بقلم الدكتورة رشا ابو حيدر
سعت الحركة الصهيونية الى تحقيق أهدافها الثلاثة المركزية ومن أهمها السيطرة على المياه في المنطقة العربية وساعدها في ذلك اتفاقية سايكس-بيكو. فالمياه تحتل مركزاً مرموقاً في الفكر الصهيوني لتبلغ مرتبة العقيدة، حيث حرصت على إقامة توازن وتلازم بين خريطة امنها وخريطة مياهها وهذا ما يعرف ب " عقيدة الأرض والسماء". فمؤسس الحركة الصهيونية كان لديه ايمان بقيام دولة يهودية في ارض الميعاد، وان اليهود سيحولون الصحاري على ارض إسرائيل الى مساحات يكسوها الاخضرار.
يشهد الكيان الإسرائيلي أزمة مائية متفاقمة مع تضاؤل الموارد المائية الطبيعية في فلسطين المحتلة. تعود جذور هذه الأزمة إلى عوامل متعددة، منها الاستغلال الجائر للموارد المائية، والتغيرات المناخية، وارتفاع الطلب الناتج عن الزيادة السكانية الناجم عن الهجرة اليهودية المكثفة من الاتحاد السوفياتي سابقاً، خاصة في المستوطنات الإسرائيلية. في مواجهة هذه الأزمة، تتجه أنظار إسرائيل نحو المياه في لبنان وسوريا كحلول بديلة، مما يزيد من التوترات الإقليمية المرتبطة بالمياه.
اولاً: أزمة المياه في فلسطين المحتلة
يعاني الكيان الإسرائيلي من شح كبير في مصادر المياه الطبيعية. فمنذ عقود، اعتمدت إسرائيل على موارد مائية رئيسية مثل بحيرة طبريا ونهر الأردن، بالإضافة إلى المياه الجوفية. ومع ذلك، أدى الاستغلال المفرط وسوء الإدارة إلى استنزاف هذه الموارد بشكل خطير.
تشير التقارير إلى أن مستويات المياه في بحيرة طبريا تراجعت إلى مستويات مقلقة، حيث أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات السكان. كما أن ندرة الأمطار في السنوات الأخيرة، نتيجة التغيرات المناخية، فاقمت الوضع. في هذا السياق، لجأت إسرائيل إلى تقنيات تحلية المياه كمصدر بديل، لكنها لا تزال تسعى للحصول على مياه إضافية من مصادر خارج حدودها.
ثانياً: العين الإسرائيلية على المياه اللبنانية والسورية
في ظل هذه الأزمة، دفعت الصهاينة الى شمال ارض الميعاد حيث تسعى إسرائيل لاستغلال المياه في دول الجوار، وخاصة لبنان وسوريا، اللذين يتمتعان بموارد مائية غنية نسبياً مقارنة بفلسطين المحتلة. وما عزز نظرية تأمين الأمن المائي الاعتماد على الاتفاقات مع الانتداب الفرنسي تارة ومن خلال الاعتداءات العسكرية واحتلال الأراضي العربية أهمها الضفة الغربية، الجولان، تلال كفرشوبا، مزارع شبعا تارة أخرى، والهدف هو الاشراف الدائم على مصادر المياه سواء اكانت انهاراً ام ينابيع.
ويرى الخبير الأميركي جون كولارز: "ان هناك تكهناً ان مياه نهر الليطاني تستعمل من قبل الأردن وإسرائيل ويبدو ان هناك كمية من المياه تغذي خزاناً جيولوجياً مقعراً يمكن ان يغذي نبع اللدان والحاصباني وبالتالي الأردن".
ثالثاً: الأبعاد القانونية والسياسية
وفقاً للقانون الدولي، يُحظر على إسرائيل الاستيلاء على الموارد الطبيعية للدول المجاورة أو استغلالها دون موافقة هذه الدول وذلك وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون استخدام المجاري المائية الدولية (1997) واتفاقية حماية الموارد المائية والبيئية (هيلسنكي 1992) واتفاقية رامسار (1971)، لكن إسرائيل تستمر في تجاهل هذه القوانين، مستغلة غياب محاسبة دولية صارمة.
محاولات إسرائيل للحصول على المياه من لبنان وسوريا تزيد من التوترات في المنطقة، مما يعكس ارتباط أزمة المياه بالأمن القومي والسيادة الوطنية.
رابعاً: سبل المواجهة والمستقبل
تظهر الأطماع الإسرائيلية في مياه لبنان وسوريا كجزء من استراتيجيتها للتعامل مع أزمة المياه في فلسطين المحتلة. في مواجهة هذه التحديات، ينبغي على الدول العربية المتضررة التمسك بحقوقها السيادية وتعزيز العمل الدبلوماسي والقانوني لمواجهة هذه المحاولات. المياه ليست مجرد مورد طبيعي؛ إنها قضية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن والاستقرار الإقليمي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :