مع اقتراب عيديّ الميلاد ورأس السنة، تكثر عروض الشركات والمؤسسات التجارية، وتشكِّل هذه العروض فرصة للمستهلكين للربح المجاني فيما تستفيد الشركات من الترويج لإسمها في سياق المنافسة. ولا تخلو العروض من بعض الخداع أو “التذكي” حيناً، نظراً لما يتطّلبه الربح من شروط تقلِّل من قيمة العرض، وأحياناً يكون العرض برمّته غير صحيح، إذ لا يكون صادراً عن الشركة نفسها، بل يروِّج له قراصنة ومخادعون أو حتى العدوّ الإسرائيلي؟ (راجع المدن).
بطاقات تشريج مجانية
لا تتوقّف شركتا الخليوي تاتش وألفا عن طرح عروض للمشتركين تتضمّن باقات انترنت واتصالات ورسائل نصّية مجانية لفترات محدّدة، وترتبط هذه العروض بمناسبات معيّنة. ومع اقتراب نهاية العام الجاري، تلقى الكثير من مشتركي الشركتين رسالة عبر الوتسأب تتضمّن رابطاً إلكترونياً Link يفيد بإمكانية ربح بطاقات تشريج مجانية “بمناسبة السنة الجديدة 2025”. والدخول إلى الرابط يحيل إلى “دولاب” يمكن النقر عليه، ويحتوي على خيار ربح واحدة من بطاقات التشريج الثلاث المعتمدة لدى الشركتين، فضلاً عن خيار “حظّ أوفر” أو “لديك محاولة أخرى”.
في المحاولة الأولى، يتوقّف الدولاب على خيار “لديك محاولة أخرى”، وفي المحاولة الثانية يظهر إشعار يقول “مبروك لك، لقد وقع حظّك على بطاقة تشريج 45.45 دولار”، فتظهر صورة بطاقة تحتوي أرقام التشريجة، لكن عرض الأرقام المفترض إدخالها على الهاتف للحصول على التشريجة، يتوقَّف عند بضعة أرقام تبقى مخفية، ولإظهارها هناك خيار واحد هو “دعوة 10 أصدقاء أو 5 مجموعات على الوتسأب ليستفيدوا من هذا العرض”. ويفيد أحد الأشخاص الذين اتّبعوا الخطوات كاملة للحصول على التشريجة، في حديث لـ”المدن” بأن نهاية العملية تستوجب الاتصال برقم يظهر على شاشة الهاتف، والرقم يبدأ بـ00256 (دولة أوغندا) وهنا تنبّهت إلى أن الدول التي تبدأ مفاتيح اتصالاتها برقم 2 هي الدول الإفريقية، وعندها لم أتّصل على الرقم، إذ عرفت بأن هناك خطباً ما في هذه العملية”.
واللافت للنظر أن تكرار الدخول إلى الرابط، يعطي الخيارات ذاتها، من المحاولة الأخرى إلى ربح التشريجة ذات الدولارات الأكبر. وهذه الخيارات موحّدة في حال كان خطّ المشترك تاتش أو ألفا.
نفي تاتش وألفا
رغم أن العرض مغرٍ، إلاّ أنه غير صحيح. وتفيد مصادر في تاتش وألفا خلال حديث لـ”المدن” أن هذه العروض خادعة “وليست المرة الأولى التي يصار إلى استغلال الشركتين في عروض مماثلة”. وتدعو المصادر المشتركين إلى “اعتماد القنوات الرسمية لإعلام الزبائن بكل الخدمات والعروض، وهي الموقع الإلكتروني والتطبيق الخليوي والرسائل القصيرة ومركز الاتصال Call Center”. وتأسف المصادر إلى أنه لا يمكن للشركتين تتبُّع هذه الروابط، ولذلك من الضروري على المشتركين عدم التجاوب معها، واعتماد القنوات الرسمية للشركتين فقط.
قراصنة ومحاولات اختراق
هذه العروض ليست جديدة، لكنها تكثر في المرحلة الحالية نظراً للظروف التي يمرّ بها لبنان على المستوى الأمني والاقتصادي والتي تشجِّع على الاختراقات سواء من قِبَل قراصنة أو العدوّ الإسرائيلي. وتشكِّل فترة الأعياد مناسبة جاذبة لضحايا الروابط الإلكترونية الخادعة “ولكيّ يصل المخادعون إلى هدفهم بسهولة، يستعملون أسماء شركات معروفة، مثل شركتيّ الخليوي”، وفق ما يقوله مدير برنامج الإعلام في منصة “سميكس” Smex المعنية بحماية حقوق الإنسان في الفضاءات الرقمية، عبد قطايا، الذي يوضح في حديث لـ”المدن”، أن استغلال المناسبات وصل إلى المساعدات الإغاثية في الحرب إذ “انتشرت روابط تطلب من النازحين تعبئة استمارات تتضمَّن معلومات شخصية، وتبيَّنَ أنها روابط مزيّفة”.
ويوضح قطايا أن الرابط “قد يكون عبارة عن فيروس يصيب الحواسيب أو الهواتف الخليوية فيخترقها وينقل بياناتها، فيستعملها القراصنة للابتزاز أو يبيعونها لجهات أخرى. وقد يكون الاختراق من قِبَل العدوّ الإسرائيلي أي جهة أخرى تعمل على جمع البيانات لأهداف محتملة في وقت لاحق”. أما الطلب من المشترك الاتصال برقم هاتف معيَّن فيهدف بحسب قطايا إلى “إعطاء أمر تشغيل لمهمّة معيّنة، قد تكون سحب رصيد الدولارات من الهاتف أو سحب البيانات”. ومع اختلاف الاحتمالات، ينصح قطايا بـ”عدم التجاوب مع هذه الإعلانات والروابط، والأهم عدم الاتصال بأي رقم. وعوض ذلك، يمكن الاتصال على الأرقام الرسمية للشركات التي يُعرّض الإعلان باسمها، أو الدخول إلى الروابط الالكترونية للشركات، والتأكّد من الأمر”.
لبنان اليوم ساحة مفتوحة للاختراقات بمختلف أنواعها، ولتجنُّبها، لا تكفي الاحتياطات الإلكترونية التي تقوم بها الشركات أو الدولة للحماية إذ يصعب تتبُّع أو ملاحقة الروابط الإلكترونية لأن المخترقين يغيّرون الـIP لحواسيبهم، أي الـInternet Protocol وهو العنوان الخاص بكل جهاز، سواء كان حاسوباً أو هاتفاً ذكياً. فهناك برامج خاصة يستعملها القراصنة تقوم بتغيير الـIP بشكل مستمر وعشوائي، فيظهر لدى المتتبِّع بأن الجهاز يُستَعمَل في هذه الدولة معيَّنة ثم يتغيَّر إلى دولة أخرى، وهكذا يستمر التغيير. ولذلك، على الأفراد مهمّة الانتباه لهذه المشكلة وعدم الإنجرار وراء عروض وهمية وأرقام هواتف غير مألوفة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :