قصة وزارة الكهرباء والعتمة أصبحت مثل حكاية إبريق الزيت، التي تعرف كيف تبدأ، ولا أحد يعلم متى تنتهي. وتحولت وقائعها إلى وصمة عار على جبين كل مسؤول في المنظومة السياسية الفاشلة والفاسدة، والتي لا تتوقف عن ذرف دموع التماسيح، على المآسي التي يعيشها هذا الشعب المغلوب على أمره.
العتمة أصبحت أحد أبرز رموز الدولة الفاشلة التي سقط فيها لبنان مع مافيات السلطة والمال، التي إستباحت كل المبادئ والقيم، لتُراكِم الثروات الحرام بالمليارات، على حساب لقمة عيش اللبنانيين، الذين إنحدرت أكثريتهم الساحقة تحت خط الفقر، بعدما نُهبت أموالهم في البنوك، وضاعت تعويضاتهم في إنهيار عملتهم الوطنية، بسبب تواطؤ وجشع مافيات السلطة والمصارف.
الفصل الحالي من العتمة لا يختلف كثيراً عن الفصول السابقة. الشحنات العراقية تأخرت، بعد تأخر سداد الدفعات المستحقة على لبنان، صراع المافيات عطّل عملية شراء كمية من الفيول والغاز الطبيعي من السوق، ووزير الكهرباء الألمعي، يريد دعم وموافقة رئيس الحكومة، دون أن «يتنازل» عن موقفه السياسي الخائب، ويحضر جلسات مجلس الوزراء!
ولم يكن ينقص مسرحية العتمة السوداء، إلاّ البيروقراطية القاتلة، وسياسة النكايات المحتدمة، بين رئاسة الحكومة ورئيس التيار الوطني الحر، الذي يسيطر على قطاع الكهرباء منذ أكثر من ١٥ سنة. فقد تم دعوة مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان للإجتماع لإقرار الترتيبات الإدارية لعقد صفقة فيول على عجل، ولكن غياب رئيس المجلس كمال الحايك في الخارج، قضى بأن يكون الإجتماع برئاسة الأكبر سناً، ولكن العضو الثالث في مجلس الإدارة كريم سابا، المنتسب للتيار الوطني، طيّر النصاب. بحجة عدم تمكنه من الحضور بداعي المرض، ولكن نتيجة ضغوط سياسية وحزبية تعرض لها، لتعطيل الصفقة التي كانت ستتم لمصلحة طرف سياسي آخر!
ولكن الغضب الشعبي دفع المعنيين إلى إعادة النظر بمواقفهم التعطيلية. فكان أن عقد مجلس الإدارة جلسته المنتظرة أمس، بعد تأخير ثلاثة أيام، وإثر حصول العتمةالكاملة!
صراع ديوك السياسة ومافيات المولدات على مزابل المال والصفقات لا يُقيم أي وزن لمصالح البلد، ولا يأخذ بعين الإعتبار الضرورات الأساسية الواجب توافرها لمواجهة هذه الحرب المشتعلة في الجنوب، والتي يمكن أن تتمدد في أية لحظة إلى عمق الداخل، الأمر الذي يستوجب إستنفار كل الطاقات لتأمين ما أمكن من مقومات الصمود الوطني.
الزيادات العشوائية المتتالية لتعرفة الكهرباء، والتي أصبحت تُجبى بالدولار لم تشفع للمواطن اللبناني بإبعاد العتمة عن حياته اليومية، التي تحولت إلى جحيم لا يُطاق في هذه الدولة الفاشلة.
لا أدري لماذا لا نتوقف عن سداد فواتير الكهرباء بالكامل حتى يعود التيار إلى بيوتنا ومؤسساتنا ١٢ ساعة على الأقل؟
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :