قنوات مفتوحة بين قائد الجيش و”الثّنائيّ الشّيعيّ”

قنوات مفتوحة بين قائد الجيش و”الثّنائيّ الشّيعيّ”

 

Telegram

 

في آخر موقف رسمي من الانتهاكات الإسرائيلية اليومية والفاضحة لقرار وقف إطلاق النار تكرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “لفت نظر” لجنة المراقبة لوجوب وقف هذه الخروقات “غير المقبولة”، وذلك بعد 23 يوماً من مواظبة العدوّ على التنكيل بالاتّفاق أمام رعاته اللبنانيين. المفارقة الكبرى أنّ لجنة الإشراف على مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار عقدت اجتماعها الثاني أمس في الناقورة التي لا تزال ترزح تحت حصار إسرائيلي اشتدّت وطأته بعد دخول الهدنة حيّز التنفيذ. في المقلب الآخر، تتحدّث معلومات عن فتح قنوات بين قائد الجيش و”الثنائي الشيعي” في ظلّ فيتو مستمرّ من قبل الأخير لانتخابه رئيساً.

 

 

تقدّم الحكومة أولويّات الموافقة على دفتر شروط رفع أنقاض ما هدّمه العدوّ الإسرائيلي، وتوفير الأموال للهيئة العليا للإغاثة، ومعالجة أزمة النزوح السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، على أولويّة التصدّي لقرار إسرائيل تمزيق اتّفاق الهدنة منذ لحظة بدء تطبيقه.

يَحدث ذلك في ظلّ معلومات تحدّثت عن تأخير مُنظّم من جانب العدوّ لتطبيق مراحل اتّفاق وقف إطلاق النار وتسليم الجيش البلدات “المحرّرة”، بهدف تجاوز مهلة الـ 60 يوماً وإبقاء العدوّ الإسرائيلي “يده طايلة” في كامل جنوب الليطاني، إلى حين التأكّد من انتفاء العوامل التي تحول دون العودة الشاملة لمستوطني شمال إسرائيل، سيّما بعد استقالة رئيس جهاز إعادة الإعمار في الشمال الإسرائيلي من منصبه بسبب صعوبة إقناع المستوطنين بالعودة في ظلّ الظروف القائمة.

تقدّم الحكومة أولويّات الموافقة على دفتر شروط رفع أنقاض ما هدّمه العدوّ الإسرائيلي، وتوفير الأموال للهيئة العليا للإغاثة
انسحاب بطيء

ترفع الوقائع فعليّاً من جدّية هذا الاحتمال. فبعد 23 يوماً من بدء تطبيق الاتفاق وإيعاز العدوّ الإسرائيلي إلى الجانب اللبناني ببدء تنفيذ خطّة الانسحاب وانتشار الجيش من القطاع الشرقي، لم ينسحب العدوّ إلا من بلدة الخيام (بعد تأخير طال نحو أسبوعين) التي انتشرت فيها القطعات العسكرية في ظلّ وجود بقايا لعناصر إسرائيلية، وبدءاً من يوم الثلاثاء من العديسة التي شهدت على سحب جثامين عدد من الشهداء بمواكبة من الصليب الأحمر والجيش الذي لم يدخلها بعد بشكل كامل، مع العلم أنّها تعرّضت لتدمير وتجريف منظّمين كباقي البلدات الحدودية.

 كما يُفترَض أن يدخل الجيش في الأيام المقبلة إلى بلدة الطيبة وكفركلا في القطاع الشرقي بعد الانسحاب الإسرائيلي منهما. وفق الوتيرة الحالية قد يتطلّب أشهراً انسحابُ الجيش الإسرائيلي ممّا بقي من بلدات في القطاع الشرقي والانتقال إلى القطاعين الغربي والأوسط، وليس أسابيع قليلة تفصل عن انتهاء مهلة الـ 60 يوماً.

تُمعِن القوات الإسرائيلية في تفجير منازل في المنطقة الحدودية والتمشيط بالأسلحة الرشّاشة، والقصف المستمرّ بالمسيّرات الذي طال قبل أيام محيط بلدة المصيلح
خرق فاضح

الأهمّ أنّ النصّ الحرفيّ للآليّة التنفيذية لوقف إطلاق النار لا يتحدّث عن الـ 60 يوماً كمهلة إلزامية، بل تأتي في سياق الإشارة إلى أنّ “خطّة الانسحاب ثمّ الانتشار التدريجي للجيش اللبناني ينبغي أن لا تتجاوز 60 يوماً”، فيما الخرق الفاضح للقرار يترجم من خلال إطاحة العدوّ الإسرائيلي للنصّ الآتي: “لن تنفّذ إسرائيل أيّ عمليات عسكرية هجومية ضدّ أهداف مدنية، بما في ذلك الأهداف المدنية أو العسكرية في الأراضي اللبنانية، عن طريق البرّ أو البحر أو الجوّ”.

أكثر من ذلك، تُمعِن القوات الإسرائيلية في تفجير منازل في المنطقة الحدودية والتمشيط بالأسلحة الرشّاشة، والقصف المستمرّ بالمسيّرات الذي طال قبل أيام محيط بلدة المصيلح حيث منزل الرئيس نبيه بري. وأمس تقصّد العدو الإسرائيلي القيام بتفجير منازل وجرفها في محيط مقر اليونيفيل حيث عقدت لجنة المراقبة اجتماعها في الناقورة.

بند الدفاع عن النفس لم يتمّ استخدامه من الطرفين العسكريَّين اللبنانيَّين الموجودين جنوب الليطاني، أي الجيش و”الحزب”
من الجنوب إلى الرّئاسة

بموازاة هذا الواقع، يمكن التسليم بأن لا حَول للحكومة و”الحزب” والجيش ولا قوّة. حتّى بند الدفاع عن النفس لم يتمّ استخدامه من الطرفين العسكريَّين اللبنانيَّين الموجودين جنوب الليطاني، أي الجيش و”الحزب”.

لكن ما هو أعمق بكثير من هذا المشهد الجنوبي الذي تتمّ مواكبته برعاية أميركية مباشرة، امتداده إلى عمق المشهد الرئاسي. فعلى الرغم من كلّ الضجيج الرئاسي، و”عَصف” التداول بأسماء المرشّحين، والغموض غير البنّاء الذي يلفّ مصير جلسة 9 كانون الثاني، تؤكّد معطيات “أساس” أنّ التنسيق بين “الحزب” والجيش الذي يتمّ جنوباً انسحب للمرّة الأولى، وبشكل سرّي جداً، على الملعب الرئاسي.

هذا لا يعني إطلاقاً تبنّي الثنائي الشيعي لترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، سيّما أنّ أحداً من الموفدين أو السفراء لم يُفاتح الرئيس برّي باسم قائد الجيش أو حتّى أيّ اسم آخر. كما أنّ الثنائي الشيعي لا يُظهِر حتى الآن أيّ إشارة إلى احتمال قبوله بقائد الجيش، تاركاً للعقدة المسيحية المتمثّلة برفض جبران باسيل وسمير جعجع لانتخاب قائد الجيش أن تَفعل فِعلها في منع وصوله.

هناك قنوات ضيّقة تعمل على خطّ جوزف عون -الثنائي الشيعي يتمّ من خلالها الأخذ والردّ وتقصّي برنامج قائد الجيش “السياسي” ونظرته للحكومة الجديدة وأعضائها
مع ذلك، هناك قنوات ضيّقة تعمل على خطّ جوزف عون -الثنائي الشيعي يتمّ من خلالها الأخذ والردّ وتقصّي برنامج قائد الجيش “السياسي” ونظرته للحكومة الجديدة وأعضائها والحصص داخلها، ورأيه بقائد الجيش الجديد الذي سيعيَّن بعد تشكيل الحكومة، وغيرها من الملفّات التي تعني “الثنائي” مباشرة.

كان لافتاً في هذا السياق تذكير النائب حسن فضل الله في حديث إلى قناة “الجديد” “بما سبق أن أعلنه الرئيس بري من أنّ انتخاب قائد الجيش يحتاج إلى تعديل دستوري وأنّ ظروف انتخاب الرئيس ميشال سليمان غير متوافرة”.

لا ضغط أميركيّاً

لا نتيجة حتّى الآن أو خلاصات لهذا النقاش العابر للمقرّات. لكنّ المؤكّد حتى الآن، وفق معلومات موثوقة لـ “أساس”، أنّ ما يُحكى عن ضغط أميركي على القوى السياسية لفرض قائد الجيش رئيساً ليس دقيقاً. ولغاية الآن لم تجاهر بالتسمية السفيرة الأميركية ليزا جونسون، أو الوسيط الأميركي آموس هوكستين، أو ممثّلو الدوائر الأميركية الحالية أو “الترامبيّة”، بما في ذلك عضو الكونغرس الأميركي داريل عيسى خلال زيارته الأخيرة للبنان، وهو الذي سبق أن دعا إلى فرض عقوبات على الرئيس برّي “بسبب عرقلته انتخاب الرئيس” إلى جانب النائب الجمهوري دارين لحود…، جميع هؤلاء لم ينطقوا باسم محدّد لرئاسة الجمهورية بمعرض الفرض. لكن تتمسّك واشنطن دائماً بالدور الذي يلعبه قائد الجيش راهناً وفي الفترة الفاصلة عن انتخاب قائد جيش جديد في شأن تطبيق القرار 1701، وهو ما أملى حصول ضغط أميركي علنيّ للتمديد له على رأس المؤسّسة العسكرية.

أمس في مقابل إعلان تكتل اللقاء الديموقراطي بحضور النائب السابق وليد جنبلاط تأييده انتخاب قائد الجيش، أطلّ رئيس تيار المرده سليمان فرنجية مساءً من دون أن يسمّي أي مرشّح، ومؤكداً استمراره في ترشيحه “لكن إذا قرّرت التراجع لا يمكن أن نذهب إلى الجلسة من دون إسم وأنا منفتح”.

كما طالب برئيس “على قدّ المرحلة، وعلى قدّ الموقع”، مشيراً إلى أنّه “لا يريد أن يختلف مع أصدقائه”، قاصداً الثنائي الشيعي.

كان ملفتاً فور إعلان جنبلاط تأييد ترشيح قائد الجيش قول مصادر النائب جبران باسيل عبر محطة “الجديد”: “مش جنبلاط يلّلي بيرشّح عن المسيحيين. هيدا هنري حلو تاني”!

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram