قدرة النظام الإيراني على الصمود في وجه التغيير تتراجع

قدرة النظام الإيراني على الصمود في وجه التغيير تتراجع

 

Telegram

 

تقلل الإخفاقات الجيوسياسية التي تكبدها النظام الإيراني في 2024 من قدرته على الصمود، إذ يواجه أيضا تحديات داخلية متزايدة وضغوطا دولية متصاعدة. وتعمق كل هذه العوامل مجتمعة الأزمة وتسير بالنظام، حسب محللين، إلى الانهيار في نهاية المطاف.

طهران - يواجه النظام الإيراني ضغوطًا مماثلة بشكل لافت لتلك التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفييتي، إذ يقلل التدهور الاقتصادي وتفاقم العزلة الجيوسياسية وخيبة الأمل العامة المتزايدة في الداخل بشكل كبير من قدرته على الصمود في وجه التغيير.

ويرجح الباحث الإيراني كمال عزاري أن يؤدي المزيد من التدهور الاقتصادي أو الضربات العسكرية من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة إلى خفض احتمالات بقاء النظام الإيراني إلى ما بين 10 و15 في المئة، بالتوازي مع المسار السوفييتي.

ويقول عزاري في تقرير نشره موقع أوراسيا ريفيو إنه لا يمكن لأيّ نظام استبدادي أن يصمد في وجه الانهيار المتزامن لأسسه الاقتصادية والجيوسياسية والأيديولوجية. ويظل تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991 دراسة حالة بالغة الأهمية، توضح كيف يمكن للثغرات النظامية أن تفكك حتى أكثر الأنظمة رسوخاً.

وكما يلاحظ المؤرخ جون جاديس “انتهت الحرب الباردة ليس بضجة بل بصرخة مكتومة، حيث انهار النظام السوفييتي تحت تناقضاته الخاصة.” ومن خلال فحص أوجه التشابه هذه، يمكننا تحديد الأنماط التي قد تسلط الضوء على احتمالات بقاء النظام الإيراني، الذي يواجه أزمات متصاعدة اليوم.

وتشبه التحديات التي يواجهها النظام الإيراني إلى حد كبير تلك التي ساهمت في انهيار الاتحاد السوفييتي، فالصعوبات الاقتصادية المتصاعدة، وفقدان النفوذ الإقليمي، وخيبة الأمل العامة المتزايدة تعكس الظروف التي أدت إلى تفكك الاتحاد السوفييتي.

ويقول عالم السياسة مارك كاتز “نادراً ما تسقط الأنظمة الاستبدادية بسبب الضغوط الخارجية فحسب؛ بل إن الشقوق الداخلية هي التي تحدد مدة بقائها.” وعانى الاتحاد السوفييتي من عزلة جيوسياسية سريعة مع انهيار الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية (على سبيل المثال، ألمانيا الشرقية، وبولندا، والمجر)، وانتشار حركات الاستقلال في جمهورياته. وكان الانسحاب السوفييتي من أفغانستان في عام 1989 رمزًا لتضاؤل نفوذه العالمي.

ووسعت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) نفوذهما في أوروبا الشرقية، مما ترك الاتحاد السوفييتي محاصرًا وأضعف مطالبه الأيديولوجية بالزعامة العالمية.

الضغوط الاقتصادية
أدى فقدان الاتحاد السوفييتي للتحالفات والسيطرة الإقليمية إلى إضعاف موقفه الجيوسياسي بشكل كبير. في المقابل، اشتدت عزلة إيران الإقليمية مع انهيار وكلائها الرئيسيين: سوريا، وحزب الله، وربما الحوثيين في اليمن، إذ أن خسارة سوريا تعطل الدعم اللوجستي الإيراني لحزب الله، في حين أن تحييد حزب الله يضعف الردع العسكري الإيراني في بلاد الشام.

وتصاعد التوترات مع دول الخليج وإسرائيل والقوى الغربية يزيد من عزلة إيران، في حين تستمر العقوبات الدولية في تقييد مشاركتها العالمية. وفي حين تحتفظ إيران بنفوذ محدود في العراق واليمن، فإن عزلتها المتزايدة تعكس الانحدار الجيوسياسي للاتحاد السوفييتي.

 ركد الاقتصاد السوفييتي بسبب عدم الكفاءة في التخطيط المركزي، والميزانية العسكرية المتضخمة، وتراجع الإنتاجية الصناعية. كما أدى انهيار أسعار النفط العالمية في الثمانينات إلى استنزاف الإيرادات .

وأدت الإصلاحات إلى تفاقم عدم الاستقرار الاقتصادي عن غير قصد من خلال الكشف عن عدم الكفاءة النظامية دون تقديم حلول فعالة. وأدى الانهيار الاقتصادي إلى تقويض قدرة النظام السوفييتي على دعم نفسه ماليًا.

ويتسارع التدهور الاقتصادي في إيران بسبب العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة، والتضخم، وانخفاض قيمة العملة. كما يؤدي الفساد المستشري وسوء الإدارة المالية إلى تفاقم الأزمة. ويحذر صندوق النقد الدولي من ركود نمو الناتج المحلي الإجمالي في إيران، في حين يتجاوز التضخم 40 في المئة، مما يدفع الملايين إلى الفقر.

ويفرض تمويل الوكلاء الإقليميين مثل حزب الله والحوثيين ضغوطًا إضافية على موارد إيران. وعلى عكس الاتحاد السوفييتي، تفتقر إيران إلى قاعدة صناعية، مما يجعلها أكثر عرضة للأزمات الاقتصادية المطولة. وتشكل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في إيران نقطة ضعف حرجة، حيث سيؤدي المزيد من التدهور إلى تقليل احتمالات بقاء النظام بشكل كبير.

فقدت الماركسية اللينينية مصداقيتها مع ركود مستويات المعيشة وفشل النظام في الوفاء بوعوده. كما أدى انهيار الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية إلى تشويه سمعة الأساس الأيديولوجي للاتحاد السوفييتي. وأدت الحركات القومية داخل الجمهوريات السوفييتية، بما في ذلك دول البلطيق وأوكرانيا، إلى تقويض السيطرة الأيديولوجية لموسكو. وكان الانهيار الأيديولوجي للماركسية اللينينية عاملاً رئيسيًا في زوال الاتحاد السوفييتي.

وفي إيران أصبحت الأيديولوجية الثيوقراطية مرفوضة بشكل متزايد من قبل سكانها الشباب العلمانيين. وتعكس الاحتجاجات واسعة النطاق بشأن حقوق المرأة والحريات الشخصية خيبة الأمل العامة المتزايدة في المبادئ التأسيسية للنظام.

ويقوض سقوط وكلاء مثل حزب الله ادعاء إيران بالزعامة في “محور المقاومة”، مما يؤدي إلى تآكل شرعيتها الأيديولوجية بشكل أكبر. وفي حين أن الانهيار الأيديولوجي أبطأ مما كان عليه في الحالة السوفييتية، فإن الرفض العام للنظام الديني في إيران يستمر في التعمق.

المعارضة الداخلية
اندلعت الاحتجاجات المناهضة للنظام في مختلف الجمهوريات السوفييتية، مدفوعة بحركات قومية في دول البلطيق وأوكرانيا وآسيا الوسطى. وأدت الانشقاقات النخبوية إلى تفتيت النظام. وسمح الإحجام عن استخدام القوة للمعارضة بالنمو دون رادع، مما أدى إلى تسريع انهيار الاتحاد السوفييتي. وأدت المعارضة واسعة النطاق وآليات القمع الضعيفة إلى زعزعة استقرار الاتحاد السوفييتي. 

وبالمثل تواجه إيران احتجاجات مستمرة بسبب المظالم الاقتصادية وحقوق المرأة والقمع السياسي. وتؤدي الحركات الانفصالية العرقية (مثل الأكراد والبلوش) إلى تفاقم عدم الاستقرار.

وأظهرت قوات الأمن التابعة للنظام (الحرس الثوري الإيراني، الباسيج) استعدادها لاستخدام القوة لقمع المعارضة، مما يوفر الاستقرار على المدى القصير ولكنه يخاطر بالتفكك على المدى الطويل. وتوفر أدوات القمع الأقوى في إيران استقرارًا مؤقتًا للنظام، لكن المعارضة المتزايدة تقلل من قدرته على البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram