لم يكُن العام 2024 سهلاً على اللّبنانيّين، ولا حتى السنوات الخمس التي سبقته. كان الاقتصاد الضحيّة الأولى، قطاعاتٌ تدهورت، شركاتٌ أقفلت وأخرى "رُحِّلت"، ونسبة البطالة حلّقت الى مستويات قياسيّة. ولكن، ورغم السواد الحالك، شهد لبنان صموداً وبعض الازدهار في قطاعات مميّزة. نتحدّث هنا عن اقتصاد المعرفة وعن لبنانيّين قادوا قطار التكنولوجيا في لبنان ولو "بعكس السّير".
يشرحُ الخبير في التحوّل الرقمي والتكنولوجي فريد خليل أنّ "اقتصاد المعرفة يرتكزُ على أربعة أعمدة أساسيّة هي الرأسمال البشري، البنية التحتيّة الرقميّة، البيئة الحاضنة لها، والمشاريع الابتكاريّة"، مُضيفاً في مقابلة مع موقع mtv: "للأسف، لا نملكُ في لبنان كلّ هذه الركائز ولكنّنا استطعنا في ظلّ المشاكل الاقتصاديّة والحرب في الـ2024 الاعتماد على الإنترنت التي بقيت صامدة رغم الشوائب فيها للحفاظ على مُختلف الوظائف في القطاعات الرقميّة، وكلّ الأعمال مع الدول الخارجية وخصوصاً الدول العربيّة".
وعن سرّ الصّمود في العام الفائت، يقول خليل: "اللبناني هو إنسانٌ مُبتكر بطبعه، والعامل البشري لعب دوراً أساسيّاً في الصّمود، بالإضافة الى كفاءة اللبنانيّين وتميّزهم في القطاعات الرقميّة عبر تقديم خدمات مُختلفة كالتسويق على مواقع التواصل الاجتماعي وصناعة المحتوى والاعتماد على الذكاء الإصطناعي الذي ساعد بشكلٍ كبيرٍ في إنجاز الأعمال وتطويرها، إن كان بالكتابة أو بانتاج الفيديوهات والتسجيلات وحتى بخلق أفكار جديدة والقيام بدراسات مُعمّقة ، فضلاً عن أنّ التكنولوجيا الماليّة سجّلت ازدهاراً أيضاً خلال السنة الماضية، أضف إليها قطاع صناعة التطبيقات والمواقع الالكترونيّة المتطوّرة والتسوّق الإلكتروني".
ما هي أبرز المعوقات أمام هذه القطاعات؟ يُجيب خليل: "لا بنى تحتيّة رقميّة صلبة في لبنان، والإنترنت من دون صيانة منذ الـ2019 ما ينتج مشاكل كبيرة، ولا تحظى كلّ المناطق اللبنانيّة بتغطية من الفيبر أوبتك والكثير من المحطّات خارج الخدمة بسبب غياب الصيانة عنها، أضف إليها ألا سيادة وحوكمة رقميّة، وكلّ الداتا معرّضة للخطر، والمشكلة الأبرز هي أزمة الكهرباء التي لا تشجّع رجال الأعمال والشّركات على الاستثمار في لبنان"، مُستدركاً بالقول: "ولكن الصمود والازدهار كانا بفضل المبادرات الفرديّة، والعاملون في هذه القطاعات يطوّرون مهاراتهم بأنفسهم والمستقبل أمامهم مشرق في الـ2025 رغم المخاوف من وكلاء الذكاء الإصطناعي الذين باتوا يقومون بمهام نيابة عن الإنسان، إلا أنّ العامل البشريّ يبقى أساسيّاًّ، كما أنّ الـ5G سيلعب دوراً مهماً في الفترة المقبلة لتسريع الأعمال ونقل الداتا ما يُساهم في تطوير القطاعات ضمن الاقتصاد المعرفي".
وفي الختام، نصيحةٌ للشباب اللبناني مع بداية السّنة الجديدة: "اختاروا اختصاصات متطوّرة، وابحثوا عن وظائف في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أو أدخلوا التطوّر إلى أعمالكم في أيّ مجالات كانت، أما القطاعات الأكثر مردوداً وطلباً فهي برمجة واستعمال الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا الماليّة التي هي ركنٌ أساسي في عالم الاقتصاد وتحويل الأموال، والأمن السيبراني الذي يُعتبر حاجة للحكومات والشّركات".
جيسيكا حبشي -موقع mtv
نسخ الرابط :