلام في الحصول على التأييد الكافي داخل مجلس النواب اللبناني لتولي منصب رئاسة الحكومة منذ اليوم الأول من بدأ الاستشارات، الانقلاب الحاصل في المعادلة السياسية داخل لبنان، والذي يأتي، وفق محللين، كنتيجة طبيعية للضربات القاصمة التي تلقاها حزب الله من إسرائيل، وانهيار حكم الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وحصل نواف سلام  على تأييد 85 نائبا مقابل تأييد تسعة آخرين لميقاتي، وامتناع 19 عن التسمية بينهم نواب حزب الله،  وعلى ضوء ذلك كلف الرئيس جوزيف عون سلام بتولي المنصب.

وكان موقف تكتلي “اللقاء الديمقراطي”، و”لبنان القوي” حاسمين لصالح رئيس محكمة العدل الدولية، ويقول مراقبون إن الثنائي الشيعي الممثل في حزب الله وحركة أمل تفاجئ بموقف كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي، على خلاف موقف الحليف السابق التيار الوطني الحر، الذي كان من المرجح أن يتخذ هذا القرار كرد على تأييد الثنائي لوصول قائد الجيش لقصر بعبدا.

وقال رئيس التيّار الوطني الحر النّائب جبران باسيل، متحدّثًا باسم تكتّل “لبنان القوي”، عقب مشاركته في الاستشارات النّيابيّة الملزمة لتسمية الرّئيس المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة، في قصر بعبدا، أنّ “التّسمية الطّبيعيّة لتكتّلنا هي لنواف سلام، ونرى فيه وجها إصلاحيا من معرفتنا الشّخصيّة المباشرة معه، وأنا سبق أن عملت معه عندما كان سفيرًا في الأمم المتّحدة، كما أنّنا عرفناه إثر التّعاطي معه بملفات إصلاحيّة أخرى، منها قانون الانتخابات.”

وأشار إلى “أنّنا مثلما سمّينا سلام في المرّة السّابقة، أعدنا الكرّة هذه المرّة مع اكتمال عناصر إيصاله إلى رئاسة الحكومة”، مبيّنًا أنّ “فور صدور نتيجة انتخاب رئيس الجمهوريّة جوزيف عون، تقدّمنا بالتّهنئة به في مجلس النوّاب، واليوم أبلغناه أنّ موقعنا الطّبيعي والبديهي هو إلى جانب العهد، ونحن ندعم الرّئيس ورأينا في خطاب القسم ما يشبهنا ونريده أن يطبَّق.”

وذكر باسيل “أنّنا عبّرنا للرّئيس عون أيضًا أن خيارنا ترشيح سلام آت في هذا السّياق، لأنّ اللّبنانيّين رأوا في خطابه ملامح أمل لمستقبل أفضل،” مشدّدًا على “أنّنا لا نُقدم على خيار يشكّل تحدّيًا لأحد، بل يجب أن يكون مقبولًا من الجميع، وهذا ليس خيارًا صداميًّا، بل نتلاقى عليه لنتفاهم، ولا نقبل أن نكون في موقع أن نكسر أو نتحدّى أيّ فريق أو مكوّن.”

وأعلن أنّ “التيار الوكني الحر في موقع مستقل، لا حلفاء له ولا أعداء، ونحاول أن نتّفق جميعًا على ما يقدّم الخير للبلد،” لافتًا إلى أنّ “لا أحد يحاول أو يجرّب أن يضغط علينا، لأنّنا لا ننضغط”، في إشارة إلى فك ارتباطه بحزب الله.

ويرى متابعون أن استدارة باسيل كانت منتظرة وأن رئيس التيار الوطني الحر وجد في تأييد الثنائي الشيعي لعون مجرد ذريعة للتخلص من عبء اتفاق مار مخايل.

ويشير المتابعون إلى أن رئيس التيار الوطني الحر بخطوته أعاد التموضع بعيدا عن حزب الله، في ظل إدراكه بأن الحزب المدعوم من إيران لم يعد كسابق عهده، وأنه بات لا يملك زمام القرار، الذي احتكره لسنوات في البلاد.

ويعكس الموقف الذي صدر عن رئيس الكتلة النيابية لحزب الله النائب محمّد رعد بعد لقاء رئيس الجمهورية، حالة من العجز حيث قال إن “لقاءنا مع فخامة الرئيس كان من أجل أن نعرب عن أسفنا لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية مرة جديدة.”

وتابع “الآن نقول بكل بساطة وبكل هدوء أعصاب، من حقهم أن يعيشوا تجربتهم ومن حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية، لأن أي سلطة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها،” في إشارة واضحة الى قبول الحزب بالأمر الواقع بالنسبة إلى تسمية رئيس الحكومة وتمسكه بأن يشارك في عضويتها.

الحكومة المقبلة تنتظر تحديات كبرى، أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل التي دمّرت أجزاء في جنوب البلاد وشرقها

وكان الرئيس عون بدأ الاثنين الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس جديد للحكومة، وذلك بعد أربعة أيام على انتخابه، على وقع ضغوط خارجية، خصوصا من الولايات المتحدة والسعودية التي عادت في الآونة الأخيرة إلى المشهد السياسي في لبنان بعد انكفاء طويل اعتراضا على تحكّم حزب الله بالقرار اللبناني.

وقد راهن حزب الله على إعادة اختيار نجيب ميقاتي للمنصب، لكن القوى اللبنانية المعارضة ترى بأنه جزء من المنظومة السابقة، وأن عودته لا تخدم بداية عهد جديد يرنون إليه في لبنان، ولحسابات سياسية انحازت باقي القوى لها، للاستفادة من العهد الجديد، وبات حزب الله وحليفته أمل أشبه ما يكون في عزلة.

وقال النائب فراس حمدان، وهو في عداد 13 نائبا انتُخبوا اثر الاحتجاجات الشعبية ضد الطبقة الحاكمة التي انطلقت في أكتوبر 2019، إن تسمية سلام “صناعة لبنانية من دون أي تدخل خارجي أو اجتماع أو رسالة من الخارج.” وأضاف حمدان “هي مبادرة سياسية لبنانية بحتة تمّت بالتنسيق مع سلام شخصيا، تشبه خطاب القسم الرئاسي ومبادئ ثورة 17 أكتوبر”، معتبرا أن سلام “شخصية تشبه جميع اللبنانيين الذين يرفضون استمرار الفساد والمحسوبيات.”

واعتبر الباحث والاستاذ الجامعي علي مراد إن “التفاف قوى سياسية ومن خلفيات مختلفة حول سلام يعكس التغييرات الحقيقية التي يعيشها لبنان” على وقع التغيرات المتسارعة في الداخل وفي المنطقة. وأوضح أن “منع عودة ميقاتي شكّل هدف المعركة” المشترك لتلك القوى بعدما “تقاطعت على رفض عودته.”

وتنتظر الحكومة المقبلة تحديات كبرى، أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة بين حزب الله واسرائيل التي دمّرت أجزاء في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram