يرجّح الباحث الإسرائيلي عيران ياشيف أن يعمل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على الإطاحة برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في أول فرصة، رغم صداقة سابقة جمعتهما.
في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، يعلّل ياشيف، وهو محاضر في الاقتصاد و علم النفس، ترجيحه بالقول إن نتنياهو، بنظر الأمريكيين، شخصٌ يتطلب “صيانة عالية”، ولهذا السبب سيعمل ترامب على إزاحة نتنياهو من سدّة الحكم عاجلاً أم آجلاً.
وطبقاً لهذا الباحث الإسرائيلي، سيتصرف ترامب بهذه الطريقة لاعتبارين اقتصاديين: الأول هو أن ترامب يرى في نتنياهو شخصاً يتطلب “صيانة عالية”، فحتى الآن حصلت إسرائيل من واشنطن على نحو 18 مليار دولار كمساعدة عسكرية في السنة الماضية، منوّهاً بأن ترامب يفكر ويقول إنه لا يريد توظيف أموال أمريكية، لا في أوكرانيا، ولا في إسرائيل، كما يقول إن الاستمرار في دفع الأموال في الشرق الأوسط ليس مطروحاً على جدول أعماله.
أما السبب الثاني، فهو أن ترامب يرغب، بشدّة، في التوصّل إلى اتفاق مع السعودية يجعله ثرياً هو وعائلته، مثلما حدث في اتفاقات أبراهام، فيما الشرط السعودي لمثل هذا الاتفاق هو دولة فلسطينية، لكن نتنياهو وشركاءه من اليمين أقسموا على معارضةِ إقامة دولةٍ فلسطينية، والسعوديون سيطالبون برأس نتنياهو.
هل لدى ترامب أيّ التزامات إزاء نتنياهو؟
متقاطعاً مع المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، الذي قال إن ترامب يهتم أولاً بمصالح ترامب، ولذا فإن احتفالية اليمين الصهيوني بفوزه مبكرة، يتساءل ياشيف: هل لدى ترامب أيّ التزامات إزاء نتنياهو؟ الجواب برأيه هو “كلّا”. ويضيف: “لقد حقد ترامب على نتنياهو بسبب علاقته بجو بايدن. والآن، بعد أن تحرّرَ من اعتبارات الانتخابات، لم يعد هناك أيّ أهمية للوعود الانتخابية. وفي جميع الأحوال، لن يُنتخب ترامب لولاية ثالثة. علاوةً على ذلك، يقلّل ترامب، ظاهرياً، من إظهار عدائه وعداء عائلته للسامية، لكن سياسة والده في تأجير الشقق في نيويورك كانت طافحة بالعداء لليهود”.
ويتساءل ياشيف عن الطريقة التي “سيطيّر” بها ترامب نتنياهو، ويجيب: “في تقديري، هناك طريقتان: الأولى، أن يرسل رسالة إلى الأحزاب في إسرائيل، وعلى رأسها الأحزاب الحريدية، مفادها أن نتنياهو “أنهى مسيرته المهنية”، وهم سيفهمون ذلك بسرعة كبيرة. والطريقة الثانية، استخدام الضغوط المالية، العصا والجزرة، على نتنياهو والليكود، وعلى قوى أخرى”. مرجحاً أن يكون لمثل هذه الخطوة تداعيات مختلفة، إذ ستقدم مساعدة كبيرة للديمقراطية الإسرائيلية وأمن إسرائيل، علماً أن نتنياهو هو المسؤول المباشر عن أكبر أزمة في تاريخ إسرائيل، وسيذكره التاريخ بأنه من أكثر الذين خربوا الشعب اليهودي من الداخل.
المحرّض على قتل رابين
وبرأي هذا الباحث الإسرائيلي، لم يكن نتنياهو زعيماً جيداً قط، بل كان السياسي الذي نجح أكثر من الجميع في البقاء في منصبه لأنه اعتاد توزيع الوعود، ونسب الفضل لنفسه من دون أيّ علاقة بالواقع (على سبيل المثال، ازدهار قطاع الهاي-تك لم يكن بفضله، لكنه تباهى به). ونظراً إلى نجاحه في التهرّب من تحمُّل المسؤولية عن الإخفاقات، حتى قبل 7 أكتوبر (فقد كان هو المسؤول عن التحريض الذي أدى إلى اغتيال رابين).
ويقول أيضاً إنه، بمرور السنوات، ازدادت تطلّعاته الاستبدادية، وأصبحت الفضائح والافتراءات أشد شراسةً، وازداد التأثير السيئ لعائلته والمقربين منه، وأصبحت نرجسيته مَرَضية. هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى، فإيران وأذرعها منتبهون لتراجع التأييد الأمريكي لإسرائيل، ومجيء زعيم أمريكي هو صديق فلاديمير بوتين يساعد إيران.
ويخلص ياشيف للقول إن الذين سيخلفون نتنياهو سيواجهون ظروفاً جيو-سياسية صعبة، إذ سبق أن تسبّبَ ترامب بضرر إستراتيجي عندما ألغى الاتفاق النووي مع إيران. ويمكن أن تكون الأضرار المستقبلية أخطر بكثير.
نسخ الرابط :