كتب رشيد حاطوم
إمتلك إرادة الحرية والتحرر وصلابة الموقف وعنفوان الروح في حياة نال فيها الحسنيين الإنتصارات والشهادة فكان استثنائيّ المواقف: لم يحيا حياته كباقي الأحياء ولم تكن ذكرى رحيله كذكرى الأموات...
40 يومًا مرّوا، لم يغب فيها للحظة ولن يغيب وإن مرّ ألف دهر ودهر فإنه من الأموات الأحياء.. 40 يومًا لم تجعل منه ذكرى رحيل أو غياب ..فالخبر لم يكتمل والتشييع لم يتمّ ولا يزال السيد ماضٍ فينا .. بأرواحنا، بمواقفنا، حيّ في أعماقنا ببسمته وحيّ في جفن الخلود يرعب الظلم بنور إنسانيته ونصره للضعفاء .
هو القائد القدوة وامتداد للحقيقة المطلقة بالتحرر وكسر القيود ومحاربة الظالمين في زمن لم يبقَ فيه من الإنسانية سوى بضع نصوص في كتب قانون دولية واهية يشدّك غلافها لكنها بلا حياء وبلا جدوى..
هو الكلمة الحق في زمن الإعلام الأسود، والنفوس الضعيفة والجيوب الممتلئة فكان السيف والأمل والحرف الممنوع من الصرف في الدفاع عن فلسطين وعن مقدسات فلسطين فكان النبض الناطق بالحرية والمقاومة رغم آلاف الحكومات العبيدة الصّماء.. لربما وإن أمعنّا التفكير لوجدنا أن هذه الطريقة الأكثر قدسية لرحيله.. ثلاثة وثمانون طنًّا من المتفجرات لأنه بتلك العظمة، جبلًا من المواقف والهمم... ثلاثة و ثمانون طنًّا من المتفجرات للقضاء على ثلاثة وثلاثين سنة من النضال والكفاح والخطابات التي تلامس القلب والروح والعقل والإنسانية ...
ولربّما احتجنا بالفعل لآلام النزوح ، للتهجير، لهمومنا، لصمت الدو كلها ، للحرب، للإنشغال كي لا نتألّم أكثر، كي نوقن أكثر معاني "لا للإحتلال" لكل ما حمله نداء "لبّيك" لكي نتأكد أن السيد لم يرحل ولن يرحل ... لن يرحل ما دام يقف شاب على هذه الأرض الطيبة ليدافع عنها باستبسال، شابّ منتصب القامة ترتعد الأرض من وطء قدمه يدافع عن الضعفاء المتخاذلين من الداخل والخارج..
لم يرحل السيد ولن يرحل ما دامت تلك اللأنثى تهب أغلى ما تملك في سبيل ذرة تراب من هذه الأرض، وذاك الطفل يرافق جدّه إلى أرضه، يشارك في قطف الزيتون ويستمع لأخبار الإحتلال والتحرير ويبتسم كلما استمع لروايات ولّى فيها زمن الهزائم وجاء فيها "زمن الإنتصارات"...
40 مرّت وما سقطت راية الحق، ولن تسقط وإن مرّ ألف أربعون فالحقّ يسطع كل صباح مع نور الشمس..
لن يغيب، لن يرحل، وسيحتفل معنا في كل انتصار وسيصلّي معنا في القدس، ونحن الذين رفعنا القدر رتبة بأن عشنا في زمنا وأيامه وآمنّا بمبادئه.... سيسمع زغاريد النسوة مع تحرير فلسطين، سيحارب على الجبهات بابتسامته المعهودة وثقته المطلقة بالمقاومة مع كل طلقة بندقية ومع كل "الله أكبر" حتى النصر الأخير... وحتى النصر الأخير بكل الروح "لبيك!
نسخ الرابط :