وزيرة الخارجية الليبية السابقة تخرج عن صمتها.. وتكشف من طلب منها لقاء نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين

وزيرة الخارجية الليبية السابقة تخرج عن صمتها.. وتكشف من طلب منها لقاء نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين

 

Telegram

 

أعادت تصريحات أدلت بها وزيرة الخارجية الليبية السابقة التي أجبرت على الإستقالة الجدل مجدّداً بعد كشفها أن لقاءها بوزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين كان بتكليف من رئيس الحكومة الليبية  .
 و قالت وزيرة الخارجية الليبية السابقة نجلاء المنقوش أن اللقاء مع نظيرها الإسرائيلي عام 2023، في روما، و الذي اعتبره عدد من الليبيين حينها "محاولة لتطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل".

وفي أول تعليق لها على ذلك اللقاء بعد أكثر من عام، قالت إن اللقاء جاء بتكليف من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لـ"مناقشة قضايا استراتيجية تتعلق بأمن واستقرار البحر المتوسط"، مؤكدة أن اللقاء لم يكن بدافع "تطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل".


واعتبرت المنقوش في لقاءها مع أن حكومة الوحدة "تنصلت بسبب عدم حكمة وعدم القدرة على معالجة الأزمة بعد تسرب اللقاء"، مشددة أن "مقابلتها مع الطرف الإسرائيلي كانت محددة في إطار معين وأبلغت كوهين عن وجهة نظر الشعب الليبي ومشاعرنا الداعمة للفلسطينيين ورفض سياسات الحكومة الإسرائيلية".


وقال رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في وقت سابق أن حكومته "ترفض بشكل كامل أي شكل من أشكال التطبيع" مع إسرائيل، معتبراً أن "ما حدث في روما أمر جلل حتى وإن كان لقاءاً جانبياً، وقضية كبرى حتى وإن وقعت بشكل عابر".
وأصدرت الحكومة الليبية قراراً بإقالة المنقوش وأحالتها إلى التحقيق منذ أغسطس/آب 2023، غير أن المنقوش قالت إنه "لم يستدعني أحد للتحقيق"، وإن "الحكومة تقدم أعذارا دون إجابة".


ومنذ أغسطس/آب 2023 حاولت بي بي سي التواصل مع المجلس الرئاسي ومجلس النواب والحكومة الليبية ووزارة الخارجية للتعليق عن لقاء المنقوش وكوهين وعدد من اللقاءات الأخرى التي جمعت شخصيات ليبية مع ممثلين عن اليهود الليبيين ومسؤولين إسرائيليين، أكثر من مرة، لكننا لم نحصل على رد حتى لحظة نشر هذا المقال.

وفي شرق ليبيا، قال رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد إن لقاء مسؤولين في حكومة الدبيبة مع إسرائيليين هو "سقوط أخلاقي وقانوني، يجرمه القانون رقم 62 للعام 1957 بشأن مقاطعة إسرائيل".


وأوضح حماد خلال كلمته أمام مجلس النواب اليوم الاثنين، أن ذلك اللقاء "لا يمثل الشعب الليبي الذي نشأ على دعم القضية الفلسطينية، ولا يتوافق مع تشريعاتنا التي تجرم أي شكل من أشكال التطبيع"، على حد تعبيره.

بينما يقول بعض اليهود ممن تعود أصولهم لليبيا، أنهم يعملون كحلقة وصل لفتح جسور تواصل بين مسؤولين ليبيين وإسرائيليين سعياً لضم ليبيا إلى اتفاقات إبراهام، وضمان عودة اليهود الليبيين إلى بلدهم كما يقولون.


يشير الباحث شلومو سيمونسون، في دراساته حول يهود شمال أفريقيا الصادرة عن جامعة حيفا، إلى أن اليهود وصلوا إلى ليبيا في حدود القرن الثالث قبل الميلاد، وبعد سقوط القدس في يد الرومان عام 70 ميلادي استقر اليهود في مناطق مثل قورينا في شرق ليبيا وطرابلس وسرت، وتركزوا في المناطق التجارية والحضرية، واعتبر أن الجالية اليهودية في قورينا كانت واحدة من أكبر التجمعات اليهودية في العالم القديم.

وفي نهاية الثلاثينات من القرن الماضي، فرضت إيطاليا الفاشية التي كانت تحتل ليبيا حينها وتتحالف مع هتلر، مجموعة من القوانين المعادية للسامية، قيّدت من خلالها حركة اليهود ومنعتهم من العمل في المؤسسات الحكومية وفرضت عليهم تمييزاً على أساس عرقي من خلال ختم "عرق يهودي"، الذي طُبع على جوازات السفر والوثائق الرسمية لليهود الليبيين، ولاقت تلك الإجراءات تأييداً في أوساط المجتمعين المسلم والمسيحي في ليبيا حينها، ما تسبب في شرارة توتر تحول فيما بعد إلى نزعة عنف استمرت لسنوات، بحسب مركز جهاد الليبيين – وهو مركز تم إنشاءه بقرار من اللجنة الشعبية العامة (رئاسة الوزراء) في ليبيا عام 1990.


ومع حلول عام 1945، وصلت أعمال العنف بين العرب واليهود في عدد من الدول العربية إلى ذروتها، حين نظمت عدة دول عربية منها ليبيا ومصر والعراق مظاهرات مناهضة لليهود فيما يُعرف بــ"أحداث ذكرى وعد بلفور"، نتج عنها "أعمال دموية" كان من بين أعنفها في ليبيا، حيث قتل 140 يهودياً على الأقل.

بعد تلك الأحداث نشطت في ليبيا منظمات هجرة يهودية بهدف تسهيل الهجرة الطوعية لليهود، خاصة مع إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948.

ويقول رئيس اتحاد اليهود الليبيين رافاييل لوزون لبي بي سي، إن عدد اليهود الذين كانوا في ليبيا قبل عام 1945، قُدّر بحوالي 40 ألف يهودي، وتقلص عددهم في السنوات التي تلت ذلك العام إلى خمسة آلاف يهودي.


ويشير لوزون إلى أن اليهود في ليبيا انخرطوا بشكل كبير في المجتمع الليبي، إذ امتهنوا حرفاً يدوية كالحياكة والخياطة وصقل الذهب والمعادن، وعملوا في التجارة والصناعة، ويضيف بأن التقديرات تشير إلى قرابة 21 مليار دولار تركها اليهود في ليبيا بعد هجرتهم ما بين أموال وأملاك.

وبعد استقلال ليبيا عام 1951، انتهجت المملكة الليبية موقفاً معادياً لإسرائيل، ما زاد التوتر بين العرب والأقلية اليهودية التي اختارت البقاء في ليبيا بعد عام 1948.

وفي عام 1967 حين اندلعت الحرب العربية الإسرائيلية، طلب حينها رئيس الطائفة اليهودية ليللو أربيب من رئيس الوزراء الليبي السماح لليهود بمغادرة ليبيا "تخوفاً من أية أعمال انتقامية"، ويقول لوزون إن الحكومة الليبية "فرضت على اليهود الليبيين الخروج بحقيبة سفر واحدة وبمبلغ لا يتجاوز عشرين ديناراً ليبياً (70 دولاراً)".

وبعد انقلاب عام 1969، الذي قاده الزعيم الليبي السابق معمر القذافي ضد النظام الملكي في ليبيا أيضاً، لم تكن هناك علاقات بين ليبيا وإسرائيل، إذ انتهج القذافي مبدأ العداء الواضح لإسرائيل، وحافظ على قانون صدر عام 1957 يُجرم أي علاقات معها، كما منع الزيارات المتبادلة بين البلدين، وحارب إسرائيل بشكل غير مباشر في مناسبات عدة، كعام 1973 حين دعم مصر خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول.
علاقات تحت الطاولة

وعلى مدى تلك السنوات، خلت ليبيا من أي وجود لليهود، ولم تكن هناك أي علاقات علنية بين ليبيا وإسرائيل أو اليهود الليبيين، حتى صباح أحد أيام أكتوبر/تشرين الأول من عام 2011، حين أثار رئيس المنظمة العالمية لليهود الليبيين، ديفيد جربي، جدلاً واسعاً في ليبيا بعد إعادة فتح "دار البيشي" وهو كنيس يهودي في المدينة القديمة بالعاصمة طرابلس.

يوضح جربي لبي بي سي أن تلك الخطوة "لم تكن عبثية"، بل سبقتها خطوات ولقاءات مع مسؤولين ليبيين في عام 2011 وحتى قبل ذلك، مؤكداً أن المسؤولين حينها رحبوا بإعادة ترميم دور العبادة اليهودية والمقابر في ليبيا، وحتى بزيارة اليهود لليبيا وإقامة الصلوات فيها.

وكشف جربي أن أول مرة زار فيها ليبيا كانت عام 2002 حيث التقى القذافي، الذي طلب منه "التوسط تحت الطاولة مع الجانب الأمريكي وأوروبا بهدف تسريع مفاوضات فك الحصار المفروض على ليبيا وإعادة العلاقات بين الجانبين"، وأوضح أن عمله في البلاد استمرّ قرابة ثلاثة عشر شهراً في ذلك الوقت.

تلك الوساطة كادت أن تفتح مجالاً لزيارات اليهود الليبيين لليبيا، إذ يشير جربي في حديثه لبي بي سي إلى أن الحكومة الليبية عادت للتواصل معه عام 2007، ومنحته إذناً بفتح المعابد اليهودية وإعادة ترميم المقابر كخطوة أولى، لكن بعد ذلك الاتفاق "تم احتجازه في مالطا دون سبب"، على حد قوله.

أثناء أحداث الربيع العربي في ليبيا 2011، عاد جربي لزيارة ليبيا للمرة الثالثة، ويقول: "حاولنا المساعدة وتواصلنا مع أطباء في بنغازي وحاولنا الدخول إلى ليبيا كمواطنين ليبين خلال الثورة"، وأشار إلى أن رئيس المجلس الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، رحب بعودة اليهود الليبيين حينها ومنح الإذن بفتح "دار البيشي" و"تجهيزها لاستقبال اليهود الليبيين"، واعتُبر ذلك بصيص أمل لفتح المجال أمام اليهود "لزيارة ذويهم والتعرف على بلدهم"، قبل أن يقطع "الأقلية المتطرفون" الطريق أمام تحقيق ذلك، على حد وصفه.
مقبرة يهودية

وازداد الجدل بعد عام 2011 حول ملف اليهود الليبيين، خاصة مع بعض المحاولات من المنظمات اليهودية لفتح قنوات تواصل مع الحكومات الليبية المتعاقبة.

ويقول رئيس اتحاد اليهود الليبيين، رافاييل لوزون، لبي بي سي إن هناك العديد من اللقاءات الرسمية وغير الرسمية التي جمعت مسؤولين ليبيين مع نظرائهم الإسرائيليين خلال السنوات الماضية، ومن بينها لقاء جمع وزير الإعلام الليبي الأسبق، عمر القويري، مع مسؤولين إسرائيليين أبرزهم قادة في الجيش الإسرائيلي عام 2017 في جزيرة رودس اليونانية، بحسب لوزون.

ويضيف لوزون أن "هناك مسؤولون الليبيون لا يعارضون فكرة إقامة علاقات مع إسرائيل"، مشيراً إلى أن هناك "تعاون تجاري" بين تجار ليبيين في الداخل ويهود ليبيين في الخارج.

وفي أغسطس/آب عام 2023، التقت وزيرة الخارجية الليبية السابقة نجلاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي حينها إيلي كوهين في العاصمة الإيطالية روما، ما أثار جدلاً واسعاً أدى إلى إقالتها من منصبها.

لم يكن للوزون أي صلة بذلك اللقاء، إلا أنه اعتبره "خطوة جيدة في حال تم تنظيمه في وقته المناسب"، واستبعد عدم علم الحكومة الليبية بــ" لقاء على هذا المستوى الرفيع"، ورأى أن ما جرى كان "تجربة لرد فعل الشارع الليبي وجسّ نبضه".

واتهم رئيس اتحاد اليهود الليبيين الحكومة الإسرائيلية بــ"عدم الانفتاح على الثقافة العربية والإسلامية"، إذ أنها اختارت توقيتاً غير مناسب للإعلان عن ذلك اللقاء، بسبب ما تمر به ليبيا خلال الوقت الراهن، داعياً "ليبيا الغنية بالنفط والموارد وإسرائيل المتقدمة تكنولوجيا" إلى الاستفادة من اليهود الليبيين لتطبيع العلاقات أو "لمساعدة ليبيا بعد أكثر من أربعين عاماً من الدكتاتورية، واثني عشر عاماً من الحرب الأهلية".
نائب رئيس الحكومة الليبية مع السفير الأمريكي وممثل عن يهود ليبيا

أما رئيس المنظمة العالمية لليهود الليبيين ديفيد جربي فكشف لبي بي سي أنه كان عرّاب ذلك اللقاء بين وزراء الخارجية، فكان، وقال إن اللقاء "جاء كاستجابة لمطالب اليهود الليبيين".

ففي يوليو/تموز عام 2022، يقول جربي إنه التقى مع نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، حسين القطراني، وبعدد من سفراء الدول في ليبيا كالولايات المتحدة الأمريكيّة وإيطاليا، وتم الاتفاق حينها على تنظيم وقفة لإحياء ذكرى مقتل أكثر من 700 يهودي في ليبيا على يد القوات الإيطالية، ويطالب اليهود الليبيون بالاعتراف بهم كضحايا الهولوكوست، وأوضح جربي أن "كافة الأطراف أيّدت ورحبت بمقترح أن تكون الوقفة في ليبيا بمشاركة يهود ليبيا في يناير/ كانون الثاني 2023" – إلا أن ذلك لم يتحقق.

وأوضح جربي أن المنظمة أقامت الوقفة في منطقة نتانيا في إسرائيل حيث يقيم أكبر عدد من اليهود الليبيين في مارس/آذار عام 2023، وخلالها "طالب أهالي الضحايا بالتواصل مع إيلي كوهين وزير الخارجية في حكومة نتنياهو الجديدة للضغط باتجاه إقامة علاقات بين إسرائيل وليبيا تسهل زيارة اليهود الليبيين لبلادهم".

يقول جربي إن كوهين أبدى استعداداً كبيراً للتدخل في هذا الملف واتخذ خطوات فعلية نتج عنها اللقاء الذي عقد يوم 23 أغسطس/آب الماضي بوساطة إيطالية، مشيراً إلى أن ردود الفعل الرافضة لذلك اللقاء جاءت بسبب "الرفض الداخلي في إسرائيل لحكومة نتنياهو، ورفض المعارضين لأي قرارات تتخذها حكومة الدبيبة في ليبيا"، وليس رفضاً للعلاقات بين البلدين بشكل كامل على حد تعبيره.

لكن لوزون يرى أن محاولات التواصل بين المسؤولين ستتجدد بعد أن يهدأ الوضع في ليبيا خلال أشهر قليلة "لأن اليهود الليبيين يريدون حقوقهم القانونية في الجنسية وجواز السفر والرقم الوطني"، في حين يؤكد جربي أن "اليهود يريدون استعادة مقابرهم وأماكن عبادتهم في ليبيا وزيارتها بكل حرية أسوة بيهود تونس والمغرب".

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram