مع بدء العد العكسي للجلسة البرلمانية المرتقبة في 9 كانون الثاني، لا يحتاج لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية فحسب بل للتوافق عليه بنفس القدر. ويعدّ هذا التمييز بين “الانتخاب” و”التوافق” بالغ الأهمية في السياق اللبناني الحالي.
وفي الأصل، أمكن إنجاز هذا الاستحقاق قبيل مغادرة الرئيس السابق ميشال عون بعبدا. وكل ما كان يتطلبه الأمر: عقد جلسات برلمانية متواصلة وضمان النصاب القانوني. ومن ثم، تقدّم المرشحين، كما فعل البعض في الأيام الأخيرة، على الرغم من مرور أكثر من عامين على الإطار الزمني المعقول للترشح. وكان النواب ليدلوا بأصواتهم حينها، مع تحول الديناميكيات في كل دورة جديدة، حتى ولو تطلب الأمر دورات متتالية. حينها كان من الممكن انتخاب رئيس للجمهورية.
هذا السيناريو غير مرجح في الجلسة المقلبة، حيث أنّ الدورة المرتقبة لن تتمكن من استيعاب جميع المرشحين المعلنين وغير المعلنين، ولا من التعامل مع مجمل الأفكار والمقترحات المطروحة. كما يسيطر التردد على العديد من الكتل النيابية والنواب لناحية اتخاذ قرار أو طرح مرشح. وباستثناء “اللقاء الديمقراطي”، لم يحسم أي طرف سياسي أمره بشأن مرشح محدد. وليس واضحًا ما إذا كان ثنائي “أمل-حزب الله” سيدعم سليمان فرنجية خلال الجلسة.
لبنان يحتاج اليوم للتوصل لتوافق حول رئيس للجمهورية، أو أقله لإعلان نوايا واضح، بحيث ينسحب المرشحون الذين لا يملكون دعمًا كافيًا، بشكل يضيق دائرة المنافسة إلى اثنين أو ثلاثة مرشحين فقط. وفي حال انتخاب رئيس (وهو أمر غير مرجح)، ستشتعل النقاشات السياسية مجدداً. وبعد هذا الإستحقاق، يبدأ تحدٍّ جديد حيث يتوجب تعيين رئيس وزراء، في ظل غياب شخصية سنية قادرة أو مستعدة علنًا لتولي المنصب. كما أنّ المعلومات تشير إلى أنّ الدول العربية غير مستعدة لتكرار تجربة نجيب ميقاتي.
وعند الاستحقاق، ستفتح الأبواب أمام تساؤلات جديدة: أي رئيس للوزراء سيأتي بعدما تأخر استحقاق رئاسة الجمهورية أكثر من عامين بسبب عدم التوافق؟ وماذا عن توزيع الوزارات بين الأحزاب؟ من سينضم للحكومة ومن سيستبعد ومن سيمنع من المشاركة؟ هل يكرر حزب الله التجربة وينضم للحكومة؟ ماذا سيتضمن البيان الحكومي؟ وهل يصر حزب الله وحلفاؤه على صيغة “جيش وشعب ومقاومة” مجددا؟
يحتاج لبنان لشهر على الأقل لكل واحدة من هذه القضايا المعقدة. وكيف يمكن في الأصل البدء بطرح الحلول ولبنان لم يخض بعد أولى التحديات؟
مع اقتراب الموعد النهائي للانتخابات الرئاسية، لا تعدو كل الطروحات كونها أكثر من مجرد تكهنات، خصوصاً وأن أكثر من 100 نائب لم يعقدوا العزم بعد! ويا ترى كيف عسانا نعتمد على من يفتقر لموقف واضح، لقيادة المرحلة القادمة وحل جميع القضايا العالقة؟
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :